في الفترة التي سبقت بينالي البندقية ودوكيومينتا هذا العام؛ كنت أقرا في مجلة الفن “الفينيق الأسود” إصدار عام 1979، حيث ناقشت 31 صفحة من صفحات المجلة قضية عميقة حول الحواجز التي تقيمها مؤسسات عالم الفن آنذاك ضد الفن التجريبي والفنانين غير الأوروبيين أو الأمريكيين جغرافياً. كانت مفردة “الهامش” تطلق عادة على الفنانين الذين شاركوا في ممارسات تشمل الأداء والفن التشاركي والحركي، وأولئك الآتين من آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية وأوروبا الشرقية. بنقلة سريعة إلى الأمام 38 عاماً؛ عزمت كريستين ماسل مديرة بينالي البندقية الـ57 على تغيير الوضع الراهن – بعد أن أصبحت صناعة المعارض مسيسة وتجارية، وتقودها شخصيات مهيمنة معينة –من خلال لفتة بسيطة لكنها أنيقة، وذلك لإعطاء أهمية للفنانين وللروح العابرة للحدود الوطنية للعملية الإبداعية.
في عدد شهري أيار/ حزيران من مجلة آرت آسيا باسيفيك؛ يسلط المحررون الضوء على عدد من الفنانين الذين لم يعودوا مهمشين في جميع أنحاء العالم، ويريدون عرض أعمالهم الفنية التي لا تناسب السوق أغلبية الأحايين في واحد من اثنين من المعارض المرموقة التي أصبحت الآن دولية.
يغطي هذا العدد ميزات عمل النجم الصاعد سامسون يونغ ممثل هونغ كونغ في البندقية هذ العام، والذي سيشارك كذلك جزئياً في برنامج راديو دوكيومينتا 14. المحررة التنفيذية لآرت آسيا باسيفيك إيزابيل شيونغ تعاين الحياة المهنية التي امتدت على 13 عاماً للمؤلف الموسيقي الذي بحث خلالها الروابط الثقافية والتاريخية لأصوات محددة من الغمغمة والهسهسة والطنين على طول “منطقة الواجهة المغلقة” من منطقة حدود هونغ كونغ والصين، وكذلك الأنغام الصادرة عن الأجراس حول العالم. وتناقش يونغ أيضاً القصة الكامنة وراء عمله الجديد الطموح المستوحى من موسيقى البوب، والأساطير على الإنترنت، والامبريالية الثقافية، وتطويق البلدان المتطورة من قبل الشعوب الصناعية، وسيكون عمله لأول مرة في جناح هونغ كونغ في شهر أيار/ مايو.
ومن الفنانين الذي يستكشفون الأساطير العائلية والحدود الجغرافية وعدم التوازن في عالم العولمة الحالي؛ الفنانة تنتن ووليا المولودة في بالي، والمقيمة في بريسبان. القيمة المستقلة غيفا ماكغوفيرن باسا تجلس مع ووليا لتناقش أفكاراً عن الهجرة و"الحدود المقبلة" في مشروعها لجناح إندونيسيا (1001 بيتاً في المريخ).
في محادثتهما تقول ووليا: (من المثير للاهتمام أن أسمع تعليق الناس بأن أعمالي عن الحدود ذات صلة حتى الآن، ألم تكن هذه القضايا ذات صلة منذ “قوانين” أفلاطون – 300 قبل الميلاد؟ في ذلك الكتاب فصل يناقش كم من الغرباء أو الأجانب يمكن أن يعطلوا تحقيق المدينة الدولة المثالية بأفكارهم غير التقليدية، وبالتالي فإن علاقتهم مع السكان المحليين وتفاعلهم معهم يجب أن يكون محدوداً).
من مانيلا تزور المحررة المساهمة دومينيك زينامبان ثانية عمل الفنان مانويل أوكامبو الذي سيُقدم إلى جانب لاني مايسترو عملاً في جناح الفيليبين في البندقية. وأوكامبو شهير بلوحاته التهكمية التي تستهدف الدين والفساد والسياسة ومواقف الليبرالية الجديدة، وتوضح زينامبان إرث الفنان في مشهد الفن الفيلبيبي، قائلة: (يحتفظ باقتراب عميق مع الظروف المتغيرة، ولديه رد فعل قوي لها باستمرار، خاصة تلك التي تنشأ من داخل موطنه الأصلي. ليس في نيته أن يصدم أو يؤذي، ولم يصبح عدمياً، وبدلاً ذلك كانت رسالة أوكامبو أن علينا تسليح أنفسنا بالدعابة بهدف تجاوز صدمات التاريخ).
