في عام 2005 أو في فترة قريبة منه، بدأ العديد من فناني قوانغتشو الانتقال إلى بكين، وكان ذلك في الغالب سعياً وراء الشهرة وتحقيق المبيعات. ثم في عام 2009 توجه وانغ هوانغ شينغ مدير متحف غوانغ دونغ للفن إلى العاصمة كذلك ليصبح مديراً لمتحف الأكاديمية المركزية للفنون الجميلة. ومع رحيله بدأ الاهتمام بالفن المعاصر يتضاءل في المتحف، ولم يتم السعي لإقامة معرض قوانغتشو الذي يقام كل ثلاثة سنوات، الذي كان ذات مرة محركاً لطاقة الفن الصيني المعاصر، بالقدر ذاته من الطموح كما كان عليه الحال في السنوات الماضية. وبدا الأمر كما لو أن الوهج الموجود حول المشهد الفني قد بدأ في التلاشي. وفي ظل غياب سوق مزدهر أو تمويل كافٍ من الحكومة أو مشهد شعبي متألق، فهل سيستمر الفن المعاصر في النمو على أرض قوانغتشو؟
إلا أن الموقف حالياً أكثر إيجابية للغاية، ويرجع الفضل في ذلك إلى مجموعة من المنظمات ذات التمويل الخاص والمدارة من قبل الفنانين. وتشتمل المؤسسات الكبيرة في قوانغتشو التي تنخرط في أعمال الفن المعاصر على متحف غوانغ دونغ تايمز، ومعهد ليبريريا بورغيز للفن المعاصر، وفيتنام كرييتف سبيس، وجمعية أوبزرفيجان. بالإضافة إلى ذلك هناك عدد من الأماكن التجريبية والمنظمة ذاتياً للفنانين الشباب، وتوجد بصورة رئيسة حول قرية إكسايزهو عند ضواحي المدينة – مثل سباكي سبيس على سبيل المثال، وهو معرض إبداعي صغير تأسس عام 2008.
اكتمل إنشاء متحف غوانغ دونغ تايمز في تشرين الأول/ أكتوبر 2010 بتمويل من تايمز بروبيرتي، وهي إحدى شركات العقارات. جاء المصممان ريم كولهاس وألاين فوروكس بفكرة إدخال المتحف في الطابق 19 لمبنى سكني عند أطراف المدينة. وتم تسجيله كمؤسسة غير هادفة للربح للتشجيع على طرح الأفكار الجديدة، والربط بين الفن والمجتمع، وإلقاء العديد من المحاضرات، وتصوير الأفلام وإعداد البرامج الخاصة. ويعقد المتحف كل عام أربعة معارض كبيرة – كان آخرها معرض زيزيكو – المناطق المستقلة ذاتياً، الذي ترأسه هو هانرو، وتم عرض مقاطع فيديو وفنون تنصيبية من قبل 16 فنان من جميع أنحاء العالم وتمت فيه مناقشة آفاق الحرية والاستقلال في العصر الحالي. وبالمقارنة مع بكين وشنغهاي، فإن المناخ السياسي لقوانغتشو متحرر وبغض النظر عن هذا الموضوع الجدلي، فإن المعرض تم افتتاحه بنجاح حتى وإن كان نشاطه غير كبير، وأكثر ما يشجع هو أنه على الرغم من حقيقة أن زيارة المعارض لا تزال نشاطاً غير مشهور في الصين، إلا أن المتحف يجذب الأشخاص المحليين إلى المجمع السكني وحوله ويساعد في ذلك الدخول المجاني ودروس الفن المجانية للأطفال والمهرجان الفني المجتمعي السنوي.
تفرع معهد ليبريريا بورغيز للفن المعاصر عن مكتبة ليبريريا بورغيز التي نشأت أساساً من بحث لمؤسسها، تشين تونغ، حول عمل الكاتب الفرنسي آلاين روبي جريلت ونوفو رمان. ويتمثل نهج تشين وهو أحد الفنانين والأساتذة الجامعيين المعلمين للفن في أكاديمية قوانغتشو للفنون الجميلة في التعامل مع الفن على أنه نص، والتعامل مع النص على أنه فن، ومن ثم يقيم المعهد مناسبات تتمركز حول بحث الأدب واستكشافه بما في ذلك المعارض والمحاضرات. في عام 2012؛ أطلق تشين وفنان بكين زوو جيا مكتب الفيديو في المواقع بـ غوانغ دونغ وبكين. ويتمثل الهدف الرئيسي في جمع الأعمال الفنية ومواد فناني الفيديو في أرشيف قابل للبحث مع تقديم المعارض المعتادة إلى العامة.
يعتبر فيتنام كرييتف سبيس الذي تأسس عام 2002 معرضاً للرسم على الأجسام مخصص لتطوير الفن الصيني المعاصر، من خلال الملاحظة الوثيقة للحياة اليومية وفكرة فلسفة الصين التقليدية. وقد ساعد دعم المعرض لإجراء مشاريع تجريبية وتواجده في المعارض الفنية في تقديم الفنانين الصينيين إلى المشهد الدولي. ومن اللاعبين الهامّين جمعية أوبزرفيجان، وهي مجموعة تأسست عام 2008 من قبل أنتوني يونغ التابع لأرشيف الفن الآسيوي مع ممارسين محليين، وتهدف إلى دعم الأجيال الشابة من الفنانين في قوانغتشو وهونغ كونغ من خلال إقامة من أربعة إلى خمس معارض في العام في مكان فني مستقل.
يتسم موقع قوانغتشو وتصميمه بالراحة كما أن التكاليف منخفضة نسبياً، حيث أن المشهد الفني وسوقه صغيرين فيمكن للفنانين، مع وجود قدر محدود من الالتزامات، تركيز اهتمامهم على الإبداع والتجربة. وحيث أن المدينة محاطة بالمنشآت الصناعية لمقاطعة دلتا نهر اللؤلؤ، فإنها مناسبة للفنانين لإنتاج العمل. كانت غوانغ دونغ الإقليم الأول في الصين الذي يفتح أبوابه للعالم الخارجي ويرجع الفضل جزئياً في ذلك إلى قربها من هونغ كونغ، ولا يعاني الفنانون هنا من نقص في توفر قنوات المعلومات. كما أن السفر عبر الصبن أصبح الآن أسهل وأصبح من الممكن الوصول إلى المشهد الفني الدولي على نحو لم يكن متاحاً من قبل. قد يستمر بعض الفنانين الشباب في تفضيل الانتقال إلى مكان آخر بعد التخرج إلا أن من يبقون سوف يحصلون على مميزات محددة. وخلافاً للانطلاقة السريعة لبكين وشنغهاي، تبدو المدينة كقاعدة نشطة لإنتاج الفن إلا أنها تبقى على اتصال بالحياة الحقيقية. إننا نأمل أن يظهر نموذج جديد قد يجذب الفنانين الذين غادروا عائدين إلى قوانغتشو.