لين لاي (1901 – 1980) واحد من أكثر الفنانين شهرة في نيوزيلانده؛ يكاد لا يكون اسماً مألوفاً في عالم الفن، لكن هناك اعتراف واسع به بسبب مساهمته الرئيسة في فيلم (طليعي)، واعتراف له على أنه اخترع تقنية صناعة الأفلام مباشرة، فقد أتقن أسلوباً في التلوين والرسم والخربشة المرتجلة والرسم بالثقوب “ستنسل” مباشرة على شريط الفيلم، ما ينتج رسوماً متحركة مجردة وشديدة الحركة والهياج، ترافقها مؤثرات مساعدة، أو موسيقى الجاز وموسيقى عالمية.
ومن بين أفلام أخرى جمعت أفلامه من قبل متحف الفن الحديث في نيويورك، ومعهد السينما البريطاني في لندن، ومعظم تلك الرسوم، واللوحات الملونة والمنحوتات والفوتوغرامس – التي يسميها هو شادوغرامز – وقد أُودعت التركيبات في صالة غوفيت بروستر في مسقط رأس الفنان كرايستتشرش كجزء من مجموعة مؤسسة لين لاي، وكانت صالة غوفيت بروستر أيضاً المصدر الأول لمركز دروينغز بتقديمه نظرة عامة موجزة عن أعمال لاي.
نُظِّم معرض (رسم الحركة) من قبل غريغوري بيرك مدير صالة مندل للفنون، وصالة ريماي للفنون في ساسكاتشوان في كندا، والقيّم تايلير كن المدير المساعد للفن المعاصر في متحف الفن في مدينة أوهايو، والمدير السابق لصالة لين لاي غوفيت بروستر، وفي العرض المفتوح كانت هناك خربشات ورسوم واسكتشات مجردة من أجل أعمال النحت والأفلام، والصور الشخصية شادوغرامز لجورجيا أُوكيف، وجون ميرو، والفنان ذاته، وزوجته آن لاي، كما تضمن المعرض أيضاً شادوغرامز لتجريدات من قصاصات الورق، ونصوصاً شعرية، ولوحات من الحياة البرية، وأفلام صور متحركة قصيرة، وأشياء من حياته الخاصة.
الرسوم المبكرة في العرض المرسومة بقلم الرصاص، والحبر على الورق؛ متعلقة بفيلم الرسوم المتحركة (توسالافا) الذي صنعه لاي عام 1929، ويحتوي على 4400 لوحة بالأبيض والأسود بما يشبه خلايا أميبيا، وأشكالاً محوّرة يدين بها لفن السكان الأصليين الأستراليين، وهي مستوحاة من الحركتين الفنيتين الرسم التلقائي، والحركة السوريالية، وقد خدمت الخربشات المرتجلة كنقطة انطلاق للكثير من أعمال لاي، والرسوم والفيلم المنتِجة لفيلم (توسالافا) مستوحاة من حياته في الجزيرة، وكذلك من سفره في جنوب الباسيفيك، حيث كان يراقب يومياً حركة الريح والماء، وحركة سكان تلك البيئات.
بدأ لاي بصناعة شادوغرامز حين كان يعيش في لندن عام 1930 – على الأرجح – متأثراً بأعمال (ريوغرامس) للفنان الأمريكي السريالي مان راي، وبعمل (سكادوغرام) للدادائي الألماني كريستيان سكاد، وباكورة أعماله (ماركس وسبينسر في بركة يابانية) أو (ناس البركة)/ 1930؛ كانت مصنوعة من وضع مواد مباشرة على ورق حساس للضوء، ومن ثم تعريضها للضوء، مصورة مزيجاً من الطبيعة وقطع شريط مقصوصة تشبه منظر الحياة البحرية تحت المجهر.
في عام 1947 أعاد لاي النظر في تلك التقنية الفوتوغرافية أثناء حياته في نيويورك، لكن ذلك أوصله إلى نتائج مختلفة، صورتان من شادوغرام لوجه ميرو وهو يمسك رأسه في لقطة جانبية محاطة بأشكال مجردة عائمة، مظللة ومضاءة، وعلى شكل طبقات مع خربشات سوريالية وتوقيع، وبالمثل نجد في صور فوتوغرام جورجيا أُوكيف ملامح رأسها محاطة بأشكال مظللة من الأغصان، وبكرمة، وبأوراق شجر، بينما صورة لاي الشخصية تمثل مايسترو مع واحدة من رسومه السوريالية مصورة داخل رأسه المظلل.
تصور اللوحات المختارة للمعرض أشكالاً تجريدية حركية في سهل وحقول جميلة، وفيها منظر لوحات كهوف بدائية مع تغييرات طفيفة، إنها أفلامه – على أية حال – أفلاماً هي بالفعل أعمال لاي الرائعة، وقد جاءت بعد فيلم (توسالافا) الذي بدأ رسمه مباشرة على شريط الأفلام، فيما تضمن فيلم (صندوق ألوان)/ 1935؛ تصميمات مجردة ملونة باليد، مع موسيقى رقص كوبية، بينما يضم فيلم (رقص قوس قزح)/ 1936؛ لقطات راقصة لوّنَها لاي بأشكال مجردة بطريقة “ستنسل” خلال عملية تحميض الفيلم.
في الأعوام اللاحقة استمر لاي في التجريب بالفيلم، محدثاً خدشاً على رأس الفيلم – حيث الشريط موصول إلى رأس الفيلم كي يساعد في جهاز العرض لفيلم (الراديكاليون الأحرار)/ 1958- 1979؛ الذي اعتبره كثيرون أنه أعظم أعماله، وفي صناعة فيلم (تال فارلو)/ 1980؛ والفيلم السابق يخلط الشخبطة مع موسيقى أفريقية، بينما الأخير يصور رقصة خطوط إيقاعية لتكون " Rock ’n’ Rye" لعازف الجاز الأمريكي تال فارلو، ومن المثير للاهتمام أنه ربما نجد في فيديوهات الأغاني الموسيقية اليوم التأثير الأكبر لأفلام لاي التجريبية، حيث يتلاعب الفنانون باللون والشكل لننجز تأثيرات بصرية جديدة ومثيرة.