P
R
E
V
N
E
X
T

CEVDET EREK at his home studio in Istanbul. Photography by Emel Ernalbant.

حيث أعمل

Cevdet Erek

Turkey
Also available in:  Chinese  English

تبدو بناية “جودت إريك” الواقعة بالقرب من متجر “بيمن” الفاخر في حي “نيشانتاشي” الأنيق محاصرة بالضوضاء، حيث أعمال حفريات، وأبواق سيارات الأجرة، وطقطقة الكعوب العالية على الأرصفة الحجرية، فيما يبدو بهو البناية مثل واحة بورجوازية ساكنة، فيها أعمال الفن الحديث المعدنية، ودرج رخامي يفضي إلى عدة طوابق من عيادات الأطباء، وفي الطابق الثالث تُركت علامة مربع ذهبي صغير على باب “إريك”. وعن مدى تغير الحي منذ أن سكنه الفنان قبل 10 سنوات، وكم أصبح مزدحماً، وعن رغبته في مكان أكثر هدوءاً يكون مطلاً على الماء؛ بدأنا الحديث فوراً.

الصوت والزمن والتحول الحضري مفاهيم ثلاثة تظهر في أعمال “إريك” الإبداعية، والفنان الذي درس العمارة في جامعة “معمار سنان” معروف في الوسط المحلي باعتباره فناناً وطبالاً أيضاً في فرقة الروك التقدمي “نيكروبسي” منذ أيام دراسته في التسعينيات، حين بدأت تركيا بالتحول نحو الليبرالية، وهو الذي يقول: “كنا نحاول أن نجد مساحة إبداعية لنا، بعيداً عن الرسمي والقومي والشعبي”، وقد استهل الفنان بداياته الفنية في أوائل الألفية الجديدة من خلال سلسلة إنشاءات فلمية حول مواقع معينة ذات أهمية معمارية في اسطنبول، وذلك قبل أن يباشر بعمل سلسلة أفلام تعرض داخل النماذج المصغرة في المعارض، وعشاق “إريك” في اسطنبول مأخوذون تحديداً بأداء “SSS – Shore Scene Soundtrack”/ 2006؛ الذي يحرّك فيه الفنان يديه فوق سجادة ليحاكي بذلك صوت المحيط.

كنا على مسافة أسبوع من افتتاح بينالي اسطنبول، وكان “إريك” قد عاد للتو من كوبنهاغن بعد أن افتتح فيها هو و"أحمد أوغوت" أول معارضهما المشتركة (البيه أحمد جودت يقدم نفق الخوف)، وهي إنشاءة تعمَّد فيها الفنانان ـ على نحو غير معهود منهما ـ التقاط أشياء تافهة من شوارع اسطنبول، وبعد أن شربنا أكواباً من الشاي، وتناولنا فطائر الشوريك على مائدة طعامه وعمله المغطاة بخرائط شوارع برلين والقاهرة، سنحت الفرصة لطرح سؤال على “إريك” حول أطروحته التي كان قد أنجزها وناقشها في يونيو/ حزيران الماضي في مركز الدراسات الموسيقية المتقدمة في جامعة اسطنبول التقنية، فأفاض “إريك” في الحديث حول تنقيبه في “تمثيل الكرونولوجيا والزمن المُقاس في الصوت”، وحول تاريخ التمثيل البصري للزمن “جدول زمني للجداول الزمنية”، وحول “إصدار الصوت”، أي كيف نكتسب معلومات من خلال الأصوات الوظيفية في البيئة، مثل صوت المنبّه، وأصوات الأبواق، وصوت الأذان.

وعلى الرغم من أن أطروحته قد أخذته بعيداً عن عمله الفني فترة، إلا أنها كانت ملهمة أيضاً، ويبدو ذلك واضحاً في أعماله الأكثر انتشاراً، وهي أنواع غير تقليدية من أجهزة القياس تتمثل في سلسلة “دراسات المساطر والإيقاع”/ 2007ـ 2011؛ وقد تم عرض الكثير منها على طاولات طولها عدة أمتار في بينالي اسطنبول منتصف سبتمبر/ أيلول الماضي، وقد حملت إحدى تلك المساطر البلاستيكية البيضاء علامتين فقط هما: “الآن” و"النهاية"، أما (مسطرة 100 سنة ـ مع ثورة في التقويم والأبجدية)/2011؛ فتشير إلى السنوات 100 الماضية، مطبوعة بالأرقام العثمانية التي كانت سائدة حتى سنة 1928، وقد وزّعت 5 آلاف نسخة من عمله  (مسطرة الانقلاب)/2011؛ التي تظهر سنوات الثورة حول العالم لزوار البينالي.

يقوم “إريك” بتزويد مكونات صوتية متنوعة لمشروع “أورهان باموق” الذي طال انتظاره، وهو (متحف البراءة)، والمشروع عبارة عن بناية يحمل اسم رواية لـ"باموق"، يفترض أن تفتتح في حي “شوكورجما” أوائل سنة 2012، وقد أدركتُ أن “إريك” لا يوافق على بعض أشكال التطور الحضري الجارية، في “نيشانتاشي” وغيرها، وخصوصاً تشييد جسر السلطان محمد الفاتح (الجسر الثاني)، الذي يعلو الآن حي “روملي حصار” المقابل لنهر البوسفور حيث نشأ "إريك"، وقد حمل غلاف ألبوم فرقة “نيكروبسي” (Sayı 2)/ 2006 صورة التقطتها والدة “أريك” للجزء الأخير من الجسر مرفوعاً حيث الأجزاء الأخرى، ويعاود “إريك” استكشاف هذه التحولات في فيلمه (الجسر الثاني الثالث)/2011؛ وهو تنويع جديد على عمل قديم، عرض في (سبعة أعمال جديدة)/2011 بصالة “بورسان كونتيمبوراري”، حيث يزاوج الفيديو بين الأعمال اليومية داخل بيت عائلة “إريك” ومشهد بانورامي مصطنع للبوسفور خارج النافذة، يبدو مثل لوحين مكوَّنين من مشهدين ثابتين للجسر الثاني كما يظهر من الجانبين الأوروبي والآسيوي، بحيث يبدو وكأن هناك جسرين ينصهران في جسر واحد، وأن البواخر العابرة تختفي في نقطة بمنتصف النافذة.

قبل مغادرتي سألت “إريك” عن تجميعه زجاجات بيرة بنية اللون، وقد تُركت بإهمال على لوح مشعّ لا علاقة له بها، ومجموعة أجراس ريحية مصنوعة من أصداف بحرية اشتراها للتو  ـ ربما تحت تأثير (البيه أحمد جودت)، وعن رغبته بإيجاد مكان جديد مطل على الماء، وفي الوقت الحالي ليس هناك سوى لوحة براقة وحيدة للمحيط رسمها “أنتونيو كونسينتينو”، نراها معلقة بشكل مائل على جدار مصفَّر في الجانب الآخر من غرفة الجلوس.