وبالمثل ينتقد لي وان الانصياع للهيمنة الاجتماعية في عالم تتزايد ماديته. والفنان البالغ 38 عاماً من سيول راقب عن كثب -منذ فوزه بجائزة ليون – متحف سامسونغ آرت سبيكتروم المرموقة للفن في عام 2014، وسيمثل كوريا الجنوبية في البندقية إلى جانب كودي شوي. المحرر المساهم يوجين مين يأخذنا عبر أعمال الفنان المنجزة والقادمة، بدءاً من تماثيله غير العادية وتجميعاته بما فيها كرات البايسبول المصنوعة من لحم الدجاج المطحون المجفف، وحتى آخر أعماله سلسلة فيديو (صنع في) الذي يتفحص في المنتجات الآسيوية، من طعام فطوره وحتى ملابسه، وتأثير المدنية والرأسمالية على المنطقة.
في ختام باب (ملامح) في عددنا هذا نعرض عمودنا الخاص من داخل مجموعة بيرغر، والقيم المقيم في لندن نيكولاس دي أوليفيرا ونيكولا أوكسلي؛ يسلطان الضوء على الفنان البلجيكي هانس أو دي بيك الذي ظهرت أعماله في دورة سابقة لبينالي البندقية وفي متاحف عبر آسيا، ويوظف ممارسات متنوعة تتضمن النحت والمجسمات والصور المتحركة. ويبدع أوب دي بيك تجارب تخاطب الذاكرة والسرد القصصي والواقعيات الخيالية.
في باب (شخصيات) تتابع آرت آسيا باسيفيك ثلاثة فنانين يدفعون عصر وسائل الإعلام القديم باتجاه جديد. محرر المراجعات في آرت آسيا باسيفيك برادي نغ يذهب وراء الكواليس مع الفنان السوري الألماني رشاد بيكر – صاحب “عالم الصوت” – عشية عرضه في برنامج راديو ديكيومينتا الذي بدأ بثّه من أثينا في شهر نيسان/ أبريل.
وفي لوس أنجلوس يقابل محرر المكتب روبين ليونغ المخرج السنمائي والفنان توان أندرو نغوين ليناقش فيلمه الجديد (الجزيرة)/ 2017؛ الذي سيعرض لأول مرة في شهر آذار/ مارس في بينالي ويتني في نيويورك.
وفي بكين تجري أوليفيا وانغ مقابلة مع فنان الحبر لي جين الذي يأسر الجمهور بصوره الحسية المرحة للعشاق والطعام، وغيرها من جوانب الحياة العادية بوسيط هذا الفن الكلاسيكي المبجل في الصين.
وفي باب (مقالات) في العدد؛ يرافق توماس مونا القراء عبر الأزقة والممرات الضيقة التاريخية التي بدأت تختفي بسرعة في بكين، حيث تنبثق العديد من المشاريع الإبداعية متواضعة غير تقليدية،والمشاريع الفنية التي تحركها المجتمعات المحلي.
ومن كازاخستان تتأمل المساهمة الدائمة ليسلي آن غراي في مبادرات الفن المستدامة لاقتصاد ما بعد البترول. وفي باب (الفكرة) يتأمل مانو بارك القيم ومدير منصة (L) لمركز الفن المعاصر في سِيول في كيفية تلاشي الفروق بين مشاريع الفن غير الربحية والتجارية على نحو متزايد، وخصوصاً في آسيا. يذكرنا بارك فيقول: (رعاية الفنون ليست عملاً تجارياَ، بل نشاط من داخل المناخ العام للفن).
في ختام العدد، في باب (حيث أعمل) يسافر كيفين جونز محرر المكتب في الإمارات إلى استديو ساهاند هيساميان في طهران، حيث يرى تماثيل الفنان الهندسية ذات الحجم الضخم، والتي صمم بعضها للعرض العام في مسقط رأسه. يعلق هيساميان: (من الممتع أن يتشارك كل من المكان والعامة مع العمل). لا شك أن هذه هي رغبة حفزت الكثير من الفنانين المشاركين في الحركات الطليعية العالمية في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي حول العالم، وهذا يذكرنا بالمدى الذي وصل إليه عالم الفن منذ ذلك الوقت.
SUBSCRIBE NOW to receive ArtAsiaPacific’s print editions, including the current issue with this article, for only USD 85 a year or USD 160 for two years.
ORDER the print edition of the May/June 2017 issue, in which this article is printed, for USD 15.