P
R
E
V
N
E
X
T

A Requested Subtraction, 10 April 1974, 1971–74, silver gelatin print, printed paper with handwritten annotations, 57 × 83 cm. Courtesy the artist and Mayor Gallery, London. 

الاتساق الزئبقي

BILLY APPLE

New Zealand
Also available in:  Chinese  English

بيلي أبل الذي يناهزالـ80 عاماً؛ هو بلا شك الأكثر أهمية بين فناني نيوزيلاندا أو “أوتياروا” كما يسميها سكانها الأصليين. حياته المهنية الطويلة التي ما تزال مستمرة غنية بقصص عن دوره المباشر في بعض الظواهر الأكثر أهمية لفن ما بعد الحرب والفن المعاصر، من البوب إلى المفهومية، ومن فن الجسد إلى النقد المؤسساتي، وفي بعض الأحيان كلها مجتمعة. في حين يمكن اعتباره زئبقياً من حيث العدد الهائل من التحولات في الاتجاه، كما هو واضح في ممارسته لفنه، لكنه أبدى أيضاً زخماً واضحاً ومحدداً لرؤيته الفريدة، ويبقى هناك اتساق داخلي صارم وملحوظ حين ننظر إلى أعماله الكاملة ككل. 

كان أبل من الرواد في استقصاء أهمية وسائل الاتصال، فضلاً عن أنه حلال مشاكل استثنائي، ومثلما كانت تلك الصفات واضحة في عمله الإعلاني؛ فهي مثيرة للاهتمام، خاصة عندما تطبق على سياق ممارسته لفنه.     

ولد باري بيتس في أوكلاند عام 1935، وسافر الفنان إلى لندن في الخمسينيات في منحة لدراسة التصميم  في المعهد الملكي للفنون. كانت المنحة الدراسية آنذاك تشمل رسامي البوب الشباب: بوريك بوهير، ديفيد هوكني، ألن جونز، وآر بي كيتاج. وقد أصبح باري بيتس مصصماً ماهراً، وعمل في مجال الإعلان خلال فترة خلدها التلفزيون الأمريكي في دراما (Mad Men). 

في الوقت الذي كانت فيه أفكار"الحداثة" و"الجِّدة" نقاطاً بارزة للتقاطع الذي ميز فيه الفنانون بين الفن والتصميم؛ كان الفنانون البريطانيون الشباب في دائرة بيتس مسحورين بالنطاق الواسع للثقافة البصرية، مستلهمين إبداعاتهم من الرسوم الهزلية والسينما والخيال العلمي. 

سلسلة الفنان المولود في لندن ريتشارد هاميلتون التي قدمها عام 1957 من فن البوب تعكس بشكل شاعري هذه الحساسية الجديدة: شعبية (صممت لجمهور واسع)، عابرة (هدفها قصير الأمد)، ويمكن الاستغناء عنها ونسيانها، رخصية، تستهدف الشباب، ذكية، لعوبة، وفاتنة، في حين كانت مجالات الحياة اليومية البريطانية تعاني القحط، وكان ازدهار ما بعد الحرب في الولايات المتحدة يجتذب الفنانين الشباب.

Billy Apple Bleaching With Lady Clairol Instant Crème Whip, November 1962, 1962, uniquely toned silver gelatin print with screen print text, 40.8 × 57.5 cm. Courtesy the artist and Starkwhite, Auckland.

من داخل تلك الظروف، قدم بيتس عام 1962 أكثر إيماءاته المبكرة استفزازاً، وكانت هي ما حدد حركة مسار نشاطاته فيما بعد. 

اختار اسماً جديداً وقدم ذاته باسم “بيلي أبل”. كان هذا القرار مصمماً بعناية، ولو أن هذا الأمر كان قد تم بطريقة مباشرة إلى حد ما، فأصبح الاسم الجديد مرتبطاً بأعمال بصرية. إن ولادة أبل الجديدة تم تصويرها في عمله الفني بالأسود والأبيض (Billy Apple Bleaching with Lady Clairol Instant Crème Whip)/ November 1962؛ حيث يظهره بشعر أشقر، ينظر في مرآة يد صغيرة تحت مصباح بطريقة توحي بتحوله الأخير. إنه عمل محوٍ لهويته القديمة، وتأكيدٍ على الهوية الجديدة، ونوع من التنفيس. 

