حرف الميم في اللغة الإنكليزية هو أول حرف لكلمات ثلاث: آذار، المال، الجنون.
عالم الفن في انتظار شهر مذهل من النشاط يشمل بينالي الشارقة الذي يقع بين معرض أرموري للفن وأسبوع آسيا في نيويورك، مهرجان تيفاف في مدينة ماستريخت الهولندية، يليه آرت بازل وآرت سنترال في هونغ كونغ، والذي يعقبه آرت دبي، ومهرجان آرت فير طوكيو. نلتقط أنفاسنا للحظة كي نفهم كيف أصبحت دائرة الكرنفال محمومة هكذا، هذا العدد من آرت آسيا باسيفيك يتفحص أشخاصاً يغذون السوق، فضلاً عن الشروط المحلية التي تبدع وتساند مجموعات الفن الديناميكية.
في باب شخصيات نقدم تحية مؤثرة للراحل روبرت إلسورث كتبتها القيّمة ألكسندرا مونرو من متحف غوغنهايم. وإلسورث الذي توفي في آب/ أغسطس 2014 كان أسطورة في تجارة الأعمال الفنية، علّم ذاته، وكان محسناً وجامع أعمال فنية، ومعلّماً ملهماً يعود إليه الفضل في جمع مجموعات الفن الصيني والآسيوي لجون دي روكفلر الثالث، وسير جوزيف هوتنغ. تتذكر مونرو إلسورث وخاصة المساهمات العديدة له في مجال الفن، وتقديره الرسم الحديث بالحبر الصيني أربعة عقود قبل أن يحصل هذا الفن على التبجيل، وقصة حياة إلسورث تذكرنا بأن الفن الصيني ليس فناً جديداً، وبأن العالم كان مهتماً بهذا الفن قبل الاهتمام الذي حظي به منذ بداية عام 2000.
من هونغ كونغ نقدم القيّم الفني على معرض (M +) دوريون تشونغ الذي يتأمل عالم الإيمان بالآخرة عند الفنان الصيني المقيم في باريس هوانغ يونغ بينغ، الذي اختارته لجنة مونيمينتا للعام القادم للعرض في غراند باليه في باريس، وأعمال هوانغ التي يستخدم فيها حيوانات محنطة، وأيقونات دينية، وأفكار مستوحاة من الفنان دوتشامب؛ تستمر في سحر المشاهدين. وتشونغ له علاقة طويلة مع الفنان، عمل مدة طويلة أميناً مساعداً لـ بيت أوراكلس: معرض هوانغ يونغ بينغ في مركز فن وولكر في مينيا بولِس عام 2005. وهو يروي العديد من ذكرياته حول المغامرات التي كان هدفها تحقيق رؤى المعلم هوانغ.
يتذكر هونغ النقاش الذي دار في بلدان متعددة مع مالكي محال الحشرات والحيوانات الغرائبية التي مرّ بها لإتمام الأعمال الفنية المثيرة للجدل بشكل خاص، وكذلك رحلته مع هوانغ كي يفتّشا عن أجزاء طائرات خارج الخدمة؛ والموضوعة للبيع في صحراء موهافي بولاية كاليفورنيا. هذه التجارب أغنت خبرته في تنظيم المعارض التي يقول عنها تشونغ: (ثبت أن ما قام به هذا القيم منذ ذلك الوقت هو العمل البارز الذي يستحق أن نتذكره أكثر من أي شيء آخر).
من الرواة الذين ينظرون إلى الماضي والحاضر والمستقبل – مثل هوانغ – هناك أيضاً الفنانين الفلسطينين الشابين باسل عباس وروان أبو رحمة، وعملهما النشط في وسائل الإعلام المتعددة الذي حصل على اهتمام القيمين، وخاصة أولئك الذين يعملون في دائرة البينالي في الأعوام الأخيرة. وبينما كانا يعدان ثلاثيتهما (المتمردون العرضيون) التي ستعرض لأول مرة في بينالي الشارقة القادم؛ قابلا محرر مكتب دبي كيفين جونز في مرسمهما في نيويورك لمناقشة أعمالهما التي تتمحور حول أخذ عينات وصمامات أصوات وصور وروايات متعددة ليبدعا أرشيفاً للوقت الحاضر.
