P
R
E
V
N
E
X
T

NGUYEN MANH HUNGGo To Market, 2013. Wood, nylon bags, plastic fruit, metal tubes, cotton, 220 × 400 × 60 cm. Photo by Bui The Trung Nam. Courtesy the artist and Galerie Quynh, Ho Chi Minh City.

المقياس البشري وما وراءه: التجربة والتعالي

Galerie Quynh
Vietnam
Also available in:  Chinese  English
قدّم الفنان الفيتنامي نغويين مانه هانغ في معرضه الفردي الأول (كوكب واحد) الذي احتضنته صالة عرض كوينه بمدينة هُوْ شي منّه اختيارات جريئة ومرحة لأعمال ثلاثية الأبعاد جديدة، وقد جاء المعرض دليلاً على النضج الجمالي للفنان السريالي الذي ما فتئت أعماله اللعوبة المشبعة بالمفارقة تثير المشهد الفني المعاصر في فيتنام، إضافة إلى حضورها البارز دولياً.

عرض (كوكب واحد) مكوّن من 4 إنشاءات تعدّ استكمالاً لأعمال سابقة ثنائية الأبعاد، تركّزت حول افتتان هانغ بالطائرات الحربية متأثراً بوالده الذي كان طياراً، والفنان المولود عام 1976 بعد عام من انتهاء الحرب الأمريكية الفيتنامية نشأ ملاحِظاً آثار الحرب على الحياة اليومية، ومعلّقاً عليها في لوحاته، وكفنان متعدّد الاتجاهات غدا هانغ مهتماً بالأنماط النحتية باعتبارها وسيلة للتعبير عن مفاهيم ثلاثية الأبعاد مصدرها لوحاته السابقة، والفنان الذي لا يخجل من تقديم سخرية بصرية تعكس حس دعابته؛ ففي أحدث إنشاءاته قدّم بيئات ضخمة تجاورها تهريجات تشير ببراعة إلى الواقع القومي والثقافي في فيتنام.

الإنشاءة الأولى (اذهب إلى السوق)/2013؛ ضمّت أمثلة بارزة من الثقافة الفيتنامية، وهو ما أنتج نهايات ممتعة، حيث جسّد العمل العناصر العسكرية الأساسية في أعمال هانغ، فقدّم طائرة صغيرة تحمل أكياس فواكه بلاستيكية، بدت الطائرة وكأنها انطلقت من الجدار الأخير في الطابق الأول من صالة العرض، وفي إشارة إلى الدخان المنطلق من عادم الطائرة شكّل منحنى قطني الهيئة، أما الفواكه التي وضعها مكان انطلاق صواريخ المقاتلة المعادية فتعكس صداماً جغرافياً غريباً، لكن فهم الفنان لحضورها الخاص في المجتمع الفيتنامي واضح لا يخفى، وقد حفر هانغ الرقم 6776 على الطائرة المقاتلة في إشارة إلى عيد ميلاده، إشارة شيطانية تخلّد نشأته تحت تأثير سلاح الطيران والأسواق اليومية.

قد تكون أكثر إنشاءات المعرض سطحية (كنت هنا)/2013؛ وهي لوحة زيتية رسمها هانغ في شوارع هانوي، حيث يقوم بتنميق عدد من اللوحات الاعتيادية المبتذلة بهدف بيعها للسياح، والإنشاءة مكونة من 6 لوحات أطلق عليها هانغ اسم الذوق الرديء، وهي تصوّر جزءاً من تيار مياه عذبة مندفعة باتجاه حافة نهر بمحاذاته روابٍ معشوشبة وأشجار وارفة، وقد جاء ذلك في لوحة مفرطة الحيوية ركّب عليها هانغ شخصية شرطي فيتنامي وضع يديه خلف ظهره، قابضاً على عصا طويلة تشي بالعنف، كما تشي ذقن الشرطي المرفوعة قليلاً نحو الأعلى إلى الغطرسة، وبينما يهزأ الفنان بالبهرجة التي تغلّف لوحات المناظر الطبيعية في هانوي، فإنه يسخر أيضاً من شخصيات السلطة، إذ يغدو الشرطي مادة للتهكم، وذلك من خلال السخرية من إحساسه الزائف بالسيادة، والمتمثلة بوجوده الخاطئ في ذلك المشهد الطوباوي النافر.

وإلى جوار زاوية في الطابق العلوي من صالة العرض رأينا (حافظ على نظافة كوكبي)/2013؛ الذي يواصل هجاء السلطة بالحدة المعروف بها هانغ، فعلى صخرة تشبه النيزك مصنوعة من الطين والصمغ، تبدو وكأنها معلقة في الهواء؛ وقف 5 أشخاص يمثلون شرطة مكافحة الشغب، وقد طبع الرقم 6776 على ملابسهم، وبدوا أنهم يضربون خنزيراً مقموعاً، وهنا يوفر الصخر الخام فضاء خشناً يؤكّد حالة الانصياع وسهولة الانقياد العبثية البربرية لوحدات عمل المجتمع.

بدا ختام معرض هانغ أكثر تأثيراً بعمله (المتراس)/2013؛ وفيه فُرشت أكياس رمل خيشية ديوراما كبيرة تمثل مبنى سكنياً سوفيتي الطابع على غرار الأبنية الحضرية التي امتلأت بها هانوي بين الستينيات والثمانينات، وقد امتدّت الديوراما على طول الجدار الخلفي لصالة العرض، فظهر الناتج بهيئة مدينة صفيح تحولت إلى قلعة، في إشارة إلى نمط الحياة المكتظة لمجتمع فيتنامي يراه هانغ مضطهداً بصدمة الحرب بشكل مجازي.

تشكّل مفارقة مجتمع يعيش حياة قرويين ريفيين في وسط حضري موضوعاً متكرراً في أعمال الفنان ظهرت بداياتها في (العيش معاً في الجنة)/2011؛ وهو نموذج عمودي ارتفاعه 3 أمتار لمبنى سكني في هانوي.

إلى جانب الحفاظ على المواضيع العسكرية التي برزت في أعماله المبكرة؛ مارس هانغ درجة أكبر من الحرية في ذلك المعرض، وذلك من خلال تحويله مفاهيم سابقة إلى إنشاءات صاخبة ثلاثية الأبعاد، عابقة بشكل الحياة الفيتنامية.

ويكثر الفنان في أعماله من الإحالات اللماحة إلى نشأته في هانوي، ويؤوّل الحياة تأويلاً مباشراً وصريحاً، في محاولة لنقل الجمهور إلى عالم يظهر فيه كل شيء على حقيقته العارية بفضل سخرية هانغ اللاذعة.