وتماشياً مع مارشال مكلوهان المنظّر الكندي المعاصر، ومحلل ثقافة البوب؛ كان أبل بارعاً في كيفية تحديد وتحقيق “الوسيط هو الرسالة”. وفي سياق تصاعد النزعة الاستهلاكي؛ بدأت السلعة التي كانت وما تزال في طور التشكل، وهي بيلي أبل ذاته. هذا واضح في الوثائق الأولية بما في ذلك “صورة للوجه” التي هي صور الفنان ذاته، التقطها المصور الفوتوغرافي الإنكليزي روبرت فريمان الذي أصبح فيما بعد شهيراً بسبب لوحاته الأيقونية لفرقة البيتيلز.

عندما كان يقيم أبل في المملكة المتحدة كان على اتصال مع الناقد الرائد لورنس ألوي الذي وضع مصطلح “فن البوب” أواسط الخمسينيات، وصمم ملصق معرض (المعاصرون الشباب) الذي نظمه المعهد الملكي للفنون عام 1962، وقد اعتمد في تصميمه على بطاقات التعريف بالفنانين المشاركين وحدد أسماء الفنانين، ومدارسهم، وعناوين الأعمال، وأسعارها بالجنيه الإسترليني، وقد لفت – حقيقةً -  الانتباه في آن واحد إلى تركيب المعرض، وإلى ما كان يرفق الأعمال الفنية ببطاقات التعريف، فكان بشكل من الأشكال يقدم تلك الأعمال وكأنها أعماله الخاصة. كما أضاف تلك المعلومات مباشرة على القماش، مبدعاً إيماءة مفاهيمية مبكرة مثل “لوحة” تشبه كثيراً الأسلوب الذي اتبعه جون بالديساري بعد عقد من الزمن في أعماله التي رسمها بتوقيع رسامين محترفين، تعرِض مفارقات مأخوذة عن النقاد، أو في إحدى الأعمال (نصائح للفنانين الذين يريدون بيع أعمالهم). 

تأثر أبل جداً بزيارته مدينة نيويورك، حيث تعرف على فناني بوب يعملون في العالم الاستهلاكي الأمريكي النابض بالحياة. إذ انتقل إلى هناك أواسط الستينيات، وانعكس ذلك فيما بعد في الفيلم (Being Billy Apple)/ 2007؛ للمخرج النيوزيلندي ليان بولي، وقصته أن في نيويورك (عكس لندن، كل شيء ممكن). 

في معرض (سوبرماركت أمريكي)/ 1964 في صالة بيانتشيني؛ عرض أبل إلى جانب العديد من فناني البوب الأمريكيين آنذاك، ومن بينهم جاسبار جونز، كليس أوندينبورغ، آندي وارهول، روبرت واتس، وقد عرضت الأعمال كما لو أنها في متجر حقيقي، مكدسة على الرفوف. مجلة (life) سلطت الضوء على المعرض، وسخرت منه وعلقت على أعمال أبل: (بيلي أبل يحدق في 500 $  لقطعة من بطيخة ملونة بالبرونز)، وأضاف العنوان الرئيس أن كلفة المنحوتات 500 $ للقطعة فقط)، ويبدو أن أكثر المواد مبيعاً كانت حزم ورق للفنان وارهول، وحقائب التبضع التي طبعت عليها العلامة التجارية لحساء كامبل، وقد بيعت القطعة الواحدة بـ12$، ومثل وارهول؛ استفاد أبل واستخدم باتقان تقنيات استمدها من خلفية عمله الفني بالغرافيك. وهذا سيكون متناقضاً مع فنانين مثل روي ليختينشتاين الذي دخل إلى فن البوب من الفنون الجميلة بدلاً من الفن التجاري. 

مع حلول عام 1969 افتتح  أبل أحد أقدم الأمكنة التي يديرها فنان في نيويورك، أطلق عليه اسماً مناسباً هو (أبل)، وهدفه بحسب تعبيره (إيجاد بديل تجريبي لعرض أعمالي وأعمال الفنانين الآخرين). عمل أبل عن قرب مع عدد من فناني (Fluxus ) خلال تلك الفترة، ومن بينهم جيفري هيندريكس، رالي ميلر، نام جون بايك الذي سجل الموسيقى التصويرية المرافقة لفيلم (Gaseous Discharge Phenomena)/ 1968، وهو ذات الفيلم الذي صمم له أبل أضواء نيون غربية الشكل. 

