P
R
E
V
N
E
X
T

View from Burj Khalifa of the towers near Sheikh Zayed Road, Dubai. Photo by Christian van Elven.

دبي

United Arab Emirates
Also available in:  Chinese  English

في دبي أي أمر يمكن أن يحدث بالتأكيد عندما نقارنها ببقية بلدان الشرق الأوسط المنهكّة بالصراعات العنيفة. فمراكز المنطقة التي كانت كبيرة سابقاً، أي القاهرة وطهران وبيروت؛ ربما تنافس بقوة ادعاء دبي باعتبارها منارة الثقافة، تماماً مثلما يتجاهلها الغرب ويسخرون لأنها بلا قيمة وجوفاء. نعم إن دبي حديثة الشهرة، وهي تنضح زهواً بتوق وجرأة، فخلال أعوام معدودة ظهرت بسرعة البنى الأساسية لفنها في سباق سيتكثف عام 2020، حيث ستستقبل الإمارة المعرض العالمي، وسوف تنتقل الإمارات من كونها كانت عام 2004 بلداً لعدد محدود من دور العرض، إلى مستقبل قريب سيتباهى فيه مركز المدينة بدعم حكومي هائل لمجمع ثقافي مزود بصالات فنية، ومتحف للفن الحديث، ودار أوبرا، وصالة العرض الحالية نيبرهود في شارع السركال سيتضاعف حجمها العام القادم. يصر الأكبر سناً على أنه كان هناك مشهد نابض للفن المحلي حتى قبل موجة مباني الفنون الراهنة، ومع ذلك فإن السؤال الذي لا يزال قائماً هو: هل وصلت دبي إلى هذا المستوى فعلاً؟ 

على خلاف جارتها أبوظبي التي ستستضيف المتحفين المرموقين غوغنهايم ولوفر؛ فإن دبي لم تستفد من إستراتيجية تمويل الحكومة لصالح الثقافة. إن مؤسسات المشهد الفني في دبي تجارية، أي أن صالات العرض تستجيب لقطاع مقتني الأعمال الفنية الذي يتزايد، ولمعرض دبي الفني السنوي الذي هو في عامه الثامن الآن. أما فيما يخص النظم الإيكولوجية؛ فإن دبي في وضع فريد غير متوازن، إذ أن قوتها التجارية تظلل افتقارها إلى المؤسسات، وبنيتها التحتية لتعليم الفنون ضعيفة، وهناك تردد تجاه تكريس النقد الجدي، والمقاربة السائدة للثقافة في المنشورات المحلية تعتمد منطلق الاهتمام بـ “ما هو الموجود”، لكن التغيير على قدم وساق، والتشكيل هو منظمة غير ربحية تقدم للفنانين إقامة ومساحة مراسم، وهو يكتسب أهمية كمحطة للمبدعين في دبي. 

“كامبس آرت دبي” هو برنامج مدته 6 أشهر لتعليم الفن بشكل غير تقليدي، وقد أطلق في عام 2013 كجزء من البرامج التعليمية لـ “آرت دبي”، وهو مخصص للفنانين والكتاب والقيمين على المؤسسات الفنية في الإمارات العربية المتحدة. حيث تتم اللقاءات مرتين في الأسبوع، ويعمل فيها المشاركون والمعلمون على مشاريع، وينتجون أعمالاً مشتركة سيتم عرضها في معرض دبي الفني عام 2014. إن اشتداد الاضطرابات الجيوسياسية في المنطقة تقود الفنانين وصالات العرض إلى دبي، وخاصة من العراق وإيران وسورية وباكستان. ويجد أولئك هنا متنفساً لأفق أوسع مما هو متوافر في بلدانهم الأصلية، وهذا بدوره يعني أن حدود ما يمكن أن يعرض في دبي أخذت تتوسع تدريجياً.

هل أصبحت دبي هذه الأوتوقراطية حيث توجد صور الحكام في كل ردهة، وتطبق قوانين الشريعة، متسامحة؟ يسارع النقاد الغربيون لإدانة الرقابة على سبيل المثال، وذلك عندما لا يجدون أعمالاً عن الربيع العربي لا في المعارض ولا في الصالات. بالطبع الرقابة موجودة، ويكفي المرء إلقاء نظرة على توزيع المنشورات العالمية محلياً التي يكتب فيها ذات هؤلاء النقاد، فالكثير من الصور غير المتحفظة تحجب بسبب العلامة السوداء التي يضعها الرقيب برباطة جأش، لكن الأعمال الجدلية سياسياً تعرض في دبي، والتفسير هو أن هذه الأعمال تميل لأن تكون أقلّ وضوحاً وتحريضاً. وعلى سبيل المثال معرض إنغريد هورا (عزيزي القائد) الذي قُدِّم في صالة عرض “غري نويز” عام 2013. والفكرة وراء المعرض هي مكانة الفرد في الجماعة، ويمكن أن تفهم بسهولة كتعليق على السيطرة المجتمعية في دبي ذاتها. في النهاية يوجد التسامح حيث تبحث عنه، فبين الفينة والأخرى تتفجر مشكلات بسبب تعديلات على الأعمال الفنية (نتيجة الرقابة)، لكن هناك الكثير من الأعمال المثيرة للتفكير التي تعرض بعيداً عن الأضواء.    

كما هو متوقع هناك موسمية خاصة للنشاطات. عندما يبدأ آرت دبي في آذار سيبدأ أيضاً (أسبوع الفن)، وهو مبادرة لتوحيد المعارض مع مؤسسة دبي الثقافية، كما سيبدأ أيضاً (سيكّا) معرض الفنانين المحليين الصاعدين، والمنتدى الفن العالمي (غلوبال آرت فورم)، وهو سلسلة حوارات مباشرة ومبادرات مثل مبادرة المعارض المتنقلة التي تحمل عنوان (المتحف المتنقل).

الحال بقية العام يتجاوب مع المد والجذر لحفلات افتتاح صالات العرض. فالمراقبون المقيمون الذين يسعون لجذب المشاهدين إلى الفن المعاصر يتذمرون من أن الأجر غير الثابت لا يكفي، ورغم ذلك فقد افتتح آرت دبي في تشرين الأول/ أكتوبر مشروع (كامبس آرت دبي)، وأشرعت أبوابه لأوسع عدد من المشاركين، وهو ما يزال مستمراً في تقديم برامجه، مثل المحادثة، وعرض الأفلام، والنقاشات على مدار العام.

في كانون الأول/ ديسمبر؛ بعدما فازت دبي بإقامة المعرض العالمي (إكسبو) على أراضيها عام 2020؛ عمّت لافتات احتفالية في  شارع الشيخ زايد مكتوب عليها: (من قال إن الفوز ليس كل شيء؛ لا يعرف دبي). هذه العبارة أحدثت شرخاً يشبه تماماً ما تسببه دبي ذاتها: لقد أحدثت استياء البعض وفرحة غامرة لدى البعض الآخر، مثل المراهقين خلال مآتم العزاء العائلية. مشهد الفن في الإمارات الذي لم يمسه هرج 2020 ومرجها، ما يزال مدعوماً من عالم دبي الذي يتمحور حول أهمية السوق في جوهره.

تقع دبي بين الشارقة عميدة الثقافة وأبوظبي القوية التي بحمى الشراء الموجودة فيها – على الأرجح – ستصل إلى القمة. دبي لها شخصية الشباب الصاخب بمعالمها الهامة، وهي ما تزال تمشي في طريقها باتجاه النضج، متحمسة لأن ينظر إليها العالم بجدية.