P
R
E
V
N
E
X
T

AKI SASAMOTOFold Your Way (detail), 2015, Twenty framed inkjet prints, T-shirts and custom table, dimensions variable. Courtesy Harmony Murphy Gallery, Los Angeles.

لا خيار

Aki Sasamoto

Japan USA
Also available in:  Chinese  English

الحياة مليئة بالخيارات. أكي ساساموتو اليابانية المولد والنيويوركية الإقامة؛ فنانة بارعة، مصنوعاتها الجاهزة وعروضها وفيديوهاتها تظهر تفاهة عمليات صنع القرار التي لا تتوقف. وقد أظهرت الدراسات العلمية أن كل القرارات الكبيرة أو الصغيرة منها، هي نتيجة ذات الدرجة من نشاط الدماغ، وهذا دليل ربما على أن المهزلة أو الحماقة خاصتان للنوع البشري. تعرض ساساموتو في معرضها  (لا خيار) في صالة هارموني مورفي في لوس أنجلوس حالات معكوسة، وربما ساخرة، للعديد من الخيارات التي نواجهها في كل يوم من حياتنا.       

في عملها (Fold Your Way)/ 2015 قميص ملون بنصفي كمين، موضوع على ما يشبه طاولة كالتي تستخدم حين ملء الاستمارات في دائرة حكومية. كان الزوار مدعوين لطي القميص، ومقارنة النتائج مع صورة لما يمكن أن يكون عليه، كمؤشر علمي زائف على شخصية الفرد. 

واستمراراً لنظرتها على تعقيدات اختيارات الحياة اليومية عرضت عملها (تحت – فوق)/ 2015؛ حيث لفافتي ورق تواليت على حاملين خشبيين منفصلين معلقين إلى جانب بعضهما على الجدار، إحداهما نهايتها مسحوبة نحو الخلف، بينما الأخرى نهايتها مسحوبة إلى الأمام. ويصور التركيب ما يبدو أنه بسيط، وفي ذات الوقت خياراً صعباً، أي أن اتجاه أوراق التواليت هو في الحقيقة موضوع جدال على نطاق واسع، وله مقالة في ويكيبيديا جنباً إلى جنب مع أحداث تاريخية مهمة.           

أما عملها (Ding/Ding Dong)/ 2015؛ ففيه عدة كراسٍ صغيرة المتشابهة متناثرة حول المعرض، والرسم البياني للعصا على السبورة يدعو المشاهدين للجلوس على الكراسي، من بينها كرسي يطلق أصواتاً تتناوب بين نغمتين.

وكما تقترح الكراسي التي لا يمكن تمييزها، وكذلك النغمتان المتناوبتان؛ فإن خيارات الحياة ربما أكثر محدودية مما يمكن أن نعتقد، وفي الواقع ربما “لا يوجد خيار” كما يعلن عنوان معرض ساساموتو. 

فمن الصعب عليك أثناء الجلوس على الكرسي ألا تشعر قليلاً مثل العصا المجهول في رسم ساساموتو البياني، بدل الشعور بأنك فرد له إرادة حرة. ومن هنا فإن تركيباتها توضح طبيعة القرارات التعسفية التي تشبه إلى حد كبير عجلة حيوان الهمستر المضروب به المثل للحياة.   

عملها (Wrong Happy Hour)/ 2015؛ يبلور بطريقة مرحة رأي ساساموتو بعبثية الحياة التي نعيشها كل يوم، فقد تم تصويره في صالة نيويورك، ويعرضها وهي تعد القهوة، وتلتقط نظارتها، وتنظف الفناء الداخلي. فكل عمل عادي يجري تضخيمه عن طريق مقاطعته، أي أنها تظهر وهي تصب القهوة في نظاراتها، وتضع جسمها في سلة المهملات بعد كنس الأرض، وترتل ساساموتو في مشهد واحد مناجاة حول الرومانسية وما يبنيه الإنسان، بينما ترسم على الجدار بقلم فحم رسماً بيانياً مرتجلاً على طريقة مخطط فن (Venn diagram)، وهي تقوم بكل ذلك بوجه جامد مجهد. ينتهي الفيديو بساساموتو وهي تشق طريقها خلف فراغ الجدار الذي تم تكوينه ليمر عبر عُدّة البار المكومة على الجدران المجاورة، وببطء تضغط عليه إلى الأمام، بحيث تدفع الدعائم الموجودة على الحواف إلى سلة المهملات. 

أمر مماثل مربك حدث في آخر عرض في معرض (الكاريزما مقابل الإستراتيجية)، وهو امتداد لأعمال ساساموتو (الكاريزما النائمة)/ 2015؛ التي تضم رسومات لعصا بالألوان الزيتية على وسادات، والتي كانت أيضاً معروضة في الصالة. عندما كان الكل يتساءل متى سيبدأ العرض؛ قرر خليط الحضور المرتبك التجول داخل الصالة، وفي ذات الوقت كانت ساساموتو ترتدي ثوباً عادياً وتمسح الأرض لترسم عليها رقع أرابيسك واسعة من دون أن يعرف الجمهور هذا، لكنها بدأت العرض. ثم تنتقل لرسم خط بياني على الجدار بقلم الفحم، حيث يصنف البشر إلى نوعين، أولئك الذين يقومون على كاريزماتهم، والذين يعتمدون على إستراتجياتهم. 

بوجه تصعب قراءته، وبتعبير قوي في ذات الوقت؛ انتقلت إلى رسم أنماط مختلفة من أثواب النساء، وتفسير كل ما يدل على اللواتي يرتدينها، ولأنها مشت في أنحاء الصالة؛ فقد تركت ساساموتو سلسة من علامات رسمها، ومن الرسوم البيانية على الجدران والأرض.        

إن التصريحات القوية التي تقدمها ساساموتو في عروضها تستحضر المونولوج الغامض الجوال لشخصية لاكي الهائمة من الكوميديا العبثية “بانتظار غودو” للكاتب المسرحي الإيرلندي صاموئيل بيكيت التي كتبها عام 1953، وكما كان مع هذيان لاكي الذي يبدو بلا معنى، والذي عندما نحلله نجده يقدم لحظات رؤيا بخصوص حالة الإنسان، فعلى الجمهور أن يقرأ ما بين سطور غرائبية ساساموتو، وأعمالها المتنوعة ليفك المعاني الأعمق مما وراء عبثها، وغرائبها الممتعة.