في فيلم (الصوص)/ 2012؛ يلعب جونغ جاي لي دور بوبي زعيم عصابة محتالين محترفين يعملون في كوريا وهونغ كونغ وماكاو، ويستهدفون مجموعات خاصة من النصب التذكارية الفنية والمجوهرات. القليل من المعجبين بالسينما الكورية والتلفزيون والدراما يعرفون أن الرجل الذي يلعب دور الرجل الوسيم العقل المدبر لعمليات سطو راقية؛ كان قد بدأ في حياته اليومية بمغامرته الخاصة كجامع أعمال فنية منذ أكثر من عقد من الزمن.
رغم أن اهتمام لي بجمع الأعمال الفنية لا يزال حديثاً نسبياً؛ إلا أن الفن كان دائماً موضع اهتمامه، ومع فنجان قهوة في لقاء في حي هانام الراقي في سيول. أخبرني الممثل اللافت للنظر والهادئ في ذات الوقت بحزنٍ أنه كان يود أن يكون رساماً أو نحاتاً، فقد كانت لديه طموحات فنية في صباه، وقدم طلباً إلى برنامج التصميم الصناعي في جامعة هانيانغ، لكنه لم يقبل، وبدل ذلك درس السينما في جامعة دونغوك، وفي عام 1993 قدم أول أعماله في الدراما التلفزيونية الكورية.
بعد خمسة أعوام من ذلك حقق نجومية في فيلم (An Affair) الحائز على جائزة، ومن خلال دوره في (Sandglass) أحد الأعمال الدرامية الأكثر أهمية في تاريخ الدراما الكورية، ويوثق الفيلم مشهد انتقال كوريا البطيء إلى الديموقراطية بعد الحرب الكورية، ومنذ ذلك الحين شارك في حوالي 40 فيلماً ومسلسلاً تلفزيونياً، لكن كما يقول من خلال عمله بالتمثيل فإنه يبقى قريباً من المجالات الإبداعية: (رغم أني لم أدخل كلية الفنون؛ لكني أشعر أني محظوظ، فقد تمكنت من العمل في مجال الفنون كممثل، وبطريقة ما كلنا فنانون. الناس لديهم الدافع ليبدعوا ويعبروا عن ذواتهم).
اقتراب لي من العملية الفنية قاده في نهاية المطاف للتعاون مع اثنين من كبار الفنانين الكوريين، ولأنه كان معروفاً بين الفنانين البصريين بحبه للفن؛ فقد دعي عام 2012 للعب دور رئيس إلى جانب الممثلة إم سو جونغ في فيلم (نهاية العالم) لكل من كيونغ مون وجونهو جون، ومدة الفيلم 13 دقيقة، عُرض على شاشة مقسومة، وفي دوكيومينتا 13 عام 2012.
من أجل هذا العمل دعا الفنان مهندسين معماريين ومصممين وعلماء لمساعدته في خلق دعائم وأزياء مشروع الخيال العلمي هذا، وكما هو متوقع من العنوان؛ فإن مناخ الفيلم مروّع، حيث يلعب لي دور آخر فنان على وجه الأرض يفتش عبر مجتمع منهار كي يبدع عمله، وفي القسم الآخر من الشاشة نرى الشخصية الأخرى، وهي امرأة نجت من الكارثة، تؤرشف الأعمال الفنية المتبقية من الماضي، ومن ضمنها أعمال لي الفنية الأخيرة.
وفي التأمل بتأثير التجربة على وجهات نظره بالفن علق لي: (من الجميل رؤية الناس وهم يركزون، ويثقون بذواتهم، وبرؤيا الفنانين ليكتمل العمل).
وخلافاً لتعاونه الفني؛ فقد بدأ لي بجمع الأعمال الفنية عن طريق المصادفة، إذ لم يكن ذلك في الحسبان، ففي عام 2000 حصل بدايةً على لوحة للفنان الكوري يونغ من مزاد خيري للأطفال. وبصراحة يقول لي: (بداية لم أكن أملك الدافع لجمع أعمال فنية، وفكرت إذا كنت تستطيع مشاهدة الفن والاستمتاع به في المتاحف وصالات العرض فلماذا تشتريه؟ كانت تلك وجهة نظر ساذجة حقاً. حتى في ذلك الوقت فكرت بشراء تلك الأعمال فقط لدعم القضية التي بيعت من أجلها). ومع ذلك لم يأخذ وقتاً طويلاً ليصبح حقيقة ولعاً بالفن. وبسبب فضوله لرؤية المزيد من الأعمال الفنية، ورغبته بزيارة المزيد من صالات العرض ومقابلة المزيد من الفنانين؛ فقد بدأ لي بلعب دور أكثر فعالية، سواء من خلال حيازة الأعمال الفنية، أو المشاركة في العملية الإبداعية.
