P
R
E
V
N
E
X
T

Installation view of ANTHONY CARO’s Lock (1962) at Barford Sculptures, London, 2017. Courtesy Barford Sculptures Ltd. and the artist. Photo by John Hammond. 

Rasheed Araeen on Anthony Caro

Pakistan USA United Kingdom
Also available in:  Chinese  English

في مطلع عام 1985 وجدت أني في متحف الفن الحديث (موما) في نيويورك، بعد زيارتي معرض بريميتيفيسم (البدائية في القرن العشرين) الذي أصبح شهيراً الآن، وهو فن إشكالي، لكنه تجربة مبهجة إلى حد ما. رحت أتجول بلا هدف في الحديقة الخلفية للمتحف، وإن أسعفتني الذاكرة؛ أتذكر أرضية الحديقة المليئة بحجارة صغيرة، وأنا أمشي كدت أتعثر بزوج من هياكل حديدية مرمية على الأرض، ومغطاة بالغبار بين تلك الحصى، واكتشفت فوراً أنهما لم يكونا قطعاً مرمية من هيكل حديدي يشبه عوارض الصندوق، إنما كانا عمل (قفل)/ 1962؛ للنحات البريطاني البارز أنتوني كارو.

بعد وقت قصير جلست في مطعم المتحف أشرب فنجان قهوة، ورحت أفكر، ليس فقط بالقطعة التي رأيتها في الحديقة، إنما بالأعمال الكاملة لكارو عموماً، فقد كنت على معرفة بمنحوتاته. في الواقع عندما رأيت عمله في الستينيات ألهمني كثيراً إلى درجة أني تركت الرسم لصالح النحت، وأن أرى أحد أعماله مرمياً هناك بين حصى الحديقة المغبرة لم يكن أمراً مختلفاً فقط، بل أيضاً تجربة فريدة. سابقاً رأيت عمله فقط في أمكنة نظيفة داخل صالات العرض والمتاحف. كان العمل ذاته هو الذي قدم لي فهماً جديداً لإنجازات كارو، علاوة على البيئة المغبرة التي كان مدفوناً فيها.

بعدعودتي إلى لندن بدأت البحث عن نسخة من ذاك العمل في الكتب والكتالوجات، لكنه لم يكن موجوداً. وأخيراً رأيت ملصقاً بالأبيض والأسود في كتاب هربرت ريد “تاريخ موجز للفن الحديث” 1964، وكذلك لم يكن فيه مناقشة أو كتابة حول تلك القطعة. تساءلت كيف تجاهل مؤرخو الفن هذه المنحوتة الهامة.      

كثيراً ما تمت مقارنة أعمال كارو بأعمال ديفيد سميث، لكن تم الاعتراف أيضاً بأنه خرج من تأثيرها عليه، وهو يمثل نوعية رائعة مميزة في تصوير الطبيعة البريطانية، وبرأيي فإن كلا التفسيرين خاطئين إلى حد ما.

هناك حضور لتأثير سميث عليه بالطبع، لكن ذلك التأثير يقتصر على اللغة التقنية للحمة البناء، ولا شيء أكثر من ذلك. فمنحوتات كارو تتحدى الجوانب الأساسية لمنحوتات سميث التي تتشابك مع صعود القوة الإمبريالية الأميركية بعد الحرب، ولا يؤطر عمل كارو بما استعاره من سميث فقط، إنما بما ورثه أيضاً من هنري مور، ومارسيل دوشامب. فعمل كارو تركيبياً هو صدى لتشظي عمل مور، والجسد الذي كان عرضة لوحشية الحروب الكبرى في القرن الـ20، بحيث يبدو وكأنه يعكس حالة التشظي التي سببها انهيار الامبراطورية البريطانية. وهذا ما يجعل عمل كارو بحد ذاته مميزاً تاريخياً من وجهة نظري، وبالتالي لا يمكن ولا ينبغي أن نقارن أعماله، أو نعتبرها ملحقة بأعمال سميث. 

تمتلك أعمال كارو جودة خلابة، وخاصة في الألوان المشرقة الموجودة في بعض منحوتاته، لكن حتى عندما يكون هناك احتفاء باللون والشكل – ربما بسبب التفاؤل الذي ساد مرحلة الستينيات وآلام ما بعد الحرب أو ما وصفه بعض الكتاب بـهندسة الخوف – لا يمكن أن تكون مقنّعة. ومع ذلك سيكون من السخف تقليص قيمة أعماله فقط إلى هذا الحد، أو التفسير فقط، وبالتالي لن يكون ذلك  تشويهاً وحسب؛ إنما تقويضاً للرغبة في تغيير وضع بريطانيا العظمى بعد الحرب.  

قفلٌ فريد حقاً يمثل كل ذلك. كان العمل مرمياً في (موما) على الأرض، لكنه بدا أيضاً وكأنه يريد الارتفاع فوقها. كانت النحت يؤكد ذاته من أجل العثور على هويته الجديدة، ما أدى إلى نشوء توتر بين الواقع الوجودي لبريطانيا ما بعد الحرب، والرغبة في الهروب منه. 

ويبدو أن الهيكلين المعدنيين يشيران إلى شخصين متسلقين، وهما موجودان في رسوماتِ تحت الأرض في زمن الحرب لهنري مور. 

ما يجعل النحت مختلفاً عن أعمال كارو الأخرى أنه ليس من السهل تمييزه كعمل فني، ولو أُلقي في الشارع أو في مكان ما لا علاقة له بمكان صالة أو متحف رسميين؛ فسوف يبدو كنفاية من مصنع مهدم، بانتظار شخص يجمع المعادن لإعادة تصنيعها. هذا فن ومضاد للفن، وهو لغز دوشامبيان الذي فشل في تحقيق أهدافه الخاصة، لكنه فتح فضاء لم يكن متوافراً للفن من قبل، ليعطي الفن إمكانية المضي قدماً كجزء حيوي من الحياة.    

نيّتي هنا هي الإشارة إلى جانب هام من أعمال كارو التي تم تجاهلها كثيراً. وهدف آخر يتمثل بالتركيز على تجربتي الخاصة في رؤية هذا العمل في حديقة موما التي بقيت في ذاكرتي. وعلى الرغم من أن احداً ما قد يخالفني فهمي للنحت؛ إلا أنه لا يستطيع أن ينكر علي هذا التحليل الذي كان فعالاً في عملي الخاص. 

ألم يكن نحت كارو هو الذي ألهمني إبداع أعمالي عام 1965؟ 

ألا يتوجب علي بعد ذلك أن أشيد بهذا التحليل الأول لعمله الذي مكنني من أن أجد مكاني الخاص في التاريخ كفنان؟  

SUBSCRIBE NOW to receive ArtAsiaPacific’s print editions, including the current issue with this article, for only USD 85 a year or USD 160 for two years.  

ORDER the print edition of the July/August 2017 issue, in which this article is printed, for USD 15.