P
R
E
V
N
E
X
T

Yuree Kensaku in her studio in Bangkok on New Year’s Day. 

Yuree Kensaku

Thailand
Also available in:  Chinese  English

بمناسبة عشاء الذكرى التاسعة لصالة عرض تونسون 100 في بانكوك؛ رتبت الفنانة ريركريت تيرافانيجا سلسلة عروض مساء الاحتفال، وقد تضمنت تجريب طعام تايلاندي أعده الشيف الفنلندي أنتو ميلاسنيمي، وقراءات شعرية للشاعر السويدي كارت هولمكفيست. كان طعاماً على الشارع مستوحى من المقبلات، والمدعوين – بمن فيهم أنا – شاهدوا شريط فيديو رسوم متحركة آسرة لقطط يوري كينساكو الـ12، لتظهر القطط محاصرة في قفص من قبل مخلوق عملاق من ذات جنسها، وهو يقوم على حكاية شعبية تايلاندية قديمة عرضت أساساً في كهف تشوم بون في مقاطعة راتشابوري التايلاندية عام 2013. وفي قصة هذا الفيديو، وعلى مدى 9 دقائق، تعرض مخلوقات خيالية من بينها أسد يلبس ثياب جنرال يحمل غليوناً، نافثاً سحب دخان بشكل قلب، وخنزير بري يحمل رمحاً على ظهر ثور يركض أحمر وله قرنان. كان عرض الشريط مصحوباً بموسيقى الروك الإلكترونية الحية، ألّفها وقدمها شريك يوري ماي- تي نويجيندا؛ عضو الفرقة التايلاندية مودرن دوك. وبينما كنا نلتهم الوجبة الثانية من مكعبات توم يام التي أعدها ميلاسنيمي وكعك لحم الخنزير وزلابية حساء سمك السلمون “لوكيكيتو” أخذت قصة الفيديو منحى غير متوقع، فقد كانت الطريقة الوحيدة للقطط كي تنجو بأن تأكل صغارها، وفي نهاية المطاف أكل ذاتها. 

Yuree’s painting Octopussy (2014), fresh from an exhibition at Toot Yung Art Center, Bangkok.

 بعد عام واحد، وفي يوم رأس السنة الجديدة، وجدتُني مرة أخرى أزور بانكوك بوساطة سيارة أجرة. سافرنا واجتزنا حواجز الطريق، واتجهنا إلى استديو يوري شمال المدينة، وكان الطقس بديعاً، مشمساً مع غيوم زرقاء صافية، دافئاً لكن من دون رطوبة، والأهم من ذلك أنه لم يكن هناك زحمة مرور في بانكوك وهي فرصة لا تقدر بثمن، والطريق التي تحتاج عادة إلى ساعة قطعناها خلال 15 دقيقة. انعطفنا إلى حي بطرق ترابية حولها تنتشر أشجار الموز التي تلقي بظلالها على المارة، ثم استدرنا نحو طريق صغير فيه منزل واحد وراء بوابة كبيرة.  

المجمع – حيث عاشت الفنانة ذات الـ36 عاماً منذ طفولتها – يتألف من مبنيين تفصل بينهما أشجار ضخمة، والدة وشقيق الفنانة وعائلتها يعيشون في منزل واحد، والبناء الآخر هو استديو يوري وبيتها الذي تتقاسمه مع ماي تي، ومرسمها هو غرفة مستطيلة بيضاء أرضيتها مغطاة باللونين الأبيض والأسود، لها تأثير بصري يتماشى مع لوحات يوري السريالية وأعمالها التصويرية. 

أثناء زيارتي كانت هناك فقط لوحتان قماشيتان متوسطتا الحجم معلّقتان، (أوكتوبوسي)/ 2014؛ وهي عمل متوسط الحجم كان قد عرض في معرض جماعي في بانكوك في صالة توت يونغ آرت سنتر عام 2014، وهو يصور أخطبوطاً أصفر مثل لون النيون، يلتف حول قطة وردية بثياب حمراء مثيرة وجوارب مرقطة، في الجانب الأيسر من اللوحة تظهر ساقان سمينتان بأظافر مطلية بلون برتقالي، مع طرف واحد لستارة منقوشة، مسحوب إلى الخلف، وعلى غصن شجرة زوجا طيور، وسيدة صغيرة عارية تنتعل حذاء أحمر، وشعرها أخضر مقصوص متمايل، وموز يتحلق حولهم، وفي أعلى اللوحة موزة بلاستيكية. إن الإثارة الجنسية لمجموعة (أوكتوبوسي) مستوحاة إلى حد ما من أعمال أستاذ يوري في جامعة بانكوك، الفنان ثانيت أوسينسيري المعروف بلوحاته التي تصور نساء عاريات في أوضاع مثيرة. وبينما كنت أناقش يوري في معرض توت يونغ خطر لي أن الفنانة تشبه – بطريقة ما – بعض الشخصيات في لوحاتها، بشعرها المتمايل، وعينيها الكبيرتين المبتسمتين. 

