P
R
E
V
N
E
X
T

MONA HATOUM, Present Tense, 1996, soap and glass beads, 4.5 × 299 × 241 cm. Installed at Anadiel Gallery, Jerusalem. Photo by Issa Freij. Courtesy Anadiel Gallery.

الزمن الحاضر

20/20

Israel Palestine Lebanon
Also available in:  Chinese  English
كانت الفكرة الأصلية لمنى حاطوم من أجل إقامة معرض فني في صالة عرض أناديل في القدس قد وضعت في إطار محدد، فأرسلت إليّ طلباً لأحصل لها على منحة من المجلس الثقافي البريطاني ما أجل إقامة جدارين متحركين متقابلين، يفصل بينهما حوالي متراً واحداً، يمتدان من مدخل صالة العرض وحتى نهايتها، وذلك من أجل تكوين ما يشبه الممر الذي تُغطيه المسامير الموجودة على سطحي الجدارين الداخليين بشكل كامل، فتبرز نتواءات المسامير بنهاياتها المدببة في ذلك الممر.

كان لا بد أن تكون تلك المسامير لامعة وطويلة، وبذا يظهر المشهد من بعدٍ أنه سطح معدني يُغطي المدخل كاملاً.  لكن وبالطبع عندما يقترب الشخص منجذباً إلى تلك الأسطح المغرية؛ فسوف يجد ذاته وكأنه عالق في فخ داخل منظور طويل لا يبعث على الشعور بالراحة في ممر ضيق؛ يرافقه الخوف من هذين الجدارين المكسوين بالمسامير ذات النتوءات الحادة التي توحي بأنها ستُغلق في نهايتها. لذا أقتنعنا أنا ومنى بأن هذا المشروع سيكون أفضل ما يمكن أن يُقدم في صالة أناديل.

في مارس/ آذار من عام 1996 وصلت منى إلى القدس لنصب العمل وإعداده، والذي كان من المقرر عرضه في شهر نيسان/ أبريل، وقضينا الأسبوع الأول بأكمله تقريباً في العمل على الجوانب الفنية لبناء الجدارين على طول مدخل الصالة بمساعدة رانيا ستيفان، وتثبيت المسامير عليهما في أماكنها المحددة بدقة.

كانت منى تقطن في الفندق الذي يقع خارج أسوار المدينة أمام بوابة دمشق، وللوصول إلى صالة العرض التي تقع عند البوابة الجديدة؛ كان عليها السير عبر السوق في المدينة القديمة من الفندق وإليه، وكانت كل يوم تلتقط بعض الأشياء من السوق، ولعل أهم شيء اشترته يوماً ما هو قالب من الصابون النابلسي.

في ذلك الوقت زارت منى جورج خليفي (شقيق صانع الأفلام ميشيل خليفي) بمكتبه في القدس، وقد عُلقت على أحد جدران المكتب خارطة اتفاقية أوسلو التي وقعها ياسر عرفات عام 1993.

عندما التقينا لاحقاً ذلك اليوم؛ قالت لي: (لقد رأيت تلك الخارطة وتساءلت: ما هذا بحق الجحيم؟ وكيف يمكن أن يحدث ذلك؟ من ذلك المجنون الذي رسم تلك الخارطة؟ أنا أيضاً أريد أن أرسمها!)، ومن هنا وُضعت جانباً جميع الخطط، والعمل على الجدران ومشروع المسامير بالكامل، وبدأت التفكير بكيفية رسم تلك الخارطة، وبماذا.

