P
R
E
V
N
E
X
T

An intersection in Jhongjheng District, Taipei. Photo by Ann Woo for ArtAsiaPacific.

تايبيه

Taiwan
Also available in:  Chinese  English
وجد متحف تايبيه للفنون الجميلة – أهم متاحف تايوان للفن المعاصر والحديث – ذاته بلا إدارة مدة 12 شهراً، وذلك إبان فضيحة هزّته مؤخراً، والحقيقة أن المتحف أصبح مثل سفينة بلا دفة قيادة منذ عام 2010، حين زُعم أن مديرته في ذلك الوقت “هسيي هسياو- ين” كانت تمنح عقوداً لمعروضات عالية الثمن بأسلوب انطباعي من الدرجة الثانية لشركة العرض والإنتاج التي تملكها ابنتها، وقد سارعت المديرة وخليفتها سيء الطّالع “وو كوانغ- تينغ” بتقديم استقالتهما فوراً قبل أن يتم إثبات أي شيء، لكن القضية التي غدت تعرف باسم “فضيحة المعارض الخاصة” ألحقت ضرراً شديداً بسمعة المتحف، ونفّرت منه مجتمع الفنانيين المحليين إلى حدّ بعيد.

جلب – إذن- تعيين “هوانغ هاي- مينغ” مديراً جديداً للمتحف الارتياح برؤية إدارة للمتحف أخيراً، وكذلك التخوف؛ لأن “مينغ” ليس سياسياً ولا تكنوقراطياً، بل عالماً يعرف الموضوع الفني جيداً، وهو ما يجعل المرء يتساءل عن إمكانية بقائه طويلاً.

ومع ذلك أصبح “مينغ” المدير السابع للمتحف ذي الـ 29 عاماً، وكان “مينغ” قد صمّم أول برنامج دراسات عليا في تايوان على شكل “دراسات في تنظيم المعارض” في جامعة بلدية تايبيه للتربية، إضافة إلى إطلاقه فضائين فنيين شبه مستقلين بإدارة طلابية هما: “نانهاي” و"وولونغ 29"، ومن جانب آخر كان “مينغ” دوماً ناقداً لبينالي المدينة نظراً لخلوّه من الذاتية التايوانية، لذا فإن من المتوقع أن يؤدي حصوله على هذه الوظيفة الأممية إلى تليين تلك الوجهات الخارجية والأصيلة والبديلة.

سبب التفاؤل الأساسي يبقى أن “مينغ” لم يحاول قطّ أن يخفي جروح المتحف الغائرة، إذ تحدث مباشرة في أولى مؤتمراته الصحفية عن فضيحة المتحف، وعن أن الوقت قد حان لتبني نظرة واقعية في الكيفية التي يمكن عبرها للمتاحف ولصالات العرض ولجماعات الفن التجاري وللمؤسسات الخاصة والحكومية المتعددة أن تتفاعل، وبعبارة أخرى فإن “مينغ” يرى في المتحف جزءاً من بيئة ثقافية أكبر، أما بالنسبة للمعارض فأوضح أنه ليس هناك (افعل ولا تفعل، بل الذكاء والأفكار والمفاهيم)، وهو ما جعله بالفعل يبدو مثل مدير!

لكن علينا الانتظار لنرى إن كان بإمكان “مينغ” جذب المهتمين بالفن المعاصر ثانية إلى عالمهم، لأنه وبمجرد حلول الفضيحة عام 2010 كان أولئك الأشخاص قد انسحبوا من المشهد تماماً، هذا فضلاً عن أنهم قد اكتشفوا “الثقافة المستقلة”، وهو ما يعني أساساً أنهم وجدوا راعياً مختلفاً، ولا شك أن بعضهم ما يزال يحنّ إلى تمويل للفن على الطريقة الأوروبية، لكن أولئك لم يكونوا حمقى ليرفضوا مطوّراً عقارياً مملوء الجيب لا يمانع في الجلوس حول نار موقدة داخل شقة بالية، ولا بشرب بيرة رخيصة الثمن، وقضاء الوقت مع أشخاص حتى وإن لم يكونوا فنانين لظننّا أنهم دجّالين.

كان كل من شركة “تسونغتاي” لـ"لي شونغ- يي" و مؤسسة “جي يو تي” قد شرعتا أصلاً في دعم صالات العرض التجارية، ومحلات الأثاث الراقية، والمطاعم المتواضعة، وكلها حملت شعار المؤسسة “MOT” الذي يرمز إلى “متحف الغد Museum of Tomorrow”.

وفي عام 2010 أقرضت “جي يو تي” شارعاً فارغاً لمجموعة فنانين شرط أنه وبانتهاء العقد خلال سنتين فإن “تسونغتاي” ستسوّي العمارات بالتراب، وتشيد مكانها محلاً أو بناء فاخراً، وهكذا ظهر وغاب “مركز تايبيه للفن المعاصر”.

حين تم افتتاح المركز أوائل عام 2010 ضم 63 عضواً، 4 منهم من التايوانيين الـ5 الذين كانوا قيمي بينالي تايبيه، بالإضافة إلى عدد من مشاهير فناني الجزيرة، ولسبب ما كنت أنا أيضاً عضواً.

خلال هاتين السنتين الرائعتين استضاف مركز تايبيه سلسلة معارض مغرقة في عبثيتها، ونقاشات مثيرة للجدل، وبضعة حفلات كانت سبباً في تنبيه الشرطة إلى افتتاح المركز، ولا أرى أن أحداً عليه أن يكون متفاجئاً حين يشاهد أن مجموعة يسيطر عليها قيمو معارض ونقاد ومفاهيميين ستكون بارعة في التحدث، وأكثر منه في الشرب، وآلة البيع بالقطع المعدنية التي ضمها الطابق الأرضي لم تبع سوى بيرة تايوانية.

إن النجاح الحقيقي للمركز كان كمن يرمي دلو طلاء على شخص لامرئي، إذ جعل المركز من مجتمع الفن المعاصر في تايبيه شيئاً ملحوظاً، كما أنه كان مفتوحاً أمام الجميع، وحراً من قيود المؤسسات الحكومية الرسمية، لذلك سارع المجتمع الفني إلى التغامز والتهامس بفضيحة المتحف، إذ كانت تلك متعة الشعور بالقوة، علاوة على أنهم كانوا محقين.

استعاد “جي يو تي” عمارته في آذار، لكن الطلاء على الشخص غير المرئي سيحتاج إلى وقت طويل كي يزول، وحتى حين يبحث المركز الآن عن مقر جديد، فإن المجتمع الذي استظلّ به يظل فاعلاً، وسيحسن “مينغ” التصرف إن حاول مصادقتهم.