P
R
E
V
N
E
X
T

Illustration by O Hezin.

توسيع الرؤية في رعاية الفنون

Also available in:  Chinese  English

فكرة الفنان البوهيمي؛ أن ثمة فقر في السعي نحو التعبير الإبداعي، فهو مجازٌ كان موجوداً على مدى الحضارة الإنسانية. وغالباً تُستبعد من صلب الخطاب الثقافي أهمية رعاية الفنون، والتي أصبحت حاسمة لتطور الفنون لعدة قرون، وأساسية في فهمنا للثقافة. وربما الأكثر بروزاً عائلتا ميديشي وسفورزا من مرحلة عصر النهضة، اللتان قدمتا الحماية والرعاية والمال للفنانين. 

في الواقع؛ إن معظم روائع التاريخ الشهيرة أو حتى حركات الفن؛ ما كان يمكن أن تؤتي ثمارها من دون هؤلاء المتبرعين. تلك العلاقة الثنائية الزبائنية تطورت تدريجياً منذ ذلك التاريخ، واستمرت في التطور في مشهد الفن المعاصر. 

إن عظماء الميديشيين في العصر الحديث، مثل عائلة غوغنهايم، روكفيلر، روبيل، وانغ ويه، وكياو زيبينغ؛ استمروا في تشكيل مسار تاريخ الفن بمجموعاتهم الفنية الخاصة التي يمكن الاطلاع عليها على نحو واسع في المؤسسات العامة التي تقدم الرؤية والمهمة التربوية بما يتوافق و"نموذج ميامي".       

 إن رعاية الثقافة اليوم هو المشهد الأكثر تعقيداً مع استمرار نمو البنى التحتية للفن والتكيف في ظل التطور التكنولوجي السريع والعولمة. والفنانون والمقتنون والمهنيون ينتقلون أكثر فأكثر بين التجاري والمؤسسي. والشركات غير الربحية ورعاية الفنون المعاصرة – وخاصة من آسيا – تتناسج في هذه الشبكة مع أهمية متجددة. 

اليوم؛ العلاقة مع راعي الفنون لم تعد مقايضة تبسيطية تقوم على الدعم المالي، إنما امتدت على نطاق واسع لتشمل موضوعات مثل التطور المفاهيمي والمجموعات الخاصة والعامة إضافة إلى توفير المنصات العالمية للعروض الفنية، من بين العديد من العوامل الأخرى. وهذا الحوار المتشابك يفضي إلى طموحات بعيدة المدى، مهمة وصعبة، وفي ذات الوقت تفضي إلى إمكانات جديدة للأجيال الجديدة في المجتمعات الفنية التي تسعى إلى الأصوات العالمية.

الحاسم في الخطاب الثقافي هي أجندة الداعمين، وينبغي على جميع الجهات أن تركز على نزاهة الفنان، وعلى الطبقة الصاعدة من النخبة الثقافية التي يجب أن تخدم الفن والفنانين، لا مصالحها الخاصة. 

بإمكان الداعمين إنجاح مشاريع الفنانين من خلال شبكتهم ومواردهم، ويجب ألا يكون هدفهم قصير الأمد ومباشراً، كالدعاية أو نجاح مشروع بعينه، إنما عليهم أن يتطلعوا نحو علاقات بعيدة الأمد مع الفنانين، ويكرسوا الوقت والجهد والبحث بما يغذي دعمهم لنجاح الفنانين. 

مؤسسة “K11” وعلى مدى الأعوام القليلة الماضية دعمت مجموعة فنانين معاصرين صينيين جدد، مع رؤية طويلة الأجل لتطوير مهاراتهم المهنية. كان تشنغ ران أحد أكثر الفنانين الواعدين في الصين أول من عُرض له في معرض جماعي عام 2015، وقدم ملحمة الفيديو (في دورة المعجزة) وتصل مدته إلى 9 ساعات، حيث عرض أول مرة في الدورة الـ14 لبينالي إستانبول عام 2015، وكان ذلك سبباً في دعوته لإقامة ثلاثة أشهر ومعرض في المتحف الجديد في نيويورك. وعلى نحو مماثل كان تركيب (التنين)/ 2015؛ للفنان زانغ دينغ دافعاً مهماً لتعاونه مع معهد الفنون الجميلة (ICA) في لندن، بينما كانت سلسلة (كماهو قريب هو بعيد) التي عرضت في مؤسسة “K11” للفنون سبباً في تعاون مميز مع المؤسسات العالمية مثل مركز بومبيدو، وقصر طوكيو للفن المعاصر، ومعارض سربنتين التي قدمت فنانين صينيين للساحة العالمية لتعزيز تعليم الفنون للعامة. ونحن في شراكة مع متحف نيويورك للفن الحديث لإطلاق أول دورة تعلمية على الإنترنت في التصوير الفوتوغرافي في الصين.

إن تطوير دقة كل فنان وقيّم أمرٌ مدروس بعناية في كل سياق ومرحلة كان وله دور أساسي في نموهم، والنظر ليس إلى نضج الأعمال الإبداعية فقط؛ بل إلى التجريب الجريء مع وسائل الإعلام الجديدة والموضوعات والأفكار الجديدة.   

ضمن هذا الإطار يجب التأكيد على ضرورة تعزيز الرعاة للحرية الفنية، ومقاومة الرغبة في إملاء الأوامر، أو تحديد مواصفات الأعمال التي يراد إبداعها. ودور القيّم هنا مهم، وتدعمه مؤسستنا بقوة، فالقيّمون هم أصحاب النقد الثقافي الفكري، وبالتالي لديهم القدرة على تحفيز الحوار وبدء النقاش وتعزيز الخطاب بين الثقافات. تلك هي الأصوات المحايدة التي تجسد التعاون وتقيم المعارض، وإن لدعمهم وتوجيههم للفنانين أهمية قصوى، ولا بد أن تتحلى مواقفهم بالاستقلالية والوعي، وعلى الرغم إمكانية القول إن دور القيّم هو مفهوم أكثر حداثة، إلا أنه ضروري وملّح في عالم الفن الذي أصبحت الرأسمالية تسيطر عليه بصورة متزايدة.

يستطيع الثلاثي راعي الفنون والفنان والقيّم توليد أفكار مستقلة تحتضن وتعِّد وترعى جيل الفنانين الألفي، الذين لا يبحثون فقط على الدعم المالي، بل على دعم مؤسسات يعرضون من خلالها تطلعاتهم الإبداعية. وفي نهاية المطاف؛ ليست هناك طريقاً صحيحة ولا طريقاً خاطئة في رعاية الثقافة، وليس هناك تعريفاً محدداً للدور الذي تلعبه من داخل نظامنا البيئي الفني. 

ما هو صحيح الدافع الأساسي الذي يوحد جميع عشاق الفن، أي العاطفة الحقيقية للفن. ومن ذلك نستطيع بناء نموذج معاصر نتطلع إليه، يكون ملهماً ومحفزاً، ومولداً لتوجهات تقدمية في العالم.  

To read more of ArtAsiaPacific’s articles, visit our Digital Library.