P
R
E
V
N
E
X
T

RAMESHWAR BROOTASelf Portrait, 1963, oil on canvas, 61 × 41 cm. Courtesy Kiran Nadar Museum of Art, New Delhi.

رؤى باطنية: استنطاق جسد الرجل

Rameshwar Broota

India
Also available in:  Chinese  English

معرض (رؤى باطنية: استنطاق جسد الرجل) في متحف نادار للفن في دلهي كان أول معرض شامل لراميشوار بروتا، وهو أحد عمالقة الفن الهندي المعاصر، وقد نظم المعرض مؤرخ الفن والقيّم الرئيس لمتحف نادار للفن روبينا كارودي، وضم المعرض 5 عقود من لوحات بوتا، ومن الرسم والفيديو، وهي تقدم استكشافاً متعمقاً لعمل حياته.

أقدم الأعمال في المعرض لوحة (صورة شخصية)/ 1963؛ وفيها نظرة بروتا الشاب مثبتة على شيء ما خلف قماش اللوحة، إنها نظرة تجعل المرء يعود إليها من أجل فهم مسار عمل بروتا. فالنظرة هي وعي ذاتي تستحضر تلميح الدعابة الذي يميز تصوره للعالم، وفي داخل وما وراء قماش اللوحة أجزاء متساوية من الفكاهة والألم.  

تتكرر تلك النظرة في أعمال بروتا، فتظهر كشكل من أنهيمليك (مفهوم فرويدي عن الغرائبي) حيث الفنان وحسب فرويد (لا يرى جماليات الجمال بل جماليات المشاعر)، وفي عمل بروتا يتجسد الغرائبي في تعليقه اللاذع على الانقسامات الاجتماعية الاقتصادية، وكذلك في انشغاله بفكرة الجسد والغياب وغير المرئي، والنظرة غير المرئية والموجهة إلى الداخل، ويستكشف المفهوم الأخير المعنيين المجازي والحرفي (الأول في الأعمال التي فيها قرود، وأشخاص بلا رؤوس، وكراسٍ فارغة)، والحرفي (في الأعمال التي يكشط فيها الطلاء عن القماش). 

في لوحات تعود إلى السبعينيات يكشف الغرائبي عن ذاته بشكل قرد، فيستخدم التهكم لتذكير المشاهدين بأن الإنسان حقيقة حيوان. في يدي بروتا التهكم ليس مجرد مجاز، إنما هو أسلوب لتصوير المألوف لكشف الواقع الذي نعيش فيه، والقلق وعدم الراحة بهذا الاكتشاف. وفي أعمال مثل (تشريح تلك القصة القديمة)/ 1970؛ يصور الفنان ذاته مع نظير له، كشخصين يتضوران جوعاً، ينظران إلى شخص ميسور يشبه قرداً، وهي تنظر ضاحكة إلى صحن طعام ممتلئ أمامها. هذا المخلوق الذي يشبه القرد هو موضوع يتكرر في لوحات بروتا، سواء كانت مجموعة تجلس إلى الطاولة وتحتسي الشاي، أم زوجين يجلسان على أريكة بأبهة الوضعية البرجوازية. والمخلوقات التي تشبه القرد، والشخوص بلا رأس في لوحاته الأخرى من ذات المرحلة تضيف إلى تجربة المشاهد للصورة المرضية في سرديات بروتا للظلم الاجتماعي والاقتصادي.

في سلسلة أحادية اللون لبروتا تعود إلى التسعينيات، كل شيء عارٍ باستمرار كاشفاً عن عالم الغرائبي. فاللوحات الضخمة وبالإضافة إلى أنها تركز على جسد الرجل؛ فهي تشمل كل أفكار الجنسين، حيث الشخوص المصورة مروعة وبلا ملامح، وعلى الرغم من أن بعضها ما يزال يحمل آثار مخلوق بروتا الذي يشبه القرد. في (العدائين)/ 1982؛ يصور بروتا شخصين إلى جانب مع ما يبدو مثل نصف جذع إنسان، وهذا العمل على ما يبدو يصور بداية "الوجود"، حيث يبدو الجسد وحشياً وشهوانياً، وهنا يصبح عالم الغرائبي “جسديا/ مادياً”، وهذه التجربة في العبور من الغرائبي إلى الواقعي تبدو أكثر وضوحاً في عمله الفيديو المبكر (الجسد)/ 1985؛ هنا يواجه المشاهد صورة مماثلة للجذع وهو يتعرق ويتنفس بشكل لا يتسق والأصوات العالية المجهدة للهاثه. هذا الشعور بالارهاق ينتقل إلى واقع المشاهدين لأنهم يواجهون عناصر ليس من المألوف رؤيتها على الشاشة، ومنها رجل غريب يدخن ويربت على أسفل الجذع، وأصابع أنثوية ناعمة تبدو كأنها تتابع صور الفيديو. إذن؛ يصبح حتمياً العودة إلى الصورة الشخصية لبروتا ونظرته الثابتة، للعثور فقط على مغزاها.

أعمال بروتا الأخيرة هي دراسة عن الثقافة الاستهلاكية، ومع أن الغرائبي يستخدم أقل في هذه المشروعات؛ إلا أنهم يضربون على الوتر الحساس لمشاكل الإنسان غير القابلة للحل، وكما قالت كاتبة الخيال العلمي الأمريكية أوكتافيا بتلر الإنسان مصنوع من عنصرين لا يمكن أن يجتمعا معاً، وهما “الفكر” و" التسلسلية الهرمية"، حيث الأخير يستوعب دائماً السابق.