Detail of the middle panel of Yuree’s unfinished painting When the Elephants Fight, the Grass Gets Trampled (2015), along with digital sketches that help determine the color palette of her painting. 

A detail of Yuree’s unfinished painting When the Elephants Fight, the Grass Gets Trampled (2015). 

Numerous plastic bins of paints, brushes, tools and other work supplies. 

على الجدار المقابل كانت لوحة ضخمة ثلاثية الأبعاد طولها 8 أمتار، كانت يوري تعمل عليها منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2014، وستعرض للمرة الأولي في بازل هونغ كونغ في آذار/ مارس الجاري في “تونسون 100”، الصالة التي تعرض أعمالها منذ وقت طويل، والتي ساعدت في دعم مسيرتها الفنية. اسم العمل (عندما تتصارع الفيلة يداس العشب)، وهو قائم على قول تايلاندي مأخوذ من مثل سواحيلي، ويعني أنه عندما تتصادم قوتان رئيستان فإن الضحايا هم من الأبرياء والضعفاء فقط. في اللوحة تحدث المعارك تحت سماء برتقالية وصفراء نابضة بالحياة، وفي مركز اللوحة فيلان ضخمان أحدهما أسود والآخر بعينين حمراوين متقدتين، وهما يتصارعان بينما يدوسان على حية، وفي الجانب الأيمن من اللوحة ثور أرجواني ينقض على ثور آخر أحمر، ومعهما كلب برتقالي ينضم إلى القتال، وفي أقصى يسار اللوحة قطيع دببة ذات أنياب، تهدر ويصارع بعضها بعضاً. هذه المخلوقات الضارية محاطة ببقع مضيئة ولهب وغيوم.   

ونحن ننظر إلى اللوحة اعترفت يوري بصوت ناعم بلكنة يابانية في لغتها التايلاندية (والدها الراحل كان يابانياً، ووالدتها تايلاندية) إنها تعيش مثل "بومة"، حيث يتضمن روتينها اليومي أن تستيقظ بعد الظهر، وتذهب إلى مرسمها لتعمل حتى الساعات الأولى من صباح اليوم التالي، فتحديها الأكبر – كما تقول -  الوصول إلى صور سردية لائقة، وعلى الرغم من وجود أتباع لها على نطاق واسع بين الفنانين التايلانديين الشباب وطلبة الفنون؛ إلا أنها تفضل العمل إلى وقت متأخر من الليل أكثر من دورها عندما كانت محاضرة زائرة تدّرس الرسوم التوضيحية ونظرية اللون والرسم في مدرسة جامعة بانكوك للفنون الجميلة والتطبيقية منذ 2005 وحتى 2010. 

(عندما تتصارع الفيلة يُداس العشب) استجابة مباشرة للاحتجاجات التي بدت وكأن لا نهاية لها، ولانقلابين عسكريين ابتليت بهما تايلاند منذ عام 2006، وهنا تصور يوري الصراع على السلطة بين القمصان الحمراء والقمصان الصفراء (المعارضون والمؤيدون للانقلاب العسكري على التوالي) الذي ترك ملايين المواطنين التالانديين – بمن فيهم الفنانة – مستقطبين ومشوشين. 

(عندما تتصارع الفيلة) تتمة عملها السابق (Hot Pot Sweet Dream)/ 2014؛ أعدته الفنانة لبينالي موسكو العالمي الرابع لفن الشباب، والعمل الذي أنجز في وقت سابق – وعلى أي حال – ينضح بتفاؤل جميل، تحت شمس مشرقة، وحمامات عملاقة (مع رموز السلام) تتشابك بألسنة لها ألوان قوس قزح لتشكل قلباً عملاقاً، بينما تقدم هرة صغيرة عرض باليه، والأطفال يتنقلون حول طيور ورقية، وربما في هذا العمل انعكاس لأمل يوري في أن تجد تايلاند السلام في نهاية المطاف رغم الفوضى.