(Fluxus) هي مجموعة مكونة من فنانين أمريكيين وأوروبيين وآسيويين عملوا على توسيع حدود ما يمكن أن يكونه "الفن"، وكان لها حضوراً مميزاً في نيويورك آنذاك، وقد أصبح جورج ماسيوناس – أحد أعلامها – مساهماً فاعلاً في جعل سوهو منطقة عمل مهمة للمجتمع الفني، بمن فيهم أبل، مستثمراً جهودهم على نحو أكبر في نشاطات ومعارض غير تجارية. وقد استمر استوديو أبل مدة أربعة أعوام وهو يستضيف معارض ونشاطات مختلفة. 

Apple Buttons originally shown in “American Supermarket” at Bianchini Gallery, New York, 1964. Installation view at “Billy Apple®: The Artist Has to Live Like Everybody Else” at Auckland Art Gallery Toi o Tāmaki, 2015. Courtesy Billy Apple® Archive.

Young Contemporaries 1962, 1961, originally titled Label Painting (With Space For Cynical Remarks), offset lithography on canvas, 51.5 × 76.5 cm. Courtesy private collection, London.

Addendum To ‘Subtraction.’ The Given As An Art-Political Statement, 1998, silver gelatin print and screen print on card, 89.5 × 126.3 cm. Courtesy Auckland Art Gallery Toi o Tāmaki.

في ذلك الوقت عرض أبل ووثق سلسلة أعمال تشمل تنظيف السطوح وتكنيسها من الداخل والخارج، وجمع الحطام بما فية الزجاج المكسر، وفي سلسلة (Body Activities) بين حزيران/ يونيو 1971 وحزيران/ يونيو 1973؛ كان يجمع عينات من سوائل جسمه وفضلاته بهوس ويومياً، وكان هدف تلك السلسلة من الأعمال الفنية التأكيد على المادة، وخاصة في ضوء الاهتمام المتزايد بالأعمال التي تهتم بالأداء حينها، مثل أعمال فيتو أكوسينسي (Seedbed)/ 1972؛ كريس بوردن (Shoot)/ 1971؛ والأفكار التي قدموها حول “التجريد من المادة”، وبحلول عام 1967 ميز الناقدان لوسي ليبارد وجون تشادلر الفن المفاهيمي بأنه فن يتبع بشكل متزايد التجريد من المادة، وكتبا: (أصبح الاستوديو مرة ثانية دراسة. ويبدو أن هذا الاتجاه يدعو إلى تجريد عميق للفن، وابتعاد عن الفن كمنتج)، وأضافا: (إذا استمر هذا التوجه في الفن؛ فربما سينتهي المطاف بأن يصبح “منتج” الفن من الماضي). 

في نص يعود إلى بداية آذار/ مارس 1971 اقترح أبل رؤيا متناقضة لهذا التعريف، قائلاً: (إذا مسحت بقعة قذرة عن الجدار فإنك تزيلها، لكنك لا تتخلص منها. ستصبح معك قطعة قماش وسخة لم تكن لديك من قبل). من خلال أعمال (Body Activities) أصبحت فضلات أبل المادية معروضة ومؤرشفة تقريباً، كما لو أنه كان محققاً في الطب الشرعي.              

الجدير بالملاحظة أيضاً أن أبل سهّل لكثير من أعمال فناني (Fluxus) لأنهم كانوا كحركة بصورة عامة أكثر اهتماماً بالتجريب بالغرابة والمادية العابثة، أكثر من كونهم مهتمين بحركة التخلي عن مادية الأعمال الفنية، إلا أن أعماله وعلى الرغم من حرياتها المؤقتة وقدرتها على تغذية أساليب مبتكرة لممارسة الفن؛ فإنها تتناقض مع طموحات الفنان الخاصة في تحقيق شعبية أكبر، والحصول على اهتمام واسع. 

يقول الفنان الأمريكي جيري فيز الذي عرض في صالة أبل: (كان يريد أن يكون معروفاً، وكان يريد الشهرة والمجد وكل ما يمتلكه الفنان الناجح. أراد أن يكون شهيراً على المستوى العالمي. حقيقة أراد ذلك، وكان من الصعب عليه جداً، فهو يرغب بأن تكون له شعبية، وفي الوقت ذاته أن يرغب في تدمير القيود).

على الرغم من طموحاته الشخصية وتقلّب أسلوبه؛ كان أبل مخلصاً لرغبته بتعزيز التجريبية لدى الشباب، وقد قدم لاحقاً العديد من المعارض في الصالات البديلة في نيوزيلاندا خلال حياته المهنية، معيداً فترة النجاح بذلك إلى أوائل السبعينيات في نيويورك. 

