P
R
E
V
N
E
X
T

SARA WONG (left) moderating YOSHIAKI KAIHATSU (center) and members of FADs Art Space, Tokyo (right) at “Space Traffic,” 2001. Photo by Brett Jones. Courtesy Leung Chi Wo.

مقالة

Hong Kong
Also available in:  Chinese  English
أستمتع برؤية الأشياء القديمة جداً، من صور وملابس ومبانٍ، إذ ثمة مسافة كافية بيننا كي تبدو لي غرائبية، مع ذاك الانطباع العام بأن كل شيء كان أجمل حينذاك، لكن حين نتحدث عن الأشياء الأكثر خصوصية أو المألوفة جداً، فإن الحنين لا يعود مسألة جيدة، والسبب وراء نظري إلى الماضي؛ إنما لأرى كم تغير، لا إلى كم كان جيداً.

حين عدت إلى نيويورك عام 2000 بعد عام ونصف قضيتهما فيها، وجدت الأشياء هادئة تماماً، ربما كانت تلك طريقتي الخاصة في التعبير عن المرض النيويوركي، وهو الاعتقاد الشائع خطأً أنك كنت في مركز العالم الفني، أو ربما نوع من الصحوة من الهيجان الإعلامي الذي رافق تسليم هونغ كونغ إلى الصين.

عدت إلى بارا/سايت التي أسهمت في تأسيسها قبل 4 أعوام، محملاً ببضعة عروض فردية لفنانين قابلتهم في نيويورك، غير أن تلك العروض قوبلت باللامبالاة من مجتمع الفن المحلي.

منذ ذلك الوقت غدا النظر بعيداً بحثاً عما يحوز على اهتمامي أمراً طبيعياً، وبعد تبادل بعض الرسائل الإلكترونية مع بريت جونز من ويست سبيس في ميلبورن، وهو الذي كنت قد تعاونت معه مرتين سابقاً في بارا/سايت، اتضح لكلينا مدى الرغبة في دفع الأمور قدماً، ولأن المحلي ليس في الحقيقة سوى فرد في مكان ما، فإن شبكة تربط محليَّين مختلفَين ستكون طريقة أساسية جداً لإشعارك بأنك لست وحيداً، وبفضل الإنترنت تمكنّا من التواصل بطريقة لم تكن متاحة قبل 10 أعوام إلا لمؤسسات كبرى، ونَمت شبكتنا الناشئة من خلال اقتراحات أصدقاء وزيارات إلى معارض وبيناليهات متعددة.

في بينالي شانغهاي عام 2000 قابلت هانك بيل من مركز A في فانكوفر، وغريدثيا غاويونغ من مشروع 304، ونشأت عن ذلك مجموعة نقاش إلكترونية، لم يكن هناك قاعدة أو إطار مؤسساتي، بل فرقة مكونة من مجموعة أشخاص متقاربي الاهتمام، أرادوا تطوير صلاتٍ، وربما إقامة مشروعٍ مشترك يوماً ما، ففي نيسان/ أبريل 2001 قابلت الفنان وقيّم المعارض كُوْي تسيجي في أوسلو بمعرض للفن الصيني المعاصر، وإلين باو من المؤسسة غير الربحية فيديوتيغ من هونغ كونغ، وقدّمنا منظماتنا المستقلة للجمهور النرويجي، لكن على الرغم من تلاشي الذاكرة؛ إلا أن المرء يتذكر دوماً حماس محاولة شرح شيءٍ يثير اهتمامك، وقد كان للحظةِ التشارك هذه دورٌ في دفعي نحو التفكير في إمكانية إقامة شيءٍ مشابه في هونغ كونغ، ربما بشكل أكبر وأطول وأعمق مما آمل به.

عام 2001 كنت لا أزال أدير بارا/سايت، وخصصت شهر كانون الأول/ديسمبر لمشروع تعاوني مع ويست سبيس، تطور فيما بعد إلى ندوة متعددة الأطراف اشتركت فيها أكثر من 10 منظمات، وقد اقترحت غريدثيا فكرة التهريب، بينما جاء بريت بكلمة مكان، لينتج العنوان (تهريب المكان: الأمكنة التي يديرها فنانون بعيداً عن السياق المحلي).