Yuree working on When the Elephants Fight, the Grass Gets Trampled (2015).

The artist in her living space, cuddling her Siberian Husky, Mowgli—the inspiration for many of her partner May-T’s paintings and drawings. 

وبالنسبة اللوحات الضخمة؛ فإن يوري ترسم أولاً اسكيتشاً، ثم تصوره بالأشعة مستخدمة الكمبيوتر ليساعدها في تحديد ألوان اللوحة، وعندئذ تمزج ألوانها وتبدأ الرسم متابعة اسكيتشها الملون رقمياً. مئات من الأنابيب وأواني طلاء الأكريليك مرتبة بدقة في حاويات بلاستيكية وفق منطقها الشخصي، وهناك صندوق واحد فيه فراشي الرسم من كل الأشكال والأحجام، وفي صندوق آخر أشرطة لاصقة. عندما علّقت على الترتيب في مرسمها؛ اعترفت أنها قامت بذلك من أجل الزيارة، كما أنها لا ترتاح أن يرى الناس كم تستطيع أن تكون فوضوية.

تضع يوري كمبيوتر عملها في زاوية خاصة في مرسمها الذي تتناثر فيها أسطوانات فارغة ومحولات الطاقة، كما توجد أيضاً رفوف ممتلئة بالحلى الصغيرة الرخيصة، ولعبة أرقام يابانية، ودمية وردية مبتسمة لها شكل أنبوب، وأحمر شفاه كبير، وفيل غانيش، وباص فولكسفاغن مصغر، وبطاقة بريدية عليها صورة بوذا وقد بلغ الاستنارة تحت شجرة بودي. وبجانب مقعدها باب يصلها ببقية أرجاء منزلها. 

على أحد جدران بيت يوري تعلق عمل أصدقائها من فناني الشارع، وصورة لها ولماي تي الذي بدأت مؤخراً الرسم والتصوير بإشرافه، وصوره لكلاب هاسكي السيبيرية، وتحتها عمل يوري (Music from My B Jang)/ 2011؛ تصوّر قندساً كبيراً يعزف على غيتار بشكل حلزون، تقول إنها صممته متأثرة بـماي تي، فتأثيره الموسيقي أيضاً دفعها للمشاركة في إخراج فيديو مع ماي تي لأغنية (Pleng Pry) التي نالت جائزة في مهرجان القناة السابعة[V]  لجوائز فيديوهات الأغاني، وفي زاوية الجدار العليا توجد صورة بالأسود والأبيض لوالدتها، ربما من الستينيات، تحتها مجموعة من بقايا كراسٍ بلا مساند ظهر، وكرسي صالون تجميل. ذهبت يوري إلى المطبخ حيث علقت فوق الباب يافطة صالون والدتها للتجميل سابقاً.  

كنا نرتشف الشاي البارد وهي تريني عملاً كلفتها به الخطوط الجوية التايلاندية لروزنامتها لعام 2015، كما أخبرتني عن مشروعي (iPhone) وسماعات الرأس التي دعيت لتصميمها هذا العام، وعلى أي حال تركيزها الأساسي على إكمال لوحتها الكبيرة لآرت بازل هونغ كونغ، وقالت إنها تعتزم إضافة المزيد من التفاصيل، مثل شخصيات بشرية صغيرة تمتد خارج قماش اللوحة، أو ربما رسومات صغيرة على الخشب، وقد قدمت يوري لي ملصقاً من مشروعها (12 قطة)، وأوضحت أنها بعد الانتهاء من عملها (عندما تتصارع الفيلة) ستصنع فيديو رسوم متحركة آخر، ولا شيء يمكن أن ينسي صغار الـ12 قطة المأكولة، ومقل العيون المضرجة بالدم، والأرانب المقطعة بالفأس، ولهذا أنتظر سماع حكاية مروعة جديدة في العمل القادم التي هي بصدد تأليفه.

The entrance to Yuree’s studio and family home, where she has lived since she was four-years old.