كان الصابون النابلسي يحمل الإجابة لها، وقد قررت أيضاً أن تجلبه من نابلس ذاتها، وأن  يأتي مباشرة من المصنع الذي ينتج ماركة “الجمال” التجارية، تلك التي تذكرها منى منذ طفولتها. أجرت منى حسابتها، ووجدت بأنها بحاجة إلى حوالي 2200 قالباً من الصابون تكفي أبعاد الخارطة لتناسب مساحة أرضية صالة العرض. وضعت تخطيطاً متعامداً على الخارطة لتسهيل تتبع خطوط الحدود للمناطق المبعثرة وغير المترابطة التي أُجبر عليها الفلسطينيون بموجب اتفاقية أوسلو. وكانت تنوي رسم تلك الخطوط بالصابون والمسامير، إلا أنها كتبت لاحقاً أن ذلك الترتيب (سيبدو عدائياً جداً وحزيناً)، وبدلاً عنه اختارت مجموعة مكونة من آلاف حبات الخرز الزجاجية الحمراء الصغيرة التي كانت قد اشترتها أيضاً من السوق، ثم غرزتها على سطح قوالب الصابون البيضاء العاجية. وعلي القول إن العمل الذي دأبنا عليه خلال أسبوع قبل الافتتاح كان شاقاً وممتعاً بذات الوقت.

ذلك الأسبوع كان الطقس بارداً، ولم تكن صالة العرض مزودة بتدفئة. كنت للتو قد انتقلت إلى محلٍ كان لتجليد الكتب تعود ملكيته لوالدي، بعد فقدِ فرصة تأجير صالة العرض السابقة الخاصة بي في الحي الراقي في شارع صلاح الدين شرق القدس، وهو مركز المدينة التجاري.

على الرغم من البرد كانت رائحة الصابون المنعشة تملأ المكان بشعور حنين دافئ يذكّر بالحمامات الساخنة التي كانت تحضّرها لي والدتي خلال فترات البرد أيام الشتاء. قطعةٌ فقطعة ارتسمت تدريجياً الخارطة بقوالب الصابون والخرز الحمراء حتى ملأت مركز صالة العرض، وحالما بدأت الصورة بالتبلور، خيمت علينا فجأة فكرة حزينة، حيث أن ما يبدو رقيقاً ونقياً جداً الآن؛ يحمل أيضاً نوعاً من الشعور المزعج، وكأن شيئاً غير طبيعياً برز على سطح الصابون، وقد فسرت منى خطوط الخرز تلك بأنها مثل الأميبيا (التي تشبه مرضاً ينمو ويتكاثر على سطح الصابون)، فما كان في السابق رمزاً للنظافة والنقاء؛ أصبح الآن بشعاً وغير قابل للمس.

بالنسبة لي بدأت أفكر أن هذا التحليل منطقياً، خصوصاً بالنسبة لفكرة فلسطين التي كانت متمثلة بالخارطة التاريخية التي نعرفها جميعاً وبشكل جيد، والتي عمد البعض على وشمها على صدورهم، الآن تهشمت تلك الخارطة وأعيدت صياغتها حسبما تمثله نصوص الاتفاقية التي أقيمت بين منظمة التحرير الفلسطينية وحكومة إسرائيل.

وما أشعرني بالحزن أكثر هو إحساسي أن هذا هو الهدف الحقيقي لإسرائيل، بعدما عانت من خسارة كبيرة في المجتمع الدولي خلال الانتفاضة الأولى، وهو فصل الشعب الفلسطيني عن بعضه، وتقسيمه إلى مجاميع، وإلزامهم بمناطق محددة مسيطر عليها، وقد أوهموا الناس بشعور غير حقيقي بالسلام.

شعرت أن إشارة منى إلى عدم استدامة اتفاقيات كان من خلال استخدام الصابون كونه مادة قابلة للتلف، كان فكرة ذكية وصفعة على وجه الذين كانوا يتوهمون بأننا كنا على الطريق الصحيح باتجاه السلام، وعندما سئلت منى خلال افتتاح المعرض عن رأيها بشأن اتفاقية أوسلو والخارطة؛ أجابت “وهنا أقتبس”: (بهذا الصابون غسلت يدي من هذا الشأن"، وقد سأل أحد الزوار منى: (هل رسمت الخارطة بالصابون لأنه عندما يذوب لن نجد أياً من تلك الحدود الغبية؟)

ومع ذلك فإن الزمن الحاضر لم يبتعد عن جدلية الاستفادة من الصابون كمادة فنية للعمل الفني في مكان ما من حضور الإسرائيليين المتشددين الذين تعلق في ذاكرتهم من المحرقة قطع الطابوق وقذائف الهاون كجزء من هويتهم.

