هيرومي أوزاكي أول صاحب يمكن أن يقدم العواطف حسب الطلب. (أحبك)، (أنت جميلة جداً)، (أنت كل شيء بالنسبة لي). ويمكنه أن يتودد لها بمقاطع صوتية من مكبر صوت كومبيوترها الآي ماك الذي برمجته ليتحدث معها من خلال تحويل النص إلى كلمات، وذلك فور عودتها إلى البيت من مدرسة البنات في طوكيو.
حدث ذلك عام 1998، إذ كانت أوزاكي في عامها الـ13 عندما أطلقت شركة آبل كمبيوترها الأول، وقبل شهور قليلة من إطلاق طالبين من ستانفورد محرك البحث غوغل. وبالتزامن مع نقل البيانات إلى شبكة الإنترنت؛ تضخم استخدام التدوين والبريد الإلكتروني بشكل مضطرد.
ومع ذلك صارت أوزاكي تعرف شبكة الإنترنت العالمية وهي في سن مبكرة. قالت: (والداي أستاذان جامعيان في الرياضيات، كنت أذهب إلى مكان عمل والدتي في الجامعة، وألعب على ذاك الكمبيوتر هناك، وحينها كان بإمكاني الذهاب إلى معهد البحث الذي يعمل فيه والدي وألعب على كمبيوتره). مضيفة: (إن أقدم ذكرياتي هي صورة والداي وهما يشتغلان في المختبر ويعملان على الكمبيوتر). من خلال ذاك الكشف المبكر لتبادل المعلومات والاتصال الرقمي؛ بدأت أوزاكي بافتراض خيوط جديدة للحقائق في حياتها الشخصية والمجتمع، وخاصة في غياب التكافؤ بين الجنسين.
كان حبيبها الافتراضي أول تجربة لها مستمدة من انعدام تفاعلاتها مع الجنس الآخر، والقوانين الاجتماعية القمعية للمجتمع الياباني، وفي المنزل كان بإمكانها إطلاق العنان لرومانسيتها وخيالها.
هذا الاكتشاف دفعها إلى مهنة تدمج ممارستها للفن المعاصر بعملها في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) في مختبر مجموعة التصميم “Media Lab’s Design Fiction group”، واكتشافها التواصل المباشر، أي الند للند، والمشاركة ونشر الأفكار من خلال وسائل التواصل وفيديوهات موسيقاها وأزياء وسرديات لها طابع المانغا، كل ذلك جعل منها مزيجاً خاصاً. فهي مهووسة وفنانة ونجمة بوب، وباستخدامها هذه الهوية أبدعت مستقبلاً لأناس آخرين ولها أيضاً، وقد امتد هذا الولع بالتجريب حتى إلى لقبها الفني "سبوتنيكو"، وهو تحوير لاسم مدرستها الثانوية المستعار "سبوتنيك"، كما أنه اسم سلسلة الأقمار الصناعية التي أطلقها الاتحاد السوفييتي إلى الفضاء أواخر خمسينيات القرن الماضي، أي “الرفيق المتجول” حسب الترجمة من الروسية إلى الإنكليزية. أوزاكي لا تكل ولا تمل، وبحثها بطرائق عدة عن أساليب حياة جديدة وحقائق بديلة؛ يعكس رغبة المجتمع في التواصل والمشاركة والتوزيع.
في المعهد الملكي للفنون في لندن حيث درست أوزاكي الماجستير في تفاعل التصميم؛ اخترعت على سبيل المثال ثلاث شخصيات خيالية، وعدلت أشكالها المادية لتحقيق فانتازيا معينة، مثل التحدث مع الغربان.
أحد الموضوعات التي ظهرت من هذا المشروع كان النموذج الأول لجهاز الحيض الذي يذكر بتصميم حزام العفّة، ويمكن لأي شخص ارتداءه. وأسفل البطن أُطلقت الصدمات الكهربائية المؤلمة وغير المهددة للحياة بشكل متقطع، فيما تمت برمجة زجاجة دم لتخرج سائلاً بشكل متقطع، أي 80 مم خلال يوم واحد، وذلك لمحاكاة تجربة التشنجات الناجمة عن الحيض ونزف الدم، وقد ترافق ذلك مع مزيد من البحث في دورات الإباضة، ومع جزء أساسي آخر من عمل أوزاكي، وهو عبارة عن فيديو مدته ثلاث دقائق لأغنية كتبتها على نمط أغاني البوب، وفيه توثيق ليوم من حياة رجل متحول جنسياً مع الجهاز، وهو يحاول المشي ويغني كارايوكي، ويأخذ بوراكورا صوراً في أكشاك، وفي نهاية المطاف يتقلّب في ألمه بشعرٍ مستعار برتقالي اللون ومكياج وسترة زرقاء ارتداها صباحاً بجهد محدود، مثل صدمة الألم التي تمر بها الفتيات، وطوال الوقت تتردد في الخلفية أغاني سبوتينكو بلحن أنثوي ذاتي (يمكنك أن تتعلم/ إذا كنت تتجرأ حقاً/ أن تشعر بهذه الحقيقة الجديدة/ هل يمكنك أن تشعر بذات الشعور؟)
بعد التخرج بدأت أوزاكي بتوجيه اهتماماتها إلى صناعة الأساطير، كما استمرت بتطوير أسلوبها في التعليق على الموضوعات الاجتماعية التي تعبر عنها من خلال الأغاني الساخرة والرقص. مثل (تيشيما 8 مليون مختبر)، وهو مقر بحث ومعبد يقع جنوب شرق تيشيما في اليابان، وافتتح خلال ترينالي سيتوشي عام 2016، وقد تطور زخم هذا المشروع من زيارة أوزاكي لمعبد كاندا ميوجين المحافظ عليه وفق تقاليد ديانة الشينتو، وأشادت به قناة سي إن إن ترافل، واصفة إياه بأنه (معبد عالمي فريد) بسبب ضخامة عدد التمائم، والحماية من السحر ضد التهديدات الرقمية، بما فيها سرقة الهوية عبر الإنترنت، وفيروسات طروادة.
