P
R
E
V
N
E
X
T

Aerial view of the Brisbane River, Botanical Gardens and the central business district. Courtesy Brisbane Marketing.

بريسبان

Australia
Also available in:  Chinese  English

تبدو مدينة بريسبان عاصمة كوينزلاند – الولاية الأسترالية الثانية من حيث المساحة – على الحافة باستمرار، ودائماً تتطلع للحظات واعدة، وتحرص على صنع هوية مستقبلية جديدة. إن الصور النمطية السابقة للبلدة الريفية على أنها توازي بحجهما المدينة، وأنها مركز لـ"دائرة فرعية"، أو ابنة العم الفقيرة للمدن الجنوبية؛ غدت مستهلكة وقديمة. إذ يروج لها الآن كمدينة العالم الأسترالي الجديد، فقد واجهت بريسبان تحدي النمو السريع، والرغبات المتصارعة للاحتفاظ بمجتمعاتها الخاصة كأحياء حميمة، وسمات معمارية تواجه التحول إلى قرى حضرية من تصماميم لها على محاور ومراكز وممرات. المدينة في الفترة البينية هي استعارة قوية لإمكاناتها وكفاحها، وهي بدل الركود والكسل؛ تحافظ بهدوء على التوافق حول ما أصبحت عليه المدينة.

اعتبرت بريسبان غالباً بوابة لمنطقة آسيا والمحيط الهادي، وللسياحة الوافدة، وقد سوقت في المقام الأول عن طريق تعزيز روزنامتها الرئيسة للأحداث، مدعومة باستضافتها قمة قادة منظمة العشرين العالمية عام 2014. بينما تتميز المناطق الساحلية خارج المدينة عادة باعتبارها رمز كوينزلاند شبه الاستوائية، وفي قلب بريسبان منطقتان مرصوفتان على ضفتي النهر حتى وسط الحي التجاري. وتستضيف المنطقة الثقافية صالة كوينزلاند للفنون، وصالة الفن الحديث (كاغوما)، والمكتبة الحكومية، ومتحف كوينزلاند، ومركز كوينزلاند للعروض الفنية. وإلى جانب الضفة الغربية أقيم الشاطئ الاصطناعي الواسع، مع مسابح مترامية الأطراف، ومطاعم ذات أجواء عائلية حميمة وسط الحدائق. 

بصورة عامة تقود المدينة البنية التحتية للفنون المدعومة على نطاق واسع من حكومة الولاية، والممولة فيديرالياً، لكنها تشهد ضغطا متزايداً لترفع حجم الدعم الخاص والرعاية، وضمن هذا الخليط موجودة أصوات رجال الأعمال والشركات، وكذلك المؤسسات الحليفة مثل جامعة غريفيث، وجامعة كويزلاند للتكنولوجيا، وجامعة كويزلاند التي استثمرت في دور أكبر للصناعات الإبداعية. 

ساهمت المبادرات التحفيزية في المجال العام في إبراز المدينة على المستوى العالمي، وفي طليعتها معرض صالة كاغوما للفن الحديث في دول المحيط الهادي الذي يقام كل ثلاثة أعوام. وهذه السلسة من المعارض التي بدأت عام 1993 مستمرة في كونها الحدث الفني الأكبر عالمياً المكرس لعرض الأعمال الفنية والثقافية من آسيا ودول المحيط الهادي. 

المعرض السابع الذي أقيم عام 2013؛ زاره أكثر من 565 ألف زائر، أي أكثر بحوالي مائة ألف من زوار بينالي فينيسيا الـ55 في ذات العام. آرون سيتو مدير مركز A4 للفن الآسيوي المعاصر في سيدني هو اللاعب الرئيس في معرض الفن الآسيوي المعاصر كمدير صالة كاغوما لتنظيم المعارض لفنون آسيا والمحيط الهادي. ويسعى سيتو في هذا الدور الجديد إلى جعل المعرض الثامن عالمياً (سيفتتح في 21 أيلول/ سبتمبر)، باعتباره أحد الأصوات القليلة التي تمجد النشاطات الثقافية التي تحدث في أوستراليا كجزء من الحوار العالمي الأكبر، ما يعكس واقع السياسات والمجتمعات المحددة لجغرافيا البلاد الأكثر حضوراً، وبالإضافة إلى ذلك يقول: إن إدراج فن المحيط الهادي في معجم الفن المعاصر هو أمر مهم كذلك، نظراً لأنه هو الفن الذي تم تجاهله أكثر من غيره من منظور أوسترالي.       

إن السرد المتغير لقادة المجتمع المدني هو تخطيط عمراني للبنية التحتية، ولمشاركة استثمارات عالمية من آسيا. وقد سبق وأعلنت حكومة يسار الوسط في الولاية أن شركة الاتحاد المالي الكبرى للنوادي الأسترالية الصينية فازت بحقوق تطوير رصيف كوينز، وإقامة مدينة داخلية ضخمة على ضفة النهر قبالة المنطقة الثقافية والضفة الجنوبية. والعطاء الذي تبلغ قيمته مليارات الدولارات يشمل تقديم اقتراحات لتوسيع جمهور المدينة، والعروض الفنية، مع عناصر تصميم مسرح كبير جديد، وجسر مشاة فوق النهر، وربط المناطق مع بعضها. 

إن المراكز الفنية الموجودة خارج هذه النقاط المركزية الساخنة ستكون بحاجة إلى مراقبة التطورات عن كثب، لأن التركيز قد يفضل الأماكن ذات العروض المتعددة، فمركز جوديث رايت الذي يقدم عروضاً مختلفة يضم المؤسسة غير الربحية للفن الحديث، وبريسبان باورهاوس، ومكان العروض التجارية، إلى جانب منطقة مماثلة لتجار الفن الخاص على هامش (CBD fringe) في وادي فورتيتيود، ونيو فارم، ووولونغابا المجاورة، وقد يستفاد في النهاية من تجمعها، لكنها ستكون بحاجة أيضاً إلى ترويج ودعم أكبر. والنماذج التي تحاور المحلية والتوترات العالمية موجودة فعلاً، مثل مؤسسة الفن الحديث، ومجموعة فنان بريسبان الشهيرة، وجماعة بروباناو للفنانيين الأصليين المعاصرين، وهناك قلة من الفنانين الذين نجوا من تغييرات التمويل الأخيرة، مثل المفاهيميين ليفيل وبوكسوبي، لكن انتهاء العقد كمكان مستأجر بات وشيكاً، كما أن صالة جاغلرز ستكون بحاجة إلى تغيير إذا كانت ستبقى مكاناً للفن المحلي.

وبما أن قيمة الإيجارات ستزداد بشكل خيالي في مناطق (CBD) بسبب التطوير والتحسين؛ فإن الضغط سيزيد أكثر على القطاعات الفنية الصغيرة والكبيرة، وعلى المبادرات التي يديرها الفنان بصورة خاصة، وإذا تم المزيد من التخطيط من أجل إطلاق خطة لمنطقة ثقافية طموحة، وإذا نهضت كل المنطقة مع هذا التغيير؛ فستكون هناك فرصة قوية لبريسبان لتشارك بمرونة في النظام البيئي الثقافي في عمق هويتها / الهوية التي ترفض بذكاء وبشكل ممتع أن تكون جامدة.