على مدى عقود كان نقاد الفن يبشرون بموت اللوحة. لكن عندما تذهب إلى أي من التظاهرات الفنية العالمية الكبيرة، مثل آرت بازل في هونغ كونغ، وعرض متحف من المجموعة الدائمة المتحف العربي للفن الحديث، أو المعرض الافتتاحي (ميت برور) للفنانة نسرين محمدي في نيويورك؛ ترى أن الفن حي بوضوح ويتقدم إلى الأمام. وبدلاً من الإعلان عمّا إذا كانت اللوحة موجودة أو غير موجودة؛ فإن عدد آذار – مارس/ نيسان – أبريل من مجلة آرت آسيا باسيفيك تلقي نظرة عن قرب على الفنانين وخلفياتهم في الرسم، أؤلئك الذين شبوا عن الطوق، وأبدعوا مناهجهم الخاصة التي تحاكي مجالات متعددة، وبالتالي يتحدون التصنيف، بما فيه الرسم ذاته.
يغطي هذا العدد إلقاء الضوء على الأعمال الضخمة للفنانة أو هوي لام من هونغ كونغ. فالفنانة التي درست الفلسفة اشتهرت بلوحاتها المرسومة بالباستيل التي تتابع غالباً مرور الوقت. والقيم المستقل تشارلز ميريويذر الأستاذ الزائر سابقاً في جامعة بابتيست في هونغ كونغ، والمقيم حالياً في تبيليسي؛ يناقش تطور أعمال أو هوي، بدءاً من لوحات المنمنمات المؤلفة من 86 ألف مربع ملون بالغ الصغر، والتي تمثل الثواني في ساعات اليوم، لتركيبها كتباً بحجم الجيب، راسمة السنة التي تلت وفاة والدها. وإذا نظر لها مجتمعة؛ فإن لوحات الفنانة وتركيباتها الأخيرة تندمج لتكون سجلاً متقناً من الاعترافات، والحياة، والفقدان والذكرى.
والقيمة المستقلة من إستانبول نازلي غورليك؛ تناقش السيرة المهنية على مدى 30 عاماً للفناة إنسي إيفينير، فعلى الرغم من دراستها الرسم، إلا أنها استخدمته لتطور تقنيةٍ (تتغلل في عوالم السوريالية، لكن أيضاً الانطباعية والتجريدية والمسرح) مثلما استنتج غورليك. وعلى نطاق واسع في وسائل الإعلام – بما فيها الفيديو – تقدم إيفينير حضوراً قوياً للنساء، وللجنس الثالث، وللمهاجرين واللاجئين الذين لا يرون ولا صوت لهم، أو المهمشين الآن في تركيا وخارجها.
الضيف المساهم روبرت لايليز يتمعن في أعمال رائد فني كوري سابق، وفنان القرن الـ20 كوون يونغ وو (1926 -2013 ). ورغم أن اسمه يرتبط الآن بحركة “دانسيكهوا” أحادية اللون التجريدية، