أدى ذلك إلى تغييرات ثورية تختلف نوعياً عن التغييرات التي حدثت مع إدخال الأكاديمية الملكية للفنون ومعارض الصالون. وبينما أصبحت الفن يدار بطريقة ممنهجة، وتعرضه المؤسسات العامة؛ لم تعد الأعمال الفنية ملكية خاصة، إنما عامة، وسلعاً تاريخية وطنية.
إن التغير الهيكلي الهام الناجم عن إنشاء المؤسسات التي تعتمد على تقديم العروض للمجال العام، وهكذا؛ ومع تطور نظام متاحف الفنون فقد تحول رعاة الفنون التقليديون تدريجياً إلى رعاة وممولين غير مباشرين، إلى درجة تقديم التبرعات لمساعدة نشاطات المتاحف.
شهدت أحوال الفنانين المستفيدين من الرعاية الفنية تغييرات مماثلة في التطورات التاريخية المذكورة أعلاه. وقد أصبحت نشاطات الفنانين التي كانت تحت رعاية البلاط والكنيسة في الماضي مستقلةً في منتصف القرن الـ19، وبدأ الفنانون بتسويق أعمالهم من خلال سوق الفن بعد ترك سلطة رعاة الفن التي باتت من الماضي، فتوقفوا عن صناعة الأعمال التي تعتمد على معايير وذوق البلاط والكنيسة. ويمكن أن تكون حرية الفنان الاقتصادية المكتسبة من سوق الفن مقدِّمةً لقيمٍ فنية تتبلور من خلال تصفية المؤسساتية، مثل عمليات الاستحواذ والمعارض.
ومع ذلك فإن إقامة متاحف الفنون وتحقيق الاستقلال الفني الذاتي؛ إنما هي منتجات ثقافية أبدعتها الحداثة الغربية. ففي أواخر القرن الـ19 وأوائل القرن الـ20 استوردت البلدان الآسيوية الرئيسة أنظمة المتاحف الغربية، رغم أن النضج الثقافي لم يتزامن مع النمو الاقتصادي السريع. وسيستغرق الأمر وقتاً بالنسبة لتلك البلدان كي تطور الرعاية الفنية، من خلال المجال العام للمتحف، كنشاطات الخير والإحسان خارج مجال الفنون.
في سياق ذلك؛ يتجلى السؤال الآن إن كان من الممكن الاستفادة من هذا التحديث غير المتوازن ضمن النظام البيئي الآسيوي للفن المعاصر. ومن المثير للانتباه عدم وجود نظام مؤسسي فني مناسب ومستقر يشجع موضوعات متنوعة على المشاركة في رعاية الفن، ما أدى إلى وجود مبادرات متعددة ذات مغزى تستحق اهتمامنا. لكن هناك تكمن أيضاً الجوانب السلبية لديناميكية مشهد رعاية الفنون في آسيا.
داخل عالم الفن؛ لا بد أن يكون التجاري والمؤسساتي مترابطين، غير أن المسألة الوحيدة التي لا بد من بقائها في الذهن تتمثل بأن رعاية الفنون ليست عملاً تجارياً، إنما هي نشاط داخل المناخ العام للفن.
إن المشاركين في رعاية الفنون في كوريا على دراية بالوضع القائم لبيئة الفن في آسيا، فعلى سبيل المثال؛ العديد من المؤسسات الفنية الجديدة التي تم تأسيسها وتمويلها من قبل الشركات الكورية تجعل نظام بيئة الفن معقدة.
ولاعتماد وجهة نظر لغة الاختزال؛ فإن رعاية الفن ذات علاقة بعالم التجارة وبرعاية تلك المؤسسات. لكن ما الذي يحدث عندما تستضيف شركة خاصة أسست مؤسسة فنية معرضاً في متجرها الخاص، وقد نظمه مركزها الفني؟
في الوقت الراهن؛ هذا النمط من الرعاية الفنية ليس مثيراً للجدل، لكنه قد تثير قضايا لها علاقة بالممارسة المثالية لرعاية الفن. في الواقع إن الحدود بين العام والخاص وبين غير الربحي والشركات ليست واضحة، والفنانون والقيّمون وجامعو الأعمال الفنية يمكنهم التحرك جيئة وذهاباً بين القطاعين، لكن ما يتعلق بمؤسسات الفن يجب أن يكون مختلفاً. لكن يبقى السؤال التجاري قائماً حول المسؤولية العامة للتصفية المؤسساتية من ناحية الحكم الجمالي. فأن نقيّم معرضاً يعني إجراء تقييم من المفترض أن يوفر ضمان قيمة معروضاته.
في الأيام الأولى كانت رعاية الفنون في كوريا حريصة جداً على تعزيز الجوائز الفنية التي تعترف بالفنانين الشباب والفنانين المؤسسين وتدعمهم، وتساعدهم في تنظيم المعارض.
الآن ينوّع منظمو جوائز الفن نشاطاتهم، ومؤخراً قدموا طرائقَ متنوعة لدعم الفنانين، فباتوا يشاركوا المؤسسات العامة في تعزيز البرامج الضرورية التي تفتقر إلى الموارد، وفي دعم الإنتاج وإقامة الفنان، كما أصبحوا يدعمون توزيع وترويج مشاريع الفنانين في البلاد أو خارجها.
منصة “L” في مركز الفن المعاصر لها موقف واضح ومحدد. مؤسسها صاحب ماركة أزياء، لكنها لم تفتتح لأسباب جمالية محضة، بل تم إنشاؤها لأنهم احتاجوا إلى مؤسسة، وكانت الشركة الأم تسعى للانتقال من منتجات الأزياء إلى نطاق أوسع من تصاميم نمط الحياة، وكان من المتوقع أن يكون مركزاً للقوة التي توفر الطاقة الإبداعية للابتكار، لكن السؤال الرئيس بدايةً يكمن في كيف نؤمّن التنمية المستدامة للمركز؟ واحدة من الشواغل الرئيسة تتمثل في الإستراتيجيات التي يمكن أن تزدهر من خلالها الشركة الأم ومؤسسات الفن لتجنب خفض النشاطات أو إلغائها بعد عدة أعوام بسبب الانكماش الاقتصادي، أو تغير رؤية الإدارة.
واحدة من الخصائص التي تتعلق بالممارسة الحالية لرعاية الفنون عموماً؛ هي أن تكون جزءاً من ممارسة الإبداع. وقد بذلت منصة “L” جهوداً للمشاركة في كل أنواع تجارب الإبداع، ليس فقط مع فريق الشركة الأم لتطوير التصميم، إنما مع كل أعضاء الشركة أيضاً، ويهدف المركز لأن يصبح مكاناً للقيّمين في كل مجالات الفن البصري والهندسة المعمارية والتصميم والعروض الفنية. وبالتالي يمكننا استلهام روح الإبداع، بدءاً من تبادل العلاقات مع شركات، والعمولة والإنتاج الفني، وانتهاءً بعملية الإدارة.
وعلاوة على ذلك فإذا تكررت هذه التجربة فإن نتائج رعاية الفن يمكن أن تكون بمثابة دليل لوضع اتجاه الإبداع للشركة الأم للفصل القادم. وإذا استطاعت روح الإبداع في الفن الامتداد إلى العالم الخارجي؛ فإن وجود مركز للفن داخل المؤسسة لن يكون من السهل إنكاره.SUBSCRIBE NOW to receive ArtAsiaPacific’s print editions, including the current issue with this article, for only USD 85 a year or USD 160 for two years.
ORDER the print edition of the May/June 2017 issue, in which this article is printed, for USD 15.