وخلال الندوة الثقافية التي نظمتها في مركز الواسطي للفنون شرقي القدس؛ وقدمَتْ منى عرضها الفني، وتحدثت عن مجال عملها، قام فنان إسرائيلي من بين الجمهور ليسألها بنبرة اتهامية عن سبب استخدامها الصابون، سيما وأنها تعرف صلته بالمحرقة. تداركتُ حينها ذكرياتٍ في بالي، ذلك أنني كنت على علم بهذا، ففي البدايات (عام 1970) كان أبي قد أخذنا إلى نصب المحرقة التذكاري، وهناك قرأت أن الصابون صُنع من شحوم اليهود؛ ضحايا معسكرات الاعتقال.

في ذلك المتحف، كانت هنالك صور لقوالب صابون، وقد طُبعت بشعار يحمل الأحرف RIF، ما يشير إلى أنها صُنعت خصيصاً من شحوم اليهود، لكن بالنسبة لنا نحن الفلسطينيون هذا لا يمت لتاريخنا ولا لأرواحنا بِصلة.

كان سؤاله أو ملاحظته مشوبةً بروح الصدام والتهييج، لذا أجابته منى ببساطة وبصدق: (لا.. لا علاقة لذلك على الإطلاق)، وأضافت: (لا يمكنني التفكير بذلك أبداً، تلك القراءتين للعمل الفني تمنحك فكرة عن الخلفيتين الثقافية والتاريخية المختلفتين جداً لثقافتين تحاولان التعايش معاً).

为向英国文化协会申请资助,Mona Hatoum把在耶路撒冷的Anadiel画廊举办展览的初步计划发给了我。这计划提议筑起两堵相距一米、平行而立的假墙,从画廊的入口一直延伸到后方,造出一条走道。突起的钉子布满两堵假墙表面,长长的尖头向内对准走道,闪闪发亮,从远处看,它们就像是覆盖整个画廊入口的光亮的金属表面。当然,人们被那诱惑的闪光吸引而走近时,他们将发现自己身处一个陷阱之中——走道长而狭窄,充满不安之感,而且可能随时合拢、布满尖锐刺出的墙面也令人胆寒。Mona和我都深信这就是我们在Anadiel展出的最佳项目。

Mona在1996年3月来到耶路撒冷,为预定4月的展出做准备。我们在Rania Stephan的帮助下,花了几乎整整一个星期处理技术方面的问题,如怎样沿着画廊的入口建墙,如何将钉子用精巧的方式固定等等。Mona下榻的酒店在大马士革门前的城墙之外,而画廊在新门之内,每天她都会穿过老城的市集,买些新奇的东西。她所买到最重要的一件物品便是一块納布盧斯(Nablus)产的香皂。

在此期间,她拜访了George Khleifi(电影制片人Michel Khleifi的兄弟)在耶路撒冷的办公室。在那里的墙上挂着一幅奥斯陆协议中所划定的地图,协议是在1993年由阿拉法特不名誉地签处的。当天晚些时候我们见面时,她对我说:“我看见那张地图便想,那是什么鬼东西!怎么会搞成这样?那个画地图的疯子是谁?我也要画一张!”于是,所有关于墙与钉子的计划都被推倒,Mona开始思考她要用什么工具及如何重划那张地图。