لم يكن في بارا/سايت إلى جانبي سوى مساعدي جيف ليونغ الذي أعانني في تصميم البرنامج، أما كلير هسو التي كانت مشغولة بتأسيس أرشيف فن آسيا؛ فقد ساعدتنا مشكورة في الحصول على تمويل إضافي وفي الدعم اللوجستي، فيما أعانتنا بتنظيم الندوة إلين نغ حين كانت مديرة فيديوتيغ، وكانت تلك هي المرة الوحيدة التي كان علي فيها مواصلة العمل ليلاً نهاراً في بارا/سايت، إلى جانب جيف، وشريكتي سارا وونغ في بارا/سايت، وذلك كي ننهي الترجمة والتصميم الغرافيكي لكتيّب المعرض.

في بارا/سايت استهل (تهريب المكان) فعالياته بمعرض توثيقي، كما نُظمت ندوة على مدى يومين في مركز هونغ كونغ للفنون البصرية، وقد قُسّمت التقديمات الـ 22 إلى 3 أقسام هي:

(التجارب/الممارسات اليومية للأمكنة التي يديرها فنانون)، (التبادل الثقافي – بناء الشبكات)، (المركز مقابل الأطراف)، وفي نظرة إلى الوراء فإن البرنامج قد لا يعكس تفكيراً عميقاً، لكن ذلك اللقاء العفوي كان مليئاً بالحيوية والإمكانيات، وعلى الرغم من ميزانيته الصغيرة إلا أنه كان تجمعاً عالمياً حقيقياً لفنانين وقيمي معارض لا دافع لديهم سوى مشاركة تأملاتهم.

ربما بدا الموضوع استجابة آسيوية متواضعة لـ (الندوة الأوروبية الأولى للأمكنة التي يديرها فنانون) عام 1999، لكن علينا التذكّر أن العديد من المنظمات الصغيرة المستقلة في المدن الآسيوية، والتي كان يديرها فنانون أواخر التسعينيات وأوائل الألفية الجديدة؛ إنما كانت تستجيب لتطورات فنية معاصرة في المنطقة، وقد اقتصر الاهتمام بتلك التطورات على منظمات قليلة جداً، وربما يكون ضم مؤسسات مثل فيديوتيغ من هونغ كونغ، ومشروع 304 من بانكوك وPlastique Kinetic Worms من سنغافورة، وآي تي بارك من تايبيه، وبارا/سايت؛ في بينالي غوانغجو 2002 الذي نظمه هُوْ هانرو إلى جانب شارلز إشي؛ دليلاً على صحة تلك الملاحظة، وقد استمرت تلك الظاهرة بضع سنوات، إلى أن شهد مقتنو الفنون والمعارض الفنية صحوة كبرى في آسيا، وذلك أواخر العقد الأول من الألفية الجديدة.

ماذا حلّ إذن برفقائنا في السنوات الـ12 الماضية؟ على سبيل المثال كان كُوْي تسيجي المدير الفني لبينالي شانغهاي 2012 ممثلاً عن Loft New Media Art Space التي أغلقت أبوابها للأسف لاحقاً، فيما انتقل فينسنت ليو من سنغافورة إلى الشارقة للتدريس، وهو الذي كان في Plastique Kinetic Worms  الذي أغلق أبوابه عام 2008، ولم يبق سوى آي تي بارك في تايبيه، لكنها الآن صالة عرض تجارية، أما نشاط مشروع 304 فينحصر في صفحة فيسبوك تعرض صوراً أرشيفية، ليبقى مهرجان بانكوك للأفلام التجريبية وليد مشروع 304 نشطاً، وفي العام الماضي اختفت المنظمة القديمة غير الربحية آرتست كوميون بهدوء من هونغ كونغ، فيما استأنفت إلين باو بمنصبها الهام كمديرة فنية لـ فيديوتيغ، وهي العضو المؤسس لها، وماذا عنّي؟ أنا استقلت من عملي في بارا/سايت عام 2007، آملاً أن يستمر المكان بتجديد شبابه دوماً.