الفنانة المقيمة في لندن تشوسيل كيل يصفها جبرائيل ريتر مساعد أمين الفن المعاصر في متحف دالاس للفنون أيضاً بأنها راوية ومبدعة قصص. والفنانة كيل المولودة في سيؤول التي تستعمل في تركيباتها القطع الأثرية مثل جواهر الذهب التي أخذتها من والديها، ومواد مختلفة من ضمنها بالونات الهيليوم وقذائف المدافع؛ تنسج حكايات مع بعضها، حيث قسم منها خيالي وقسم واقعي. فعلى سبيل المثال سافرت كيل إلى جبل جايريونغسان في كوريا الجنوبية، وهناك جمعت أنفاس الشامان المحليين في بالونات نفخوها، ونقلت الهواء إلى جرة مغلقة بسدادة. وهناك عمل أخر من أعمال كيل يصور كرتين إحداهما نحاسية والأخرى إسمنتية يرافقهما نص (سر الفنانة مدفون في إحدى الكرتين). والنتائج النهائية حالات محيرة ساحرة تدعو كيل فيها المشاهدين ليدخِلوا تفسيراتهم وأدوات ربطهم لملء الإمكانية المفاهيمية للموضوعات.
وفي ختام هذا الباب عمودنا الخاص، من مجموعة بيرغر؛ حيث عشية اشتماله في المعرض الجماعي (المزيد من مفهوم كونزيبشن الآن) في متحف مورسبرويخ، والفنان فيت ستولت المقيم في برلين يجري مقابلة مع ذاته عبر المرآة.
في باب مقالات؛ اثنان من الكتاب يقيمان تطور جماعات الفن الأبرز مناطقياً. حيث تعرض ستيفاني بيلي الحياة الفنية في هونغ كونغ قبل قدوم آرت بازل، وآشلي رولينغ مديرة معرض " Blum & Poe" تلقي الضوء لإيضاح ضرورة إنشاء متجر في طوكيو المدينة التي – كما تذكرنا – أنتجت العديد من الحركات الفنية المهمة في القرن الـ20، ولعبت دور الحاضنة لسوق الفن الديناميكي حتى الركود الاقتصادي الياباني في تسعينيات القرن الماضي.
وفي باب سيرة شخصيات نقابل جامعين امتد دعمهم للفن إلى أبعد من مجرد الشراء، وهؤلاء المحسنون ومنهم ديفيد والش مؤسس متحف الفن القديم والجديد في تاسمانيا: والجاكرتي ويو واهونو الذي كان يطمح بمساعدة الجامعين الشباب في أندونيسيا، وآلان لو المرموق في المشهد الفني في هونغ كونغ، وتشين بو وين من تايبيه الذي سيعرض جزءاً من مجموعته في معرض الجامعين في مركز فنون هونغ كونغ في آذار/ مارس، وفوسون إكزاسيباسي المؤسس المشارك لصالة ساها غير الربحية في إستانبول، ومن نيويورك ثيا ويسترخ فاغنر وإيثان فاغنر اللذان سيهبان قريباً أعمالاً مهمة من مجموعتهما لمتحف ويتني للفنون، ومركز بومبيدو.
حول ما تبقى من المجلة في باب وجه لوجه؛ الفنانة الهونغ كونغية هو سين تونغ توضح إعجابها بالمؤلف تشونغ لينغ، في حين يرسل المحرر المساهم هيندرو ويانتو ملفين من المركز الفني الإندونيسي، ومن يوغياكارتا.
وفي باب حيث أعمل، يزور إي إي بي الفنانة التايلاندية يوري كيساكو في بانكوك وهي تضع اللمسات الأخيرة على عملها على القماش بطول 8 أمتار (عندما تتصارع الفيلة يداس العشب) الذي سيعرض في آرت بازل في هونغ كونغ. وفي باب محور يخبرنا سيليفين ليفي من مجموعة دي إس إل عن الأسباب التي جعلته بعد 25 عاماً من جمع الفن الصيني، حيث قرر هو وزوجته عرض مقتنايتهما على الجمهور في 24/7، ولمدة 365 يوماً في العام على الإنترنت. ويلاحظ ليفي أن الوجود في الفضاء الإلكتروني (الفن في العالم هو حرفياً الفن في متناول الجميع)، وهكذا إن لم يكن آذار/ مارس مجنوناً بما فيه الكفاية بالنسبة لك؛ مع قدوم البيناليات والمزادات والمعارض؛ فإنه من المهم أن تعرف أن الكثير هو على بعد عدد من النقرات على جهازك.