納布盧斯产的香皂就是她的答案。她决定直接从納布盧斯产香皂的工厂买来香皂,这工厂的品牌“al-Jamal”是Mona从小就熟悉的牌子。她计算了一下,适合画廊地面大小的地图大约需要2,200块香皂组成。她事先在地图上放置一张网格,以便能描绘出巴勒斯坦的边界线;国家在奥斯陆协议的压力下,退化成的分散星布、互不相接的领土。她最初试图用钉子在香皂上描绘这些边界线,但后来这样她写道:这个安排“看起来有些咄咄逼人和令人伤感”。她又从同集市中买来几千颗红色小玻璃豆,并将它们按进象牙白色的香皂表面上。这一工程我们花了展览开幕前一周的时间完成,虽然劳累,但过程十分愉快。

那一周天气寒冷,但画廊里没有安装供暖系统。说实话,那画廊其实挺简陋的。那个时候,在东耶路撒冷当时著名的城里主要商业街Salah Eddin大街上的画廊刚刚约满,我便搬进原本属于父亲的书籍装订店的老房子里去。

然而,虽然寒风凛冽,香皂的清新气味充盈了整个空间,引起温暖的怀旧心绪,让我想起母亲在寒冬里给我准备好的热水澡。一块一块,带有红色小豆的香皂渐渐充满了画廊的中间。当预定的图画慢慢现实,我们突然想到,原本细致纯洁的东西开始染上不安和困扰,如同非自然的物体覆盖了香皂的表面。Mona形容那些小豆做成的线条为“阿米巴原虫一般,看上去像香皂表面染了病”——原本寓意清洁与纯净的物件,现变得丑陋与不可接触。我开始明白,这一切都与巴勒斯坦的状态联系起来:我们熟知的历史上的疆域,甚至成为有些人胸口画上的纹身,与这个巴勒斯坦解放组织与以色列政府签订的过渡协议,如今这张扭曲零碎的新地图。我突然意识到在这些协商背后,以色列人真正的意图:在第一次巴勒斯坦起义中,以色列的国际地位深受打击,然后他们试图分割巴勒斯坦的人口,将他们限制在一个可控的区域,并用虚假的和平感麻醉他们。我感受到Mona使用香皂这一容易变形的材料来暗指奥斯陆协议的不可持续性的巧妙,也是对那些认为我们正朝着和平前进的人们的一记耳光。在展览的开幕上,Mona被问及对奥斯陆协议和那地图的看法,她说(经我重新组织如下):“用这些香皂,我将从这件事中洗手不干。”一个参观者又问她:“你在香皂上画地图,是否因为当它们溶解后,我们就不会再被这些愚蠢的边界所限了吗?”

然而,“现在式”(Mona 给这作品的题目)使用了香皂作为材料,这也未能免受争议。艺术 品的受众包括强硬派的以色列人在内,而对他们来说,犹太人大屠杀的记忆依然是他们身份认同中不可缺少的部分。在东耶路撒冷al-Wasiti艺术中心里我组织的一场讲座中,Mona展示了她的作品并谈到了她的事业,这时一位以色列艺术家从听众中站起来,质问Mona为何在作品中使用香皂,并认为她肯定了解香皂与大屠杀的关系。我意识到,在记忆深处里我确实知道这件事,那是因为从前(在1970年代)父亲带我去过大屠杀纪念馆,在那里我读到犹太集中营里的受害者的脂肪曾被用于制作香皂。在纪念馆里,也有标记着“RIF”这几个字母的香皂的照片,标示这些香皂是用犹太人的脂肪制成的。但是,对于我们巴勒斯坦人,这既不是我们的历史,也不是我们精神的一部分。这位听众的问题,或其言论,显得十分激动和挑衅,因此,Mona简单而直白地回答:“不,完全没有什么联系。”后来,在一篇文章中她记录了这件事情,她思考道:“我不可能想得那么远。对于作品的这两种不同的解读,让你了解到这两个试图共存的文化体系,其实具有非常不同的背景与历史。”