هناك الكثير من الأدلة القولية على أن أجزاء متباعدة من العالم أصبحت أكثر تشابهاً من حيث المظاهر الخارجية، حيث تجانس التجارة والسياحة بين الأمكنة في جميع أرجاء العالم. ومع ذلك فإننا عندما ننظر عن كثب نرى أن التواريخ الصغيرة لأمكنة معينة مليئة بالتفاصيل الرائعة والقصص الغنية. عدد أيلول – سبتمبر/ تشرين الأول – أكتوبر من مجلة آرت آسيا باسيفيك يقدم الفنانين الذين تفحصوا – بطريقة أو بأخرى – قصصاً خاصة ببلدانهم ومحيطهم، فبعض الفنانين لامسوا كيفية استجابة مجتمعاتهم للحوادث المزلزلة، بينما بحث آخرون في التقاليد الثقافية ليحلموا بعوالم افتراضية مستقبلية جديدة.
في (باب شخصيات) محرر المراجعات في المجلة برادي نغ نقّب في التكنولوجيا الفائقة المبدعة الساحرة لفريق مختبر اليابان الذي يضم حوالي 400 عضو، من فنانين ومبرمجين ومهندسين ومصمين حاسوبيين وعلماء رياضيات ومهندسين معماريين ومصممي غرافيك أبهروا الجمهور حول العالم وأدخلوه تركيباتهم ثلاثية الأبعاد. فأعضاء الفريق يستخدمون التكنولوجيا المتطورة ويستلهمون غالباً من الطبيعة والفن الياباني ما قبل الحديث، والعمل الذي أذهل نغ بصورة أساسية هو فيديو يعرض على 6 شاشات رقمية منطقة محمية تاشيبونوشو الزراعية الشهيرة.
روعة الفريق تظهر من الوهلة الأولى، حيث تظهر الشاشة لوحة تقليدية لبلدة زراعية بقيت كما هي ولم تتغير لألف عام، لكن في الواقع كان هناك نظراء إلكترونيين وصور مزارعين يبذرون ويحصدون، وببطء ستتغير الفصول في الوقت الحقيقي على مدار الأعوام الألف التالية، تأكيداً على أن الحياة والطبيعة ستظلان كما كانتا، أو على الأقل بصيغة رقمية.
الفنانة التي تجذب انتباه المشاهدين بطرائق حيوية مماثلة عبر استخدام تقنيات أكثر تناظراً؛ هي الفنانة ناليني مالاني المقيمة في مومباي، والمقدّرة بسبب لوحاتها التجريبية وأفلامها وصورها الفوتوغرافية وعروضها وعروض الظل باستخدام الفيديو، والتي تستكشف غالباً التراث الثقافي في الهند المقسمة. وقبل معرضها الاستيعادي بمركز بومبيدو في باريس في تشرين الأول/ أكتوبر، وفي متحف كاستيلو دي ريفولي للفن المعاصر في آذار/ مارس؛ جلس معها دانييل كورجاكوفيك مدير البرامج في متحف بازل لمناقشة بعض التجارب والتأثيرات غير المعروفة عن أعمالها، ومن بين الأماكن التي أثرت في أعمال مالاني؛ مجتمعات الأحياء الفقيرة القريبة من مرسمها السابق في باندرا، والتي تمت تسويتها من قبل الحكومة المحلية، وإقامتها السابقة في حي العمال في لوهار شاول.
فيما تحاول الفنانة اللبنانية متعددة التخصصات لمياء جريج فهم لماذا تكون الأمكنة على ما هي عليه الآن. حيث يأخذنا المحرر إتش جي ماسترز عبر العديد من استكشافات جريج الفنية لمدينتها بيروت من خلال مشروع الفيديو المستمر (أشياء من الحرب) الذي بدأته عام 2000، وطلبت فيه من معارفها الحديث حول موضوع كان هاماً بالنسبة لهم أثناء الحرب الأهلية (1975 – 1990)، وأحدث كتبها “أشياء ضائعة من المتحف الوطني في بيروت”، وكما يقول ماسترز: (الاستعارة التي تحبها جريج أن المدينة مثل طِرس كُتب ومُحي عدة مرات).
وبهدف البحث في تاريخ وطني صعبٍ من خلال منظور الصدمة والآثار الإيجابية للعمل الفني في تدقيق هذه الأحداث؛ تقدم المحررة المساهمة جيوتي دار عمل الفنان السيرلانكي جاغاث ويراسينغ على مدار أكثر من 25 عاماً، فالفنان والمعلم والمهندس المعماري استجاب بنشاطٍ لعقود الحرب الأهلية الأخيرة في بلاده من خلال لوحاته الرقمية المعبرة، وعروضه وتركيباته.
وختاماً، في عمودنا الخاص؛ بهارتي لالواني من داخل مجموعة بيرغر تناقش فكرة الوطن وإدراجه ضمن الجماعات الإبداعية الأمريكية التي هاجرت من جنوب آسيا، من خلال المعرض الجماعي الذي أقيم مؤخراً في متحف المجتمع الآسيوي ومتحف كوينز في نيويورك، والمؤتمر الذي استمر ثلاثة أيام بعنوان (حب قاتل: أين نحن الآن؟)، والذي عقد وسط أجواء الخوف والكراهية ضد المهاجرين التي أشاعتها سياسات الرئيس الأميركي دونالد جي. ترامب.
يتناول (باب لمحات) أربعة فنانين مغامرين مفعمين بالحيوية، وفيه نستمع إلى المغامرات الافتراضية للفنانة البريطانية من أصل ياباني، وعن مختبر الفنانة سبوتنيكو في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) المعروفة بمشاريعها المتميزة مثل جهاز الحيض الذي يمكن ارتداؤه (Takashi’s Take)/ 2010، والرسام الإيراني المقيم في نيويورك علي بنيصدر الذي تشير أغلبية لوحاته إلى تطور الثورة الإسلامية بين عامي 1978 – 1979، والفنانة المقيمة في لندن فائزة بات التي تنقب في التقاليد الفنية الباكستانية مع أنها تصنع أعمالاً تسائل الجنس والجنسية، والفنان الأسترالي روبرت أندرو الذي يستشكف تراثه الأصلي.
في مكان آخر من هذا العدد يرسل المحرر المنتظم رسالة من شنتزن جوار البر الصيني، والتي تعج الآن بالصداقات الفنية الحميمة والمراسم والفضاءات الجديدة للعروض الفنية التي تطورت على ما يبدو بين عشية وضحاها. وفي (باب وجه لوجه) يفسر الفنان الكمبودي خفاي سامنانغ إعجابه باستخدام الفنان شانغ هوان لجسده وللمكان والزمان كي يسرد سياسات المجتمع وبيئته.
وفي زاوية (محور) يقول ستيفن شينغ من صالة إمبتي هونغ كونغ المكان غير التقليدي في هونغ كونغ والمنطقة بأكملها التي تحتضن الأصوات والأشكال الأخرى من الفن التجريبي: (إن النماذج الحالية لرعاية الفنون تميل إلى إدامة النظام المغلق لسوق الفن)، ويقول للرعاة المستقبليين: (ادعموا ما تستطيعون دعمه فقط، وما ترغبون بدعمه فقط، وما ترونه فقط، ولا تخشوا من السماح للجمال والفوضى بالوجود فيه، فالفن بحد ذاته يصنع الفوضى).
SUBSCRIBE NOW to receive ArtAsiaPacific’s print editions, including the current issue with this article, for only USD 85 a year or USD 160 for two years.
ORDER the print edition of the September/October 2017 issue, in which this article is printed, for USD 15.