P
R
E
V
N
E
X
T

YUE MINJUNThe Artist and His Friends. 1991. Oil on canvas, 187 × 198 cm.Private collection. Copyright the artist. Courtesy Fondation Cartier pour l’Art Contemporain, Paris.

ظلال من الضحك

Yue Minjun

Fondation Cartier pour l’Art Contemporain
France China
Also available in:  Chinese  English
تعتبر ضحكة رجل الرسوم المتحركة للفنان يُوي منجون أبرز الصور المؤثرة في الفن الصيني المعاصر، وذلك لما حققته لوحاته التي تعود للتسعينيات من أسعار تعتبر هي الأعلى في المزادات الفنية، حيث سجلت رقماً قياسياً عام 2007 باقترابها من مبلغ 6 ملايين دولار أمريكي.

ومؤخراً رعت مؤسسة كارتييه للفن المعاصر – ومقرها باريس – المعرض الفني “ظلال من الضحك”، ويعتبر  هذا أول معرض أوروبي كبير يُخصص لهذا الفنان، فقد تم جمع حوالي 40 عملاً فنياً من أعماله الأولى لتقديم يُوي بأبهى صوره حين كان نتاجه الفني أقل تأثراً باتجاهات السوق.

في بداية التسعينيات وقع يُوي تحت تأثير فناني حركة الواقعية الساخرة، مثل فانغ ليجون وليو وي، وحينها بدأ يُوي حركته الفنية الخاصة برسم الصور اليومية المدمجة بضحكة ليس فيها وقار، وفي أعقاب مذبحة ميدان تيانانمين عام 1989 تم استخدام الضحكة التهكمية هذه للسخرية من السلطات، فالكثير من الفنانين كانوا يخشون النقد المباشر لأنه يؤدي إلى المزيد من القتل والاعتقال، فيجسدوا وجهاً متفائلاً للحركة البروليتارية والأبطال العسكريين في الفن التعبوي، وتكشف تلك الابتسامات الساخرة النقاب عن المشاعر الحقيقية كونها مرتبطة بالأحداث اليومية.

في العمل الفني (الفنان وأصدقائه)/1991؛ نرى مجموعة من الرجال يضحكون، فيما تحلق فوق رؤوسهم طائرات مقاتلة، وكان أحد الأصدقاء يلوح ببراءة وكأنه يبتسم لعدسة كاميرا.

مشهد مشابه ظهر في لوحة على (منصة ميدان تيانانمين)/ 1992؛ مع المزيد من ضحكات السخرية، ذلك أن الشخصية الرئيسة البشوشة تشير إلى وجود كاميرا خارج الإطار.

عمِل يُوي على الغوص في فكرة تيانانمين أكثر، وكأنه وجد صوته الحقيقي في لوحة (غوانغ غوانغ)/ 1993؛ فتسميتها المحاكية للأصوات؛ تشير إلى أصوات تشغيل الطائرات العسكرية المقاتلة، وبدلاً من القنابل كانت تلك الطائرات تُلقي بعشرات الصور الشخصية المتشابهة للفنان، لتتساقط مثل الصواريخ فوق ميدان بوابة السلام الفردوسي، لا سيما فوق صورة ماو الظاهرة في اللوحة، ويُعلّق هذا العمل على مأساة الأمة التي دخلت حرباً مع شعبها، وما ترسانة أسلحة يُوي الذي كرر ذاته من خلال صورته الكاريكاتورية؛ إلا تجسيداً لأفراد المجتمع الصيني كغرباء وقابلين للاستغلال.

ومن المفارقة أن أفضل أعماله الأصلية قد تكون تلك اللوحات الفنية التاريخية المقتبسة من الفنانين الرواد التي تضع صورته الضاحكة في مواقع تاريخية، فمن خلال لوحة (مجزرة خيوس)/ 1994؛ المقتبسة من لوحة (أوجين دولاكروا)/ 1824؛ التي تجسد مشهد المجزرة خلال ثورة الأغريق، يبدو يُوي وكأنه كان يود من خلالها الإشارة إلى إراقة الدماء في بكين عام 1989، وقد برز هذا الخطاب المعادي للعسكرية من خلال اعتماد أقنعة متشابهة وُضعت على وجوه المعتدين والضحايا، وهي تحمل ذات التكشيرة المبتسمة. فهو يعُلّق بشكل سري على علاقة الطرفين القابلة للتغيير، وعلى قدرة الفنان على التسجيل أو إعادة التاريخ أيضاً.

عزف يُوي بصخب على تصويرهم الساخر للقانون الغربي، ففي لوحة (الإعدام)/ 1995؛ المقتبسة من لوحة إدوارد مانيه (إعدام ماكسيميليان)/1969 – 1867؛ جسد يُوي المعدومين وهم يرتدون السراويل فقط، بينما كان الجلادون يرتدون قمصاناً قطنية، وكانت جميع الشخصيات تشترك تقريباً بذات البورتريه الشخصي له، حيث يضحكون من القلب بمشهد يصور القتل، وكأنه مجرد لعبة أطفال.

في تلك الأثناء جسد من خلال عمله المتمرد (الحرية تقود الشعوب)/ 1995؛ المقتبس من لوحة أخرى لـ دولاكروا، حيث أعاد يُوي توظيف ماريان رمز فرنسا الوطني من خلال صورته الضاحكة، ساخراً من العقيدة الثورية، سواء كانت تخدم الديمقراطية أو الشيوعية.

في لوحة (ماء)/ 1998؛ التي كانت تستهدف الحملة الدعائية للحزب الشيوعي التي تبعت موجة التظاهرات بالسباحة ضد ماو في نهر يانغتز عام 1966، قدم يُوي هلسمان العظيم يسبح داخل نصف رأس رجل ضخم زامّاً شفتيه، كاشفاً عن فم صامت، وبعد محاولات أخرى للخروج من قالب رجُله الضاحك قدم لوحة (موت مارات)/2002؛ التي تجسد مشهد الجريمة الشهير لـ جاك لويس دافيد من دون جثة القتيل، وكذلك لوحة (تبقى تيانمان) 2002؛ التي اقتبسها أيضاً من لوحة دونغ زوين الملحمية (مراسم حفل التأسيس) 1953؛ وقدمها بطريقة تخلو من المؤسسين، ومنذ ذلك الحين واصل يُوي نهجه وأسلوبه المعتاد.

حيث ظل ينتج الرجل المبتسم المعروف لأكثر من 20 سنة لاحقة، بحيث أصبح الكثير من النقاد يعتقدون أنه إما كان يسخر من الفن، أو أنه بَيعٌ له، ومع ذلك لم يعد محبوب المزادات الفنية، وكأن المقتنون بدأوا يميزون جيداً الأعمال الفنية منذ الأزمة الاقتصادية التي حدثت عام 2008، لكن السعر المرتفع للوحات البورتريه الهزلية له ما تزال تقود يُوي بضحكته الشهيرة وهو في طريقه إلى المصرف.