في عام 2003 لاحظ الناقد المقيم في أوكلاند أنتوني بيرت: (كان أبل في العقد الأخير من التسعينيات يتعاون مع الفنانين الشباب، وصار يشارك باستمرار في صالات الفن المعاصر مثل “Teststrip،23A، rm401،the High Street Project، now Ramp”، والتي كانت كلها أمكنة لمشاريع غير مؤسساتية، تهتم بدعم الفنانين الناشئين. وقد استمر أبل طوال حياته المهنية كفنان منتج، وليس فقط مع الصالات التجارية والمؤسسات العامة الكبرى، لكن كوسيط وداعم للفناني الآخرين. وربما ببراعته مع وسائل الإعلام قد فهم أبل أنه بدون بعض الجهود للتواصل مع الأجيال المختلفة والأعمال التعاونية؛ فإنه سينظر إليه كفنان “حقبته التاريخية” لا غير.    

حافظ أبل على علاقاته العالمية حتى حين إقامته في نيويورك، وفي ربيع 1974 وبدعوة من القيّم البريطاني نوربرت لينتون انتقل أبل من باري بيتس إلى بيلي أبل بمعرض استعادي في منتصف حياته المهنية في صالة سيربنتاين اللندنية، وكانت ردة الفعل على المعرض خليطاً من الإعجاب والاستنكار. حقيقة تم إغلاقه مدةً خلال ثلاثة أيام بسبب شكاوى لشرطة العاصمة ضد أعمال (Body Activities) التي نُظِر إليها على أنها فاحشة، وتم سحبها من المعرض لاحقاً. أصبح هذا الحدث عملاً وثائقياً قائماً بحد ذاته بعنوان (Requested Subtraction) 10 نيسان 1974 (1971 – 1974). بعد تلك التجربة زار أبل نيوزيلاندا للمرة الأولى بعد غياب 17 عاماً في الخارج، آملاً القيام بجولة ناجحة على صالات العرض في أنحاء البلاد، لكن عوضاً عن ذلك سخرت منه وسائل الإعلام الشعبية بسبب نهجه المتطرف في الفن في البيئة المحلية التي كانت – رغم جهود العديد من مجتمع الفن – ما تزال تقليدية للغاية، ومترددة في استقبال لوحات أبل غير التقليدية.

Extension Of The Given (Stairway Entrance), 1977, site-specific work at Leo Castelli Gallery, New York, 1977. Courtesy Mayor Gallery, London.

Invitation card to “Extension of the Given (Stairway Entrance),” at Leo Castelli Gallery, New York, 1977. Silver gelatin print on card, 40 × 30.1 cm. Courtesy Mayor Gallery, London. 

ومع ذلك وجد أبل بين عامي 1977  و1984 بيئة أكثر تقبّلاً لبعض أعماله التركيبية في الصالة الشهيرة ليو كاستيلي في نيويورك، والتي كانت وقتئذ الداعم الأساسي لفن البوب، وفن الحركة التبسيطية، ولاحقاً للفن المفاهيمي. التقى أبل لأول مرة كاستيلي عن طريق جاسبار جونز عام 1962. في Extension of the Given (Stairway Entrance)/ 1977؛ الباب الذي يقود إلى الصالة كان مثبتاً وهو مفتوح، ومضيفاً بذلك امتداداً لتوسيع الأبعاد الخارجية للمكان. كانت مساحة من أرضية قوس الباب خارج الصالة محددة باللون الأبيض، وهذا تطبيق لمصطلح (ادخل بقدم واحدة في الباب)، ويمكن أن ينظر إليه كمحاكاة لباب الاستوديو السابق لمارسيل دوشاب في شارع لاري 11 الذي يعود إلى عام 1927 المعلق بين مدخلين، متحدياً فكرة أن الباب إما أن يكون مفتوحاً أو مغلقاً.  

من المهم ملاحظة أن أعمال أبل بينما كانت دائماً منسوبة إلى اسمه، فقد استخدم متعاونين مختلفين ومشاركين وعمالاً متعاقدين، وهو ما تعكسه توجهاته وتجربته التجارية إلى درجة ما. إن عمل الناقد الفني النيوزيلاندي وايستان كورناو مع أبل مثل “ناسخ كتاب”، وقد طور في الفنان بعض الأفكار الأساسية جداً والشعارات والبيانات التي كان يضعها خلال السبعينيات والثمانينيات. 

أواسط السبعينيات كتب كورناو مقالة طويلة فيها تقدير كبير للفنان، مستعيداً  ذكرياته، فكتب عن الفنان:  (قررت أن أعمل وكيلاً لأبل، ومدير علاقاته العامة، وقمت بجولة محاضرات عام 1979 لتمويل سفره إلى كل أنحاء نيوزيلاندا، مفسحاً له فرصة إتمام أعمال طورها هناك آنذاك. استكملت التحضيرات في أماكن عديدة مع حلول وقت وصوله، وعندئذ ناقشنا “عزلته النفسية”، فقرر أنه ليس جاهزاً لتصويرٍ أو لمقابلات. كانت ستتم دعوة الصحافيين إلى المحاضرات، وكان يمكنهم التواصل معي في أوكلاند، أو مع العاملين في الصالات. كان هدفنا إحباط محاولات وسائل الإعلام لتعظيم الفنان “الطليعي”).

Mercury Energy from the series “Paid: The Artist Has to Live Like Everybody Else,” paid invoices mounted on A3 paper printed by offset lithography, 56.5 × 42 cm each. Courtesy the artist.

Parking Ticket from the series “Paid: The Artist Has to Live Like Everybody Else,” paid invoices mounted on A3 paper printed by offset lithography, 56.5 × 42 cm each. Courtesy the artist.

European Motors Ltd from the series “Paid: The Artist Has to Live Like Everybody Else,” paid invoices mounted on A3 paper printed by offset lithography, 56.5 × 42 cm each. Courtesy the artist.

Red Light Police Fine from the series “Paid: The Artist Has to Live Like Everybody Else,” paid invoices mounted on A3 paper printed by offset lithography, 56.5 × 42 cm each. Courtesy the artist.

أصبح كورناو بظهوره نيابة عن أبل؛ يتحدث باسم الفنان، ويحدد كيفية فهم أعمال أبل وتقديرها من قبل العامة، وإذا تأملنا في هذه المهمة فإنها ستبدو شبه مستحيلة، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الفنان صعب ومتطلب جداً، وأن جمهور الفن لم يكن دائماً يستقبل أعمال أبل بحماس.  

على الرغم من اهتمامه الخاص بصورته العامة؛ فقد عمل أبل دائماً خارج الوسطاء، وبوجهة نظر مختلفة عن كورناو تتحدث القيّمة والمؤرخة الفنية المقيمة في ويلينغتون كريستينا بارتون – بمعرفتها الواسعة واهتمامها بالأرشفة – عن الدور التاريخي المهم الواضح الدؤوب لأعمال أبل الكاملة، ومؤخراً وفي أول دراسة موسعة لأعمال الفنان في معرضه في صالة أوكلاند للفنون “Toi o Tāmaki” هذا العام (كان على بيلي أبل الفنان العيش كأي شخص آخر)، وقد عرضت النماذج المنتقاة من أعمال الفنان خلال الأعوام الخمسين الماضية، وبالتالي تزايد الاعتراف بالفنان أبل كإحدى الشخصيات الأساسية في نيوزيلاندا التي تتحاور مع التطورات التاريخية للفن العالمي مع زملاء له مثل لين لاي (1901 – 1980)، وجوليان داشبر (1960 – 2009)؛ إلى جانب مديري صالات مثل بيتر مكليفي.   

عبارة (على الفنان أن يعيش كأي شخص آخر) كتبها كورناو عنواناً لسلسلة أعمال أبل (الجزاء: على الفنان أن يعيش كأي شخص آخر) التي تعود إلى أواخر الثمانينيات، وهي مجموعة أعمال قدمت مقارنة مثيرة للاهتمام مع أعمال آندي وارهول. وبينما كان وارهول يرسم صوراً شخصية تجارية للنخب الاجتماعية في حياته المهنية المتأخرة، فقد قُدِّم فن أبل في سلسلته على أنه يبادل الفن بالحاجات الدنيوية الأساسية. وعلى سبيل المثال؛ دفع فنان صديق فاتورة إطارات سيارة أبل لتجتاز التفتيش، وفي المقابل استلم ذات الفنان عملاً فنياً مصنوعاً خصيصاً لهذا الغرض من أبل، وفيه يخلد ذكرى قيامه بذلك، وفي عمله هذا قدم أبل صورة للحياة اليومية المعتادة، وفي ذات الوقت قدم صورة ذاتية يكون فيها هو الشخص الرئيس وليس صديقه الفنان.  وبينما لم يكن وارهول يعيش مثل أي شخص آخر؛ فإن أبل كان يقدم تعليقاً نقدياً يرتبط بصورة خاصة ببيئة نيوزيلاندا الصغيرة بدل موضوعات مستمدة من إقامته الطويلة في نيويورك. إن فرص عيش الفنان في نيوزيلاندا على دخله المتحقق من أعماله الفنية ضئيلة إلى أبعد الحدود منذ ذلك الوقت وحتى الآن، وعلى الرغم من ذلك تمكن أبل من تحقيق ذلك بشكل فاعل، وفي ذات الوقت سلط الضوء بذكاء على أوجه التشابه والاختلاف بين الفنانين، وعلى الاقتصاد الذي تدور أعمالهم في فلكه ـ وبين غيرهم من أفراد المجتمع.

بدأ اعتماد أبل على المفهوم في عدد من أعماله تحت شعار “معاملات الفن” منذ أوائل الثمانينيات، وشملت طلبات لإنتاج قطع فنية محددة، إذ كان باستطاعة كل مقتنٍ تحديد صيغة أساسية معينة للوحة التي ينتجها الفنان، والتي عرفها بالتعبير الفني (من مجموعة …). وفيما يخص هذه الأعمال كانت العبارة ذاتها مكتوبة على سطح العمل، لتصبح جزءاً من محتوى التكوين البصري. تلك اللوحات المرسومة هي نهج لا يزال يستدعي جوانب من النقد المؤسساتي، وهي حقيقة مكفولة من الذين دفعوا كلفتها، لكنها ضمن سوق الفن المعاصر. 

يكرر أبل باستمرار وضعه كفنان، وقدرته على التفاوض وتوزيع أعماله في أشكال مختلفة، وقد وصل فيه الأمر إلى استخدام أعماله الفنية ليدفع مقابل عملية استبدال مفصل الورك.

Installation view of “Billy Apple®: The Artist Has to Live Like Everybody Else” at Auckland Art Gallery Toi o Tāmaki, 2015. Courtesy Auckland Art Gallery Toi o Tāmaki. 

معظم مشاريع أبل الأخيرة تضم خط علامة سلع أبل، ومن بينها التفاح بالطبع، والعطور، والخمر، والعصير، والشاي، والقهوة، وكلها عُبئت بطريقة جذابة، وصممت بطريقة غريبة، مما يضفي انطباعاً عن الفنان الذي يستلهم البيئة التجارية، بمعنى "المشاركة"، ونشر هويته الخاصة في أرض التجارة اليومية. وهو ربما يغلق دائرة بدأها وانتقدها بشكل أعمق في معرض (American Supermarket)، رغبة بلغت ذروتها في محاولة الفنان الناجحة بإطلاق بيلي أبل كعلامة تجارية مسجلة (2007- 2008). لقد أصبح بيلي أبل علامة خاصة به. 

(The Immortalization of Billy Apple®)/ 2009) هو المشروع الآخر الذي قام به في القرن الـ21، وكان صدى لمشروعه السابق  (Body Activities). وقد تم تفويض الفنان بالتعاون مع عالم الكيمياء الحيوية النيوزيلاندي كريغ هيلتون، وأستاذ علم البيولوجيا رود دونبار؛ لرزع خلايا دمه مخبرياً لاستخدامها مستقبلاً في أبحاث طبية، فضلاً عن تسلسل نسخة رقمية وحفظها لجينيوم كامل للفنان. 

على لوحة أبل الموافقة 1/ 2009 نقرأ: (أنا أوافق على توزيع واسع للخلايا المأخوذة من دمي، بما في ذلك وديعة في بنك مجموعة زرع الخلايا الأمريكي.. أفهم أن ذلك قد يمكّن من الاستخدام غير المقيد لخلاياي في أبحاث خارجة عن إرادتي، بما فيها التحليل الأساسي لـ DNA الخاص بي). وبالتالي أصبحت محاولة أبل لأن يكون معترفاً به خارجياً ماركة وعلامة تجارية، مرتبطة ومدمجة مفاهيمياً، مع مساعدة صغيرة من أصدقائه يمكن أن تبدو كنوع من إعداد خيالي لأنفس متعددة. كنت سأعتقد أنه كامل، وحضور شامل، لو لم أقابله من وقت إلى آخر، لكنه ما يزال مواطناً  كلي الوجود لا يكلّ، وقوة في المشهد الفني النيوزيلاندي المعاصر. 

I Consent, 2009, UV-impregnated ink on canvas, 100 × 160 cm. Courtesy the artist and Starkwhite, Auckland.