يصف لي جمعه الأعمال الفنية اليوم بأنه (قيد التنفيذ). ومع أن معبود شباك التذاكر الذي يأخذ غالباً مظهر الرجل الهادئ على الشاشة يقول إنه لا يعرف عدد الأعمال الفنية في مجموعته، لكنه أجاب للتو عن سؤالي حول بعض الفنانين المفضلين لديه: (الفنان المينيمالي فريد ساندباك الذي كسب شهرته من أعماله التبسيطية المصنوعة من قطع قليلة من الخيوط أو الأسلاك، والفنان المفاهيمي أون كاوارا، وجيني هولزر المعروفة على نطاق واسع بسبب أعمالها القائمة على النص). ومن بين الفنانين الكوريين عبر لي عن إعجابه بلوحات جينا بارك التي تصور مشاهد من الحياة اليومية العادية، فضلاً عن اثنين من الفنانين المفاهيميين الصاعدين، وهما لي وان الذي سيشارك في جناح كوريا في بينالي فينيسيا العام القادم، وشوسيل كيل الذي ستعرض أعماله في المشروع الفني العام أنيانغ في تشرين الأول/ أكتوبر.
تجنب لي الاعتماد على المستشارين في الفن، وبدل ذلك اعتمد على رؤيته الخاصة التي طورها من خلال زيارة صالات العرض في سيول، مثل كوكجي، وPKM، وهيونداي، وأراريو. وهو مولع أيضاً بشكل خاص بصالة (one and j) المكرسة للفنانين التجريبيين الشباب، وهو يجتمع بشكل دوري مع شريك مؤسسها وون جاي بارك من أجل التحدث حول آخر الاتجاهات الحديثة. قال لي: (أستمتع بالحديث حول الفن، لكن على ما يبدو أن من يملكون عاطفة حقيقة تجاهه قليلون، وهذا عار). من جانبه يتحدث لي بحرية في موضوعات تتدرج من دعم الحكومة للفنون؛ إلى احتضان العالم ثقافة كوريا في البوب، وكذلك حركة الرسم دانسايخوا: (استثمرت الحكومة في صناعات مثل الأفلام أو البوب الكثير من الوقت والمصادر لترويجها في العالم، لكن في نهاية المطاف كان على الفن أن يكون فريداً ومميزاً. أعتقد أن الفن الكوري من سينما وتصميم وفنون جميلة وموسيقى مثير لاهتمام طيف واسع).
لفت حماسه للفن والثقافة اهتماماً في بلده الأم كوريا الجنوبية، ففي عام 2012 عُيّن لي من قبل المتحف الوطني أول سفير شرف للفن الحديث والمعاصر، وكانت مهمته توسيع مشاركة الجمهور الكوري في الفن من خلال شعبيته ونجوميته. (كشخص يقدره الجمهور؛ أملت أن يساعد اهتمامي الشخصي بالفن بجذب المزيد من الزوار إلى معارض المتحف الوطني للفن الحديث والمعاصر في سيول)، ورغم أن ذلك لن يعزى إلى لي مباشرة؛ فإن أكثر من 160 ألف شخص زاروا فرع سيول للمتحف الوطني للفن الحديث والمعاصر خلال الشهرين الأولين من افتتاحه عام 2013، وقد وافق لي أن يكون ممثلاً للمعرض من خلال حضوره الافتتاح، وانضمامه إلى المؤتمرات الصحفية للمعارض، وظهوره في الإعلانات المحلية. لكن هذا التعاقد مع المتحف الوطني سيصل إلى نهايته في وقت لاحق من هذا العام. لكن لي أشار إلى أنهم إذا طلبوا منه ذلك مرة ثانية فإنه سيستأنف دوره بكل سرور.
رغم أن اهتمام لي بالفن غير مفرط؛ لكنه يشعر بالحماس للإبداع، ويُعتبر صاحب الفضل في إثارة الاهتمام بجمع الأعمال الفنية بين صفوف المشاهير الآخرين، ومن بينهم مغني الراب الكوري والممثل “TOP” الذي قال في مقابلة عام 2015: (رغم الفارق بيننا عمراً – ويبلغ عمره 41 عاماً – إلا أن لي جونغ جاي أصبح صديقاً حميماً، وهو يتصل بي مرة أو مرتين في الأسبوع لنتحدث حول الفن، وقد أخبرني مرة أنه لا يستطيع إخبار الناس أنه يحب الفن، لأنه قلق من أن يعتبروا ذلك مجرد تفاخر). حالياً يفكر لي بالقيام بنوع من المبادرة الشخصية، لكن ذلك الممثل المتحفظ لم يكشف عن أي تفاصيل حتى الآن، على الأقل ليس لأحد خارج دائرته الصغيرة من الموثوقين. لكن جماهير الفن الكوري ربما سيروه بدور مختلف خلال وقت قريب جداً.