P
R
E
V
N
E
X
T

ATSUKO TANAKAGate of Hell, 1965–69, vinyl paint on canvas. Copyright Ryoji Ito. Courtesy the Collection of Chiba City Museum of Art.


ATSUKO TANAKA, Golden Work A, 1962 vinyl paint on canvas. Copyright Ryoji Ito. Courtesy the Collection of Chiba City Museum of Art.

أتسوكو تاناكا: فن الرّبط

أتسوكو تاناكا

Museum of Contemporary Art Tokyo
Japan
Also available in:  Chinese  English
تعرف “أتسوكو تاناكا” بعملها (الفستان الكهربائي) 1956- 1986؛ وهو عبارة عن “رداء” وظيفي صنع من مئات من الأضواء الوامضة والكابلات الكهربائية، تغرق من يرتديه في عرض آسر من الألوان والتّلألؤ، وقد شكّل هذا العمل نواة الاحتفالية التي أقامها متحف الفن المعاصر في طوكيو، متتبعاً من خلالها وفي تدرّج أخّاذ مسيرة “تاناكا” الإبداعية، منذ سنة 1952، أي قبيل انخراطها عقداً من الزمان مع جماعة الفن الطليعي اليابانية "غوتاي"، وحتى السنوات السابقة على وفاتها عام 2005.

أخذت الاحتفالية شكل مشروع مشترك بين صالة عرض “إيكون” في بيرمينغهام و"فضاء الفن المعاصر" في كاستيون بإسبانيا، حيث عرضت الاحتفالية في الصالتين سنة 2011، وحشدت حوالي 100 قطعة فنية، بما فيها تجارب مبكرة من الكولاج والقماش والرسومات والإنشاءات، بالإضافة إلى اختيارات واسعة من اللوحات والأفلام التي توثق أداءات “تاناكا” ومشاركاتها البيئية.

تميّزت أعمال الفنانة الراحلة برغبتها في أن تكون استجابة للزمن الراهن، ففي (الفستان الكهربائي) مثلاً كانت نقطة الانطلاق بيئة ما بعد الحرب في أوساكا مسقط رأس الفنانة، حيث كانت التطورات التكنولوجية الجديدة قد استهلت عالماً من التغيير، وبالاستعارة من جماليات لافتات نيون للإعلانات صممت الفنانة زيّاً مجسّداً لمشهدية بصرية وانغماس إحساسيّ، وعرض هذا العمل في الاحتفالية على شكل إنشاءة نحتية أُلقيَت فوق بنية تمثال، وقد عكس هذا التجمهر من الأضواء البراقة الملونة يدوياً؛ لوناً وشعوراً فوضوياً وآسراً، عدوانياً وسماوياً في الوقت ذاته.

ثمة أعمال أخرى تعود إلى منتصف الخمسينيات انشغلت هي الأخرى بتصوير الملابس، مثل (مسرح الملابس)، وهو أداء مرح مفعم بالحيوية عُرِض من خلال فيلم و4 دراسات تمهيدية مبهجة تبدّل فيه “تاناكا” بعجالة عدداً من الأزياء المخصصة والمصممة بغرض إبراز فكرة التحوّل أو القيود، إذ نرى أطراف ثوب بالغة الطول بشكل يقيّد حرية الحركة، وفساتين تظهر أجزاء منفصلة عن بعضها، وطبقات جديدة تظهر من جيوب خفيّة، أما (عمل)/ 1955؛ فيبرز استخداماً أقل للقماش، حيث يعرض سلسلة مكونة من 3 قطع طويلة مستطيلة من قطن أصفر معلّقة على الجدار، وإذ تعكس التموجات الواهنة لأسطح هذه القطع بقعاً وتعرجات وثقوباً، فإن أياً من آثار يد الفنانة لا تظهر فيها، وقد اعتبر هذا العمل إضافة جريئة في زمنه، وذلك بإسباغه نوعاً من التذوق الجمالي على أشياء الحياة اليومية، عاكساً بذلك التزام “غوتاي” باستكشاف الخصائص الكامنة في المواد، وهو ما يظهر أصلاً في اسم الجماعة ذاتها الذي يعني “المحسوس” أو “المادي”.

لكن “تاناكا” تميّزت عن أقرانها في غوتاي، وذلك من خلال اهتمامها أيضاً بالتجريبي والروحي، وخير مثال على ذلك ومن أوائل مسيرتها (عمل/جرس)/ 1955- 2000؛ الذي يصدم الجمهور برنين مدوّ حدّ الإزعاج يصدر عن 20 جرساً كهربائياً، وبالمثل فإن مشاركتها البيئية ظهرت في فيلم (جولة على الرمل)/ 1968؛ من إخراج “هيروشي فوكوزاوا”، حيث سلّطت الضوء على الظواهر الزائلة العابرة، ففي رسومات مفصلة ومرتجلة على طول شاطئ نقشت “تاناكا” مجموعة واسعة من الدوائر المرتبطة بشبكة كثيفة من الخطوط على الرمال، وإذ تحيل هذه العناصر بصرياً إلى (فستان كهربائي) وما فيه من تأليف معقد بين المصابيح الكهربائية والدوائر، فإنها في الوقت ذاته تنقل انشغال الفنانة بالعلاقات بين الناس والسياقات والمواد والظواهر وسواها من أشكال تتضمنها الحياة اليومية.

كُرّس النصف الثاني من الاحتفالية لعرض لوحات “تاناكا” منذ نهاية الخمسينيات وصاعداً، والتي تكشف عن استكشافها الدقيق لعوالم اللغة البصرية المجردة التي ظهرت أولى بشائرها في (فستان كهربائي)، وقد تميزت هذه الأعمال بنوع من الفوريّة والديناميكية الحادة، إذ نرى دوائر تصطدم حوافها ببعضها تارة، وتتداخل تارة أخرى، وكأنها جماعات من الخلايا النابضة من خلال لوحات زيتية، كما في (عمل)/ 1962، و(عمل 1968)/ 1968؛ على الترتيب، وتظهر الدوائر المتصلة من خلال شبكة سلسة من الخطوط مثل انعكاسات قوية للترابط الذي يصبغ كل منحى من مناحي وجودنا، بدءاً من علم وظائف الأعضاء وصولاً إلى الحياة الثقافية، مروراً بالأنظمة التكنولوجية.

ربما يكون أكثر الجوانب الراديكالية في ممارسة “تاناكا” هو نظرتها إلى مجمل إنتاجها على أنه شكل من “الرسم بالألوان”، وهي الفكرة التي لم تظهر جلية في الاحتفالية، على الرغم من أن الكاتالوج المرافق قد أكّدها مطوّلاً، ومع ذلك فإن الأعمال المختارة قد أبرزت اتّساق نظرة الفنانة وتماسكها خلال 5 عقود من الممارسة، راسمة بذلك قوساً لامعاً من التداعيات بين مشاريعها التجريبية المبكّرة الرائدة ضمن سياق تاريخ الفن الطليعي الياباني ما بعد الحرب، وبين مجمل أعمالها الخصبة من اللوحات التي تلت ذلك.