بناء على هذه النظرة المعاصرة أرادت أوزاكي أن تدفع إلى الأمام أفكار أساطير آسيا ودينها. وقالت: (بدأت العمل مع كهنة الشينتو الذين شرحوا لي أن من وجهة نظر الشينتو كل شيء حي هو روح، وبمجرد خلق حيوان جديد يصبح بإمكانه التعبّد أيضاً، وبإمكاننا صنع تميمة له).
كانت تبحث في مصير الحكايات القديمة المسماة “خيط القدر الأحمر” والتي تقول إن رفاق الروح يتصلون منذ الولادة بخيط غير مرئي لا يمكن قطعه، وبدأت بالهندسة الوراثية لدودة الحرير لتصنع أليافاً بلون مرجاني، وأنتجت نفثات من الأوكسيتوسين هرمون الحب الحقيقي الذي يمكن أن يصلي له الرومانسيون.
الزوار الذين يقتربون من “مخبر تيشيما 8 مليون” نذورا معلقة من أجل يرقة مهجنة تؤدي إلى منزل عمره 60 عاماً تم تجديده، ويستضيف معرضٌ أعمالاً فنية تتأمل في أشكال الإيمان المعاصرة القائمة على العلم بما في ذلك الفيديو الموسيقي الذي يعرض بشكل دائم (خيط القدر الأحمر)، و (قصة حبّ تاماكي)/ 2016؛ حيث البطلة العاشقة بجنون تطور دودة حرير لتحصل على معشوقها.
مستقبلاً ستركز أوزاكي على أساطير من وجهة نظر آسيوية، حيث يمكن أن يصل عدد الآلهة المعبودين إلى 8 ملايين إله حسب معتقدات الشينتو، بعكس نمط الإيمان الغربي التوحيدي، وهذا الاتجاه الذي يتضمن ملايين الاحتمالات بدل الاحتمال الواحد؛ يعكس وجهة نظر الفنانة عن العالم.
إن الممارسات متعددة الاختصاصات لأوزاكي أسفرت عن إبداعات عرضت في متحف الفن الحديث في نيويورك، وفي متحف فكتوريا وألبرت في لندن، وفي متحف الفن المعاصر في طوكيو، وأيضاً بطلب من غوتشي تقديراً لخيوطها الحريرية المتوهجة، وفي مركز جونسون للفضاء في هوستن الذي تعاون مع الفنانة في عملٍ استخدم مركبة قمرية (آلة المشي على القمر – خطوة سيلينا)/ 2013، وهو فيديو يصور شابة تقود العربة على القمر، كان قد عرض مؤخراً في هونغ كونغ على واجهة “H Queen’s” الذي سيفتتح قريباً في المركز، والنساء العاملات في المكاتب المرهقات المتعبات؛ عندما ينظرن إلى الأعلى سوف يأخذن الإلهام من أوزاكي وهي ترتدي درع محارب فضي وتلوّح بالسيف.
كلمات الأغاني مثل (سوف أشارك في مهمة لم يشارك فيها رجل من قبل) هي توبيخ لعالم الفضاء الذي يرتكز على الرجال، وفيه كعبين عاليين معلقين على المركبة التي تطبع بصمتها بفخر على غبار القمر.
تعبّر أوزاكي عن التزامها بالمساواة في مشروع جديد، وهو بدلة تحاكي التأثيرات النفسية للتنمّر أو الإيذاء الافتراضي للنساء، وهي تُصدر موجات كراهية افتراضية يمكن الاحساس بها، حيث طور فريقها في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا اقتراحاً قدمه أحد طلبتها، وهو أن أي خلية من خلايا جسم الإنسان يمكن تكرارها لصنع المني أو البويضة، وبذلك ستكون قدرة المثليين على الإنجاب أو حتى القدرة على الإنجاب من دون أب حقيقة واقعة. هناك شيء واضح، وهو أنها تهدف للقيام بخطوة هائلة من أجل الجنس البشري والعلم والفن المعاصر.
The full version of this article is not available on our website yet. Access it now by purchasing a single article on our Digital Library.
SUBSCRIBE NOW to receive ArtAsiaPacific’s print editions, including the current issue with this article, for only USD 85 a year or USD 160 for two years.
ORDER the print edition of the September/October 2017 issue, in which this article is printed, for USD 15.