على الرغم من ذلك فإن من الاستحالة النظر إلى لوحات لين الضخمة النمطية الأزهار، التي لطالما غطّت مساحات هائلة من أرضيات المعارض وساحات المتاحف وأرصفة التزلج، فضلاً عن العديد من اللوحات الزيتية الرائجة، من دون أن يُرى فيها أثراً من فن البوب.
استعار أحد أوّل أعمال الفنان الناجحة نمطاً أحمر ووردياً لنبات عود الصليب من نسيج تايواني يعود لمرحلة الستينيات، قبل أن يصار إلى تكبيره ليأخذ مقياساً معمارياً، ويستخدم ليغطي الأوتريوم في متحف الفنون الجميلة في تايبيه أثناء البينالي عام 2000، وعلى غرار صور وارهول للمشاهير؛ فإن هذا العمل كان نوعاً من التصوير الشعبي الذي أُعيد تخيله بدرجة من جمال نابض أخاذ، ومثل منحوتات كليس أولدينبرغ؛ انتقل العمل من أصله المألوف من خلال تضخيم بسيط للحجم، كما رسم لين أيضاً لوحات زيتية كبيرة صيغت على هيئة رسومات ملصقات السجائر والبيرة التايوانية وجواز سفره.
وإذا كان جيمس روسينكويست قد قال مرة إنه يبحث عن صور للوحاته في تلك المشاهد التي (تكون مألوفة إلى درجة أنها لا تثير الانتباه)، فإن بإمكان لين قول الشيء ذاته بكل يسر.
صبّ لين اهتمامه على الجمال المألوف، لأنه وجد هويته الثقافية التايوانية الخاصة ضمن اليومي الاعتيادي، وخلافاً لفن البوب في الستينيات فإن أعمال لين لا تأتي رد فعلٍ على ثقافة الميديا، إذ لم يقصد يوماً أن يكون ساخراً أو منفصلاً عن الواقع، فأعماله الأولى اتخذت في أغلبيتها شكل الأقمشة التايوانية التي تعود إلى الستينيات، حيث اختارها لأنها كانت جزءاً من لغة ثقافية آخذة بالاندثار، وبدل نزع تلك الأنماط من سياقاتها كما هي عادة فناني البوب؛ فقد أعادها لين إلى السياق، معلقاً إياها كستارة فوق فنون معمارية، وحتى لو لم يكن الأصل التايواني لتلك الأنماط واضحاً، فإن من الصعوبة ألا يلاحظ أحد دقائقها الثقافية، والنتيجة بلوغ تلك الأعمال درجة من الضخامة والجمال أرغمت الجمهور على التفاعل الشديد معها.
انتقل لين بعد ذلك إلى استكشاف أنماط أقمشة تشيع في أجزاء أخرى من العالم، وإذا كان المغاربة يرون أن لكل سجادة قصة ما، فإن لين غدا باستخدامه تلك الأنماط مبدعاً لقاءاتٍ نابضة حية بين التاريخ والصورة.
يمكن للمرء أن يطلق على فن لين (البوب ما بعد الكولونيالي)، بما فيه من مزيج من قضايا هويّة، وصور مستوحاة، وحساسيّات تجاريّة حيّة برّاقة، ولا شكّ أنّ لين ليس وحيداً في اتباعه تلك الوصفة الفنية، على الرغم من أنه أكثر رهافة من البوب السياسي، إذ هناك الفنان الصيني وانغ غوانغي المشهور بجمعه بين شعار الكوكاكولا والبروباغاندا الماويّة.
كسب معرض لين الأخير الذي استضافته صالة عرض إسليت في تايبيه سمعة غير مألوفة، وكأنه احتفالية بالفنان آندي وارهول في صالة عرض غاغوسيان، وقد ظهرت سلسلة (من دون عنوان)/2012؛ غاية في الجمال، وهي عبارة عن مجموعة من الأنماط الزهرية الفضية على أرضية بيضاء، لكن إذا كان الجمال نصراً في الأزياء، فإنه قد يكون جريمة في الفن.
صحيح أن أسلوب لين هنا جاء أكثر أناقة مما مضى، لكنه كان على حساب الدفء والرهافة والانفتاح التي تتسم بها أعماله السابقة، فعمل (بلا حدود)/2011؛ وهو عبارة عن غرفة مطليّة بالكامل بنمط أزهار حمراء وصفراء على أرضية ورديّة، أعاد إلى الأذهان كلاً من مطبوعات الأزهار للفنان وارهول من الستينيات، وأزهار تاكاشي موراكامي المبتسمة في بهجتها الاعتيادية.
وثمة سلسلة من اللوحات الكرتونية لأشياء يومية مثل ساعة منبّه، بندقية، مكنسة كهربائية، احتوت جميعها على حروف صينية وأخرى رومانية، ظهرت وكأنها بطاقات تعليمية، وخلافاً لما اعتدناه مع لين؛ فإن الناتج بدا ساذجاً.
يبقى لين في أحسن أحواله حين يعمل في العمارة، حيث يتضخم نمط ما، لوسادة أو لغطاء سرير، فيصبح البيئة كلها، وإن أثر ذلك يكون ثورياً وفاتناً حقاً، لكنه حين يرسم لوحات زيتية لتعلّق في صالة عرض؛ فإنّ فنه غالباً ما يخسر لحساب الغاية من المادة المعروضة، وحين يحدث هذا فقد يصبح لين مجرد مادة تزيينية.أعمال اوالبلفنان أ