P
R
E
V
N
E
X
T

افتتاحية العدد

Also available in:  Chinese  English
إذا نظرنا من زاوية اقتصادية بحتة؛ فإن المجلة الفنية هي مشروع تجاري، لكن الحقيقة أكبر من ذلك، فهي مجتمع، وشخصية، وفوق ذلك كله حضور ملهم في حياة مبدعيها وقرّائها. وإذا كانت 20 عاماً فترة قصيرة في حياة الإنسان، فإنها ليست كذلك في حياة المجلة، والتي عليها تحدّي الزمن، من خلال ضخ دائم من المواهب والإلهام والدعم من قبل المساهمين والقراء والمعلنين على حدّ سواء. كيف يمكن إذن أن نمجّد لحظتنا التاريخية كهذه؟

احتفالاً بهذه المناسبة قرّر فريق التحرير والتصميم في المجلة أن يبثوّا الروح مجدّداً في قسم التحقيقات الخاصّة.

بداية شهر آذار/ مارس عقدت المجلة مؤتمراً مصغراً في هونغ كونغ، ضمّ مدراء وقيمي متاحف وكتّاب ومقتني فنون ومديري صالات عرض من جميع أنحاء المنطقة، وناقشوا التغيرات التي أصابت البنية التحتية الثقافية في آسيا على مدار العقدين الفائتين، بالإضافة إلى التأمل في التحدّيات الحاضرة، وطرائق حلّها.

هذا العدد سيضمّ مقتطفات من نقاشاتهم الممتعة التي شارك فيها عبر سكايب قيم معارض متنقل كان يقضي إجازة في الشرق الأوسط، ومصور وناشط من دكّا تقطّعت به السبل في مطار سنغافورة ، وسوف يتم وضع نسخة كاملة من محضر المؤتمر على موقعنا الإلكتروني.

في محاولة أخرى للنظر إلى الأمام وإلى الخلف؛ دعونا في باب عنوانه (كبسولة الزمن) 4 مساهمين سابقين كي يدلوا بتعليقات ومراجعات وإضافات على مقالات كانوا قد نشروها في المجلة من قبل، ومع إقرارنا بمرور الزمن وتغير كتّابنا وموضوعاتهم، إلا أن مشاركاتهم هذه تكشف أن انشغالهم بتلك الهموم لم تزده السنوات إلا عمقاً، وفي باب (مقالات مصورة) نسافر عبر الزمن إلى المشهد الفني في إسطنبول وكراتشي ولاهور ويوجيكارتا في التسعينيات ومطلع الألفية الجديدة، مسلطين الضوء على الفنانين وقيمي المعارض واللاعبين الأساسيين، من خلال عيون أولئك الذين عاشوا المرحلة هناك.

بالإضافة إلى ذلك فقد أعدنا باب (صاعد ومؤثر) الذي استُحدث في الذكرى الـ15 على إصدار المجلة، لكننا طلبنا هذه المرة من 8 محررين سابقين وحاليين في المجلة تقييم الصلات بين مجموعة تجارب فنية، قد لا يبدو أن ثمة ما يجمع بينها بفعل الفاصل الزماني والمكاني بينها.

سنقوم كذلك بإطلاق تحقيق خاص على مدار العام بعنوان (20/20)، وفيه يسلط المساهمون الضوء على مشروعات فنية هامة خارج التيار، صُنعت أو بُدئ العمل عليها خلال كل عام من أعوام المجلة الـ20، بدءاً من عام 1993 وحتى اللحظة، هذه المشروعات تعلن عن لحظات كبرى من البدايات أو النهايات، الاكتشاف أو النضج، لحظات غيّرت الطريقة التي نرى من خلالها ممارسة فنان ما أو مجتمعاتنا الفنية ذاتها.

بالإضافة إلى ذلك يحوز عمودنا العتيق (حيث أعمل) على معاملة خاصة هذه المرة، إذ يقوم المصور السينمائي كريستوفر دويل والكاتب أندرو كوهين؛ بزيارة الفنان والمعارِض الثعلب وحديثاً أيضاً موسيقار الميتال آي ويوي في مجمعه السكني والاستديو خاصته، الخاضع لمراقبة حثيثة في كاوشانغدي، أما من طوكيو فيغوص الصحفي إدان كوركل، والمصور يوريكو ناكاو؛ في العقل والاستديو النابض  للفنانة يايوي كوساما، مناقشين معها اللوحات المبهرة في غرابة أطوارها، والتي تشتغل عليها هناك.

في باب (لمحة) نلقي نظرة على 3 فنانين مشاركين في بينالي البندقية أواخر أيار/ مايو، بالإضافة إلى مقتنية وراعية الفنون الحيوية مونيك بيرغر التي ستفتتح سلسلة معارضها (رباعية) في هونغ كونغ، بتنظيم دانييل كورجاكوفيتش في شهر أيار/ مايو.

زارت المحررة المساعدة نويلي بوديك الفنان محمد كاظم في دبي أثناء تحضيره أعمال الجناح الإماراتي في البندقية، فيما محررة المراجعات هاناي كو جلست مع كيمسوجا في الاستديو خاصتها بمدينة لونغ آيلاند في نيويورك، وناقشت معها تحويلها المقترح للجناح الكوري، أما المحرر المراسل هـ.ج. ماسترز فقد استرق لحظات من فنان الفيديو علي كاظما، وهو في خضمّ إنتاج دورة جديدة من الأعمال للجناح التركي.

في (مقالات) نركّز على اللحظات التاريخية والنزعات المعاصرة، ويستذكر داوج هول المدير السابق لصالة عرض كوينزلاند الفنية في بريزبين الأعوام الأولى لترينالي آسيا الباسيفيك قبل أكثر من عقدين، ومن هونغ كونغ يقصّ علينا ليونغ تشي وو المؤسس المشارك لـ بارا/سايت وقائع مؤتمر (ازدحام المكان) 2001؛ الذي جمع في جنباته الكثير من المنظمات غير الربحية الوليدة في الإقليم آنذاك، فيما ترقب سوزان جيب الكيفية التي تعيد من خلالها المتاحف الأسترالية التفكير في هدف وعرض مقتنياتها الدائمة، أما إكسينغيو شين فيتأمل في مكامن نجاح وتعثر  المتحف الطويل في شانغهاي الذي افتتح حديثاً بإدارة خاصة.

في بقية صفحات المجلة نقدم شذرات من بينالي البندقية القادم وأجنحته، وذلك في باب (معاينات)، وفي (واحد لواحد) تشرح فنانة الميديا الجديدة شيلبا غوبتا سر إعجابها بلوحات سوذير باتوارذان، أما في (رسالة العدد) فيشترك الفنان البارع هيمان تشونغ مع المحرر المشارك هو روي آن في تقديم انتقاد لسياسات سنغافورة الفنية المركزية.

في توسيعنا باب (مراجعات) نسافر من سيدني إلى سيؤول، مروراً في بريزبين وسينغافورة وبانكوك ومدينة هو شي منّه وغوانغتسو وهونغ كونغ وتايبيه، وفي غرب آسيا نحضر معارض في مدينتي إسطنبول والكويت، قبل أن نلقي نظرة دقيقة على الدورة الـ11 من بينالي الشارقة.

المحرر الإداري جون جيرفس يزور معرض (ضوء من الشرق الأوسط) في متحف فيكتوريا وألبرت، فيما تتأمل محررة المراجعات هاناي كو في ترِكة حركة غوتاي أثناء تجوالها في الممرات اللولبية لمتحف غوغينهايم.

في (مراجعة كتاب) وبدل عرض أحدث الكتب الفنية، فقد اختار كبير محررينا دون ج. كوهين ترشيح 3 كتب حول الصين والثقافة الصينية، لتكون بمثابة مراجع لا غنى عنها لأي مختص مبتدئ أو مخضرم بالثقافة الصينية (تحذير: تزيد صفحات أحد هذه الكتب عن 1100 صفحة، من دون التصاوير).

إذا بدت المجلة مختلفة قليلاً في عيون قارئنا الدؤوب الفطِن، فإن ذلك لا يعود فقط إلى أننا بلغنا 20 عاماً، بل لأن المديرة الفنية دانييل هوثارت، ومحررة الصور آن وو، والمصممة بيرل كوان تشاركن جميعاً في إضفاء تجديد على شكل المجلة، يمنح الكلمات والصور معاً مزيداً من المساحة، وكي تعرفوا فقط؛ فإنّ كعكة هونغ كونغ المزخرفة على الغلاف كانت لذيذة الطعم، لذة لا تقل عن روعة النظر إليها!

علينا الاعتراف هنا أننا مهتمون بشكل المجلة، فنحن أولاً وأخيراً مجلة فنية، لكننا – وبعد 20 عاماً من انطلاقتنا – مهتمون بالقدر ذاته بمهمتنا الأساسية التي ستبقى كما هي: أن نذكّر العالم أن أكثر لآلئ الفن المعاصر لمعاناً لا توجد على شواطئ المحيط الأطلسي، بل حول المحيطين الهادئ والهندي، وأن نذكّر أنفسنا أن لا لذة تعدل دعوة العالم إلى مشاركتنا في البحث عنها.. لنخض البحر إذن، ولنتذكر ما يشهد له سكان هونغ كونغ ذواتهم؛ من أن غطسة يومية في الماء سبب رئيس لطول العمر.