أواخر صيف هذا العام؛ وبناء على طلب الفنان لياو غوهي؛ تمت تغطية فسحة المعارض لصالة بويرز – لي بصبٍّ من القاذورات. كان هناك رجال صلع بدناء تصاحبهم عشيقاتهم الشقراوات، فيلٌ وضفدع، ديك صغير، شرطيٌّ معه دمية دب وبندقية خشبية، وكتل فوق أجسادهم على أنها رؤوسهم، وسيارات على أنها أحذيتهم، وألسنتهم ممدودة بشعارات شبه مكتوب عليها، يحملون طيارات أو يتعانقون على أراجيح، وفي الوقت ذاته يقذفون ويبصقون في هذا العرض الساخر.

الفنان لياو غوهي البالغ من العمر 36 عاماً، والذي ينتمي لـ"لجيل الجديد" من الفنانين الصينين في مقاطقة هانون التي ظهرت في التسعينيات، يعتبر عراب “الرسم السيء” في الصين، كونه عمل فترة في التلفزيون، شجعه أستاذه الفنان المعروف وانغ زينغوي ليصبح رساماً. معرضه الفردي في لصالة بويرز – لي (موز وباذنجان وباتيه لحوم) قدم 24 لوحة، معظمها كبيرة الحجم ومصنوعة من الإكليريك من عام 2007 وحتى الآن. مع الوقت غدا أسلوب لياو أبسط، ورسومه الجديدة تقتصر على خطوط خشنة على خلفيات غير ملونة.

إلا أن المعاني غير المباشرة للرسومات حقيقةً تكمن في خاصية الخشونة تلك، مثل رسوم الكرتون، فيها جميعاً مباشرة. الخطوط الزرقاء والسوداء التي تصور العدالة (خيوط زرقاء، أكل، دموع، سلاح)/ 2013 بسيطة وعارية، بدون أية تظليلات تخففها أو تغيّرها. في التشكيل قطعة محورية على هيئة رجل محني يبكي نهراً من الدموع التي تنحدر على كفه اليسرى، فيما يقف دب يبتسم وإحدى يديه في جيبه، والأخرى فيها مسدس موجه إلى الرجل، بيده الثانية يضع الرجل دمعة واحدة في كف رجل آخر ممدودة نحوه، وهذا الأخير له كرش وعلى رأسه قبعة، وبيده الأخرى يحتسي المشروب بحركة سريعة. إنه مشهد محزن ومؤلم، مشاعر الرجل وعجزه يتناقضان مع نظرة الدب – الدمية الفارغة، ومع لا مبالاة الرجل الآخر وثمله. يمكننا أن نتصور عدة سيناريوهات ممكنة لتلك الشخصيات الثلاث في هذا العمل، كما هو الحال في أعمال لياو الأخرى، مثل عمله  غير المعنون (أدب، إنسان، منحرف 2، نذل أزرق)/ 2013.

تتنوع الموضوعات التي يتناولها لياو في أعماله، وتتدرج من الحكايات والعناوين البسيطة التي تبدو غالباً وكأنها قصص أو أحداث من الأخبار الحقيقية، ومثال عليها عمله (قتلوا 5 أشخاص وقطعوا شجرة)/2012؛ إلى أعمال تقدم رأيه بصورة عامة بــ"الفن" مثل العملين المترابطين اللذين قدمهما بعنواني (حقيقة الفن هي شخص نذل) و(حقيقة الفن تهبّ برفق)/ 2013؛ في الأول شخص أصلع يرسم بقدمه وهو مستلقٍ، وفي العمل الثاني وهو يقبل امرأة في أرجوحة، وتتدرج الأعمال إلى تصور مباشر لمفاهيم بعينها مثل مفهوم “العدالة” في عمله العدالة (ديك بنفسجي، كلمات حمراء)/ 2013؛ مثلاً، وهو عبارة عن عدد من الديكة المبعثرة بشكل عشوائي لكن جميل، تنقر الأرض. الأحرف الصينية لكلمة “العدالة” مكتوبة بنقط، وتمتد من المنطقة الحمراء المحيطة بعين الديك. حقيقة؛ كلمات من عناوين أعماله تظهر في الكثير من اللوحات، وبهذا ربط للياو بفناني المناظر الطبيعة الصينيين التقليديين الذين كانت من عادتهم كتابة قصائد على رسوماتهم، إلا أن اللغة بريشة لياو تبدو أقرب لغرافيتي صريح، ما يجعل لوحاته تنطق بلغة عامية.

معرض (موز وباذنجان وباتيه لحوم) عرّفنا على ما هو جيد في “الرسم السيء”. إنه “سيء” بمعنى أنه صريح وخشن (بعكس الأنيق المرتب)، لكنه أيضاً ذو صلة بواقعنا، فيه إتقان، ويكسب تعاطفنا، وكأنه رفيع ووضيع في الوقت ذاته. على كل حال القوة في أعمال كهذه سيحددها اختبار الزمن مستقبلاً، هل ستكون قادرة على إلهام الاعتراف بما هو فجّ على أنه أصيل، وبالعلامات الفنية الفجّة على أنها وسيط للحقيقة؟ هنا نرى تقاطع الآراء الشخصية للياو مع التحفظات الاجتماعية والتيارات السياسية. الكانفيس هو مقعد تجلس عليه لوحاته بمؤخراتها الفظة، مثل رجل في الشارع يعلق على موكب الحياة الثرّ وهو يمر قربه. هذه اللوحات تقدم عنصراً هاماً من اللايقين الذي يربطها جميعاً بكل ماهو إنساني.