في تحقيق الغلاف يزور محرر مكتبنا في لندن “جون جيرفس” استديو الملحّن لندني الإقامة “هارون ميرزا” الفائز بجائزة الأسد الفضي عن فئة الفنان الشاب الواعد في بينالي البندقية العام الماضي، والذي سيعرض عملاً جديداً في غوانغجو سبتمبر/ أيلول القادم، حيث يسبر “جيرفس” ممارسة هذا الفنان ذي الـ 35 عاماً، والتي تشمل تجميع أثاث قديم مع تلفزيونات بالية ومعدات صوتية، إلى جانب مشغلات موسيقى رقمية وصمامات ثنائية باعثة للضوء، ويكتب “جيرفس” انطباعته وهو يستمع إلى مجموعة الأصوات التي تصدرها أشياء “ميرزا” قائلاً: (إن احتضان هذا البريق من الفوضى ربما يعكس بوضوح تجربة الإنترنت، ويقود إلى نغمات أكثر إنسانية تتمظهر في إعادة “ميرزا” تخيل الإمكانيات الحسية).
كما يشارك في غوانغجو الفنان الكوري الأمريكي “مايكل جو”، وبهذا الصدد تنقب محررة المراجعات “هاناي كو” في مسيرة الفنان، مستكشفة أعماله المستعصية غالباً، باحتوائها على العلوم والروحانيات والبيئة، فتبدأ “كو” بمنحوتة (ملوحة العظمة)/1992 المتكونة من 4 مكعبات ملحية ضخمة مضغوطة، يتخللها عرق اصطناعي، لتمثل جميعها استهلاك السعرات الحرارية في حيوات شخصيات آسيوية تاريخية هي “جنكيز خان” و"زهرة طوكيو" و"بروس لي" و"ماوتسي تونغ"، وتنتهي بنا إلى منحة الإقامة التي حصل عليها “جو” في متحف سميث سونيان للفن الأمريكي بواشنطن أواخر هذا العام، حيث سيدرس “جو” العالِم المتحول إلى فنان تقنيات الطباعة والمسح الضوئي المتقدمة ثلاثية الأبعاد.
تقوم “راشيل كينت” كبيرة قيمي المعارض في متحف الفن المعاصر في سيدني بالتأمل في الطبيعة التشاركية لإبداع الفنان “لي مينغوي” الذي يوزع إقامته بين نيويورك وتايبيه، والذي أنهى للتو عرض عمله (مشروع إصلاح) في بينالي سيدني هذا العام، حيث تشرح “كينت” كيف أن ممارسة هذا الفنان – الذي يفضله منظمو البيناليهات – تتعامل مع (نشاطات اعتيادية في ظاهرها، كالمشي وتناول الطعام والنوم والكتابة وعزف الموسيقى)، لكنها تصبح (فرصاً جادّة للارتباط والحميمية)، فيما يقع ختام باب التحقيق هذه المرة على عاتق المحرر المراسل “هـ. ج. ماسترز” الذي يناقش عمل “إسرا إيرسن” الأنثروبولوجي والمشبع بالوثائقية، في كشفه عن السلوكيات الثقافية – اللغة والخلفية الدراسية والمعتقدات الدينية والسياسة – التي تؤثر في الفرد والمجتمع.
يشتمل باب “لمحات” على مقابلة مع المحسنة الشابة “نعمة السديري” المؤسِّسة المشارِكة لفضاء “الآن” الفني، وهو أول مركز فني معاصر في مدينة الرياض، والذي سيرى النور في شهر سبتمبر/ أيلول، ونستضيف مساهمة من “لي أمبروزي” الذي يلقي نظرة عن كثب على إنشاءات “شي كينغ” عشية مشاركته في بينالي الشارقة، فيما تلتقي محررة مكتب دبي “إيزابيلا إي. هيوز” مع فنان الصوت اللبناني “طارق عطوي” وتناقشه في آخر أعماله التي كلفه بها مشروع “من راسي”، بعنوان (فراغات)/2012؛ المستوحى من رواية غسان كنفاني “رجال تحت الشمس”، والذي عرض مؤخراً في “متحف الفن الحديث” في مدينة الكويت.
في قسم المقالات نواصل الجزء الثاني من دراسة الناقد والمؤرخ الفني “تيري سميث” حول البيناليهات وقصة احتوائها المتزايد من قبل مؤسسة المتحف على مدار العقد الفائت، وفي طوكيو يجري “جيمس جاك” سلسلة محاورات مع 3 فنانين منخرطين في حركة “مونو- ها”، مسجلاً ردود أفعالهم على الاهتمام الحديث بالولايات المتحدة في هذا التجمع الفني الفضفاض الناشط في أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات، وفي “دراسة حالة” يتناول المحرر المشارك “تشين-تشين ياب” تصاميم “بيتا تانك” المفاهيمية، مستكشفاً كيف يمكن أن تخضع مادة متحولة – من كرسي إلى شيء فني مثلاً – إلى رسوم عشوائية يفرضها مسؤولو جمارك جهلاء.
في محور العدد يتأمل قيم المعارض المستقل “هو هانرو” في المنظمات المؤسساتية – لا سيما المتاحف العامة – التي تقع ضحية لسوق الفن ومصالح رعاته، ويقترح “هانرو” نموذجاً جديداً سيغذّي بالتأكيد النقد الثقافي الفكري المستقل عن الأجندات الحكومية والخاصة، ويبعث إلينا محرر مكتبنا في تايوان “ديفيد فريزيير” برسالة العدد من تايبيه تتضمّن رؤية من الداخل لمجتمع الفن المتماسك هناك، وآماله العريضة في “هوانغ هاي – مينغ” المدير الجديد لمتحف الفنون الجميلة الذي يشهد للمرة الأولى مديراً لا هو سياسي ولا تكنوقراط، بل عالم فنون.
ويتطوع الفنان الأندونيسي “جومبت كوسويدانانتو” الذي سيشارك في بينالي تايبيه هذا العام بالإجابة على استبياننا، مقراً بأن تايبيه هي مكانه المفضل للعيش وللعمل بعد يوغياكارتا، وفي الباب الجديد “طباعة حسنة” يفسّر المحامي الفني “سيرجيو مونوز سارمينتو” كيف أن القضايا القانونية مثل الملكية الفكرية وحقوق الطبع، ونموذج البينالي (يشكلها تنوّع واستقلال العناصر الثقافية والإثنية واللغوية والتاريخية والتاريخية الفنية) فنأمل أن يظل قانون كوني موحّد للفنون بعيداً عن أعين المشرّعين وأفكارهم، وأن يبقى عالم الفن محترِماً الخصوصيات الفريدة التي يداوم الفنانون وقيمو البيناليهات على اعتناقها.