إن نجاحات المعارض الفنية الكبيرة عمقت الاهتمام بالفن الأندونيسي المعاصر على المستويين الوطني والعالمي، بحيث خلقت فرصاً غير مسبوقة للفنانين.
بينالي يوغيا الـ12 خط الاستواء رقم 2 (طريق غير مسدودة – أندونيسيا تلتقي المنطقة العربية)، وبرعاية أغنغ أوجاتني كاجينونغ من أندونيسيا، وسارة رفقي من مصر، فتح أبوابه للجمهور في جاكرتا في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر، ولأول مرة شعرنا حقاً أن الحدث يتوجه إلى المشاهد العالمي.
وفود زائرة جالت في استوديوهات الفنانين والعديد من مراكز المدينة الفنية التي تعج بالمعروضات واللقاءات، وبينالي يوغيا هو أحد نشاطات هذا العام العديدة التي تظهر الحيوية والنشاط في مشهد الفنون البصرية في أندونيسيا، ومع معرض آرت/ جوغ، وبينالي جاكرتا الذي أقيم في تشرين الثاني/ نوفمبر؛ يبدو أننا قد دخلنا مرحلة جديدة فعلاً.
في تشرين الثاني/ نوفمبر أقيم بينالي جاكرتا الـ15 (Siasat)، أي “تكتيك” بلغة الباهاسا الأندونيسية، وكان المعرض يهدف إلى إظهار تقنيات إبداعية تكسر قيود وتحديات العيش في مدن كبيرة مثل جاكرتا، وقد حضر مئات من الشبان حفل الافتتاح، والفضل يعود لهاوي جمع الأعمال الفنية المحلي وصاحب شبكة العلاقات الواسعة روانغ روبا منظم البينالي، بالتعاون مع مجلس فنون جاكرتا، والمعرض الذي أقيم (تحت الأرض) في موقف السيارات تحت مسرح فخم عرض مشروعات فنية متنوعة بمشاركة الكثير من السكان المحلييين، وقد كان هذا المعرض بمثابة خريطة للنشاطات الفنية والأبحاث والتأملات التي تجري داخل المدينة.
في شهر تموز/ يوليو أقيم المعرض السنوي الـ6 آرت/جوغ في مجلس فنون جاكارتا، الذي نظمه المدير الفني هيري بيماد، وصممه كمعرض فني يعرض أعمال الفنانين وليس أعمال صالات العرض؛ مع كون أغلبية المشاركين من جزيرة جاوة. وآرت/ جوغ معرض تجاري ممتاز يجذب هواة جمع الأعمال الفنية، ويؤمّن تمويلاً كافياً لتنصيبات بحجم كبير مخصصة من أجل هذه المناسبة. كان الافتتاح استثنائياً، وقد حضره الآلاف معظمهم من الشبان المحليين الذين اصطفوا في طوابير ليدخلوا إليه.
كان بينالي يوغيا ميّالاً لاتخاذ مقاربات مفاهيمية، وهذ هي السنة الثانية على مدى مرور عقد على البينالي، حيث يكرس برنامجاً ليعرض فنوناً من البلدان التي تقع على خط الاستواء. وقد كان التركيز هذا العام على العالم العربي، مقارنة مع المرة الماضية التي كانت عن الهند، وخلال السنوات التالية سنرى أعمالاً من أفريقيا وأمريكا اللاتينية وبلدان المحيط الهادي.
ويرعى البينالي التنظيم والتبادل الفني بهدف أن يتبصر جمهور جاكارتا فنون هذه المناطق العالمية، وليقارن بين القيم الحياتية والاجتماعية والسياسية والجمالية.
وإلى جانب المعارض الرئيسة؛ هناك برامج تسهم أيضاً في المحاضرات وتطوير الفن، مثل قسم (أعمال متزامنة) الذي يتضمن مشروعات تفاعلية مع الفنانين ولأجلهم، ومع السكان المحليين، بالإضافة إلى مهرجان خط الاستواء، وندوات خط الاستواء، والأحاديث والنقاشات المتنوعة. إن أكثر ما أمتعني في تلك المناسبات الثلاث – بينالي جوغجا، بينالي جاكرتا، آرت/جوغ – هو تنوعها، وميزاتها الفردية، إذ مثلت الحيوية والنشاط في مشهد الفن الأندونيسي المحلي.
في كل البينالات في جاكرتا ويوجياكرتا قدمت الحكومة تمويلاً مالياً هاماً، بالإضافة إلى الدعم من القطاعات الخاصة. هذا يدعو للتفاؤل بأن مرحلة جديدة يمكن أن ترى النور، مع أرضية صلبة لتنظيمات متعددة ومختلفة، ومقاربات متنوعة يمكن أن تدعم ازهار الفن في البلاد كلها. عندما أسسنا سيميتي قبل 25 عاماً لم نكن نتصور أننا سنصل إلى ما وصلنا إليه حتى في الخيال.
مع ذلك؛ وفي اختبار تطور الفنون في أندونيسيا علينا ألا ننسى أننا في الواقع نتحدث عن عدة مدن في جاوة، وليس عن المناطق الداخلية للبلاد. إن الفنون في مئات الجزر الأخرى بالكاد تغيرت في الـ25 عاماً السابقة.
هذا العام ومع نهاية برنامج الذكرى الـ25 لتأسيس سيميتي (أهداف متحولة/ تحويل الأهداف)؛ كانت تحليلات هامة تعكس تأرجح الفن الأندونيسي المعاصر ممارسةً وحواراً، لنخلص من ذلك إلى أننا بحاجة ماسة لتطوراً سريعاً في الكتابات النظرية والنقدية داخل البلد.
في معرض (دوبراك!) أخذ الفنانون والإنثروبولوجيون وعلماء الاجتماع على عاتقهم ترجمة البحوث إلى مشروعات، وقد أقيم المعرض بداية في سيميتي، وسينتقل إلى جزرٍ خارج جاوة في عام 2014، وفي عملية مشابهة دعونا إلى (المشروع شبه التشاركي) 20 فناناً بصرياً، وعارضين، وموسقيين، وممثلين لاستقصاء الجماعات الفنية المختلفة والنشاطات والظواهر الفنية، وما توصلوا إليه تم تقديمه في محاضرات وحلقات نقاش، وفي المرحلة الثانية لهذا المشروع سيعرض الفنانون أعمالهم الإبداعية التي بنيت على أساس بحوثهم.
خلال العام، أقام سيميتي أيضاً منتدى القيّمين على المعارض الشباب، وهو عبارة عن ندوة وورشة عمل مكثفة لـ17 شابة وشاباً، نظمت بالتعاون مع خبراء متنوعين في هذا المجال. كل واحد من القيمين الشباب قدم مشروع بحث، وقد تم اختيار اثنين من أقوى المرشحين لينفذا مشروعيهما، إضافة إلى ذلك أسسنا منتدى إدارة الفن البصري لمديري الفن ليتعملوا ويتبادلوا الأفكار، وذلك بهدف الوصول إلى درجة من الاحتراف والتخصص في مختلف مجالات الفن المحلية.
إذا حكمنا من خلال التطورات الحالية؛ فإننا سنبقى مشغولين لعدة أعوام قادمة!