تم جمع الأعمال الجديدة للفنان الهندي سوبود غوبتا في عرض تأملي قدمته صالة كونتينوا في سان جيميغنا بعنوان (في هذا الإناء يوجد حجر الفلاسفة) والذي ضم 11 عملاً، بين نحت وتركيب وألوان مائية، عرضت في فندق ليون بينكو في قاعة تملكها صالة كونتينيوا، تقع في الطابق الأعلى من المبنى الذي يعود إلى القرن الـ11، مع أرضية تراكوتا وسقف مدعوم بعوارض أفقية خشبية، وقد أعطى مكان العرض جاذبية للمعرض، وعزز التواصل المباشر مع الأعمال بدعوةٍ للتأمل في مكان الجنس البشري في الكون.
غوبتا شهير بمجسماته الضخمة الملهمة المذهلة المكونة من تجميع الأواني والقدور والمقالي. والفنان البالغ من العمر 53 عاماً يستعمل الأدوات المنزلية المرتبطة بالطعام ليستدعي طفولته في بيهار، إحدى أكثر المناطق الريفية فقراً في الهند، وبالتالي يلفت الانتباه إلى تناقضات الواقع الاجتماعي الاقتصادي في وطنه، حيث يتعايش الاقتصاد المزدهر والتفاوت الفاحش في امتلاك الثروات مع الكثيرين ممن يفتقرون إمكانية الحصول على الطعام والمياه الصالحة للشرب.
في الأعوام الأخيرة أصبحت الموضوعات المحلية التي استعملها غوبتا في أعماله الفنية المركبة استكشافاً لموضوعات غامضة وعالمية. إن نشأة الفنان في كنف أسرة هندوسية؛ كرست الاعتقاد لديه بأن كل الأشياء مشبعة بأهمية روحية عميقة، بحيث يستطيع المرء العثور على صلة حتى مع الموضوعات العادية، وكانت هذه الفكرة السقالة المفاهيمية لمعرض غوبتا الذي استوحي عنوانه من قصيدة تعود إلى القرن الـ15، منسوبة للصوفي الهندي كبير الذي نشر صورة سفينة واحدة تحمل الكون بكامله.
في العرض في صالة كونتينوا أعيد ترتيب موضوعات الحياة اليومية، وأعطيت سياقات جديدة لرسم علاقات شعرية بين الكون والحياة اليومية، وتم اقتراح مثل هذا الربط في نافاغراها (تسعة كواكب)/ 2017؛ الذي يتكون من 9 مقالٍ أزيلت مقابضها، وعلقت على جدار الممر في صف واحد.
الطبقة الداكنة على المقالي والصدأ واحتراق بعض الأماكن بسبب الاستعمال المستمر تشبه قشور الكواكب بحفرها وببحارها الجافة، لكنها تذكّر أيضاً بخصوصية طقوس الحياة اليومية المحلية، وتدمج مجازات الحياة اليومية مع الكون ببساطة وعلى نحو فعال.
يتكون العمل المركزي في معرض (في هذا الإناء يوجد حجر الفلاسفة) من إبريق نحاسي هندي تقليدي مصقول معلق على مستوى النظر، ومن سلك حديدي يصل الوعاء بالسقف، ثم يتدلى داخل التجويف النحاسي حجراً صغيراً، ليعطي انطباعاً بأنه معلق في الفضاء المظلم، ومثل هذه القطعة الساحرة تجعل أبيات شعرٍ كبير مرئية بصرياً مع دعابة مختصرة مستمدة من التلاعب بالكلام، حيث أن “الإناء” ليس فقط للماء، إنما لينطلق محلقاً كي يكتشف الكون.
روابط ضخمة أخرى ظهرت بشكل شاعري في (من الأرض ولا واحد منها أنا) وفي (الخامس والسابع)/ 2016؛ وقد جاءا بهيئة صومعة حبوب طينية مرصعة بأشكال عضوية بارزة من الجص الأبيض المصقول الذي يشبه غيوماً أو أشكالا فطرية، والتباين بين سطوح الطين المسامية والنتوءات الناعمة تولد إغراء كبيراً للمس، ومع التصفيف الجذاب للآنيتين؛ فإن غوبتا يحولهما إلى منحوتتين رائعتين مثل أشكال الحياة المكتشفة حديثاً.
بشكل غير مباشر ترتبط الأعمال مع الموضوع الرئيس للمعرض، ومع ذلك فإن الأبرز هي تسعة أعمال مؤطرة ملونة بالألوان المائية، كل واحد منها يصور وردة ذابلة، وجاءت بعنوان جماعي (ماذا يوجد في الاسم؟)/ 2017؛ عندما كان الفنان يزور حديقة زهور في نيودلهي جذبه الجمال الكئيب للزهور الذابلة، ومع ضربات الفرشاة الحساسة أعاد خلق الظلال الزهرية والكريمية والصفراء للبتلات الذابلة، قابضاً على سوداوية زوال الحياة.
ورغم أن معرض (في هذا الإناء يوجد حجر الفيلسوف) يفتقر للمشاهد التي نتوقعها من التركيبات المميزة لغوبتا؛ فقد قدم مكان العرض بيئة جذابة اسضافت أعمالاً فنية مبهجة كانت تأملية وشاعرية. وقد كثف الفنان التأملات المؤثرة إلى مستوى حميم، لكنها ظلت تخدم الدعابة قبل توجيه المشاهده نحو الأفكار السامية المخضبة بالصوفية.
SUBSCRIBE NOW to receive ArtAsiaPacific’s print editions, including the current issue with this article, for only USD 85 a year or USD 160 for two years.
ORDER the print edition of the September/October 2017 issue, in which this article is printed, for USD 15.