مع الشعبية التي لا تصدق للرياضات الإلكترونية eSports، وانتشار تطبيقات الألعاب العادية والإلكترونية على الهواتف المحمولة، أصبحتا جزءاً أساسياً من الترفيه الذي لا غنى عنه. وحتى في الفن تم استغلاله كوسيلة. فقد استخدم الفنان إيان شينغ محرك لعبة فيديو لخلق محاكاة حية لمجتمعات متخيلة في ثلاثيته (Emissary)/ 2015 – 2017؛ التي عرضت على ثلاث شاشات في متحف الفن الحديث موما PSI في نيويورك، واستمر العرض الحي أيضاً لكل قسم مدة ستة شهور على موقع المتحف مترافقة مع منصات فيديو وضعت خصيصاً للاعبين.
وسواء استخدم تقنيات حركة الكمبيوتر كما فعل في (Entropy Wrangler)/ 2013، أم عرض رسوماً متحركة في الفيديو الموسيقي (صعاليك)/ 2012 بتكليف من فرقة الروك الأمريكية "Liars"؛ فإن أعمال شينغ الأقدم تتقصد أن تكون عنيفة ومؤثرة. ففي أحدث أعمال محاكاته ذلك الفنان الذي يحمل شهادة في العلوم المعرفية؛ يبتغي إدارة الفوضى، وقد شبه خلق نظام افتراضي بتجربة كيمياء، وبينما يشتغل شريط اللعبة ذاتياً: (يمكنك وضع جميع المكونات معاً، ثم عليك أن تراقب فقط، وعندئذ يتكامل العمل).
يحدث هذا في الحقيقة. فالانفجار البركاني يهدد مجتمع ما قبل الوعي في “Emissary” في (Squat of Gods)/ 2015، فعندما يشعر السكان بهزات البركان لأول مرة؛ تتوقف النتيجة التالية على قدرة فتاة تدعى يونغ إنشنت في إقناع القرويين بالفرار من الجبل في الوقت المناسب. ولأن العمل الفني محاكاة ذاتية؛ فإن قصته تتكرر بشكل مختلف في كل مرة.
حاولت وأنا أشاهد “قصة كام” عن كثب قياس تقدم الفتاة أو تراجعها، فربما تتشتت بسبب قطعة رماد، أو صدى صوت بومة تمر من المكان. حين دققت من زاوية واسعة لمحت شخصيات أخرى تهتم بحاجاتها للطعام والنوم والراحة. وأدركت أن البركان انفجر فقط عندما أعادت اللعبة ترتيب وإنشاء مجتمع جديد.
أشار شينغ إلى لعبة كمبيوتر (SimCity) التي تعود إلى عام 1989، وإلى الألعاب التي تشعبت عنها كمصادر ذات تأثير هائل، فالألعاب الأصلية لم يكن فيها بطل للقصة، إنما كانت العلاقة الأساسية بين اللاعب والنظام. وكانت المدينة “مثل حيوان أليف صغير” كما وصفها شينغ.
بعد مغادرتي العرض شعرت بالراحة لإمكانية تحميل البث المباشر على كمبيوتري المحمول في البيت، حيث بإمكاني مشاهدة المحاكاة الجارية في أي وقت، كما لو أن شخصياتها حية، وتشارك في العلاقات المعقدة التي تتغير مع مرور الوقت. ربما كان هدف شينغ ألا نشعر بالارتباط بعامل سردي محدد في الثلاثية، لنندمج بدل ذلك مع المحاكاة ذاتها.
صمم شينغ دليلاً مطوياً للمشاهدين لا يختلف عن الموجود في متحف التاريخ الطبيعي، واضعاً رسوماً تخطيطية للشخصيات المختلفة، وللحياة البرية في محاكاتها لتلك الطبيعة. ومع ذلك – ومع تقديري لتعقيد الكون الذي خلقه شينغ – فقد وجدتني وأنا أحدق في الشاشات أركز على لحظات عابرة.
في الجزء الثاني من (Emissary Forks at Perfection)/ 2015 – 2016؛ انصب فضولي حول مهمة شيبا إينو الذي كان عليه استخلاص المعلومات من إنسان القرن الـ21، بينما كان فضولي أقل بالطريقة الهزلية التي يتفاعل بها مع الكلاب الأخرى في المحاكاة.
إلى المستقبل البعيد ينقلنا الجزء الثالث (Emissary Sunsets the Self)/ 2017؛ حيث يحل الذكاء الاصطناعي محل الناس بالكامل، فتمتد البركة لتضم النباتات القريبة، بوجود إنذارت كثيرة من الـ"Oomen" التي تبدو خليطاً بين البشر وحيوان السرقاط. في هذه النسخة استمتعت كذلك بمشاهدة تفاصيل ردود الفعل المختلفة للـ"Oomen" على البركة، فبعضها كانت تمشي على رؤوس أصابعها ثم تلوذ بالفرار، وسواها تنطلق مباشرة إلى داخلها.
تماماً كما في (SimCity) يحافظ اللاعب على شبكات الناء والكهرباء لتظل المدينة مزدهرة، ولذلك فإن عملية صنع القرار في محاكاة شينغ تبدو غالباً مملة. لكن كلما صارت الحالات أكثر إلحاحاً – سواء بسبب نوع من الاضطرابات أو بسبب كارثة طبيعية – فإن أولويات التحولات في المجتمعات المتخيلة؛ تغير العلاقات بين الأفراد. وفي هذه المراحل، وبمزيد من النجاح يعكس الـ"Emissary" غنى السلوك البشري الذي لا يكمن في القصة الملحمية، إنما في التفاصيل الصغيرة.
SUBSCRIBE NOW to receive ArtAsiaPacific’s print editions, including the current issue with this article, for only USD 85 a year or USD 160 for two years.
ORDER the print edition of the July/August 2017 issue, in which this article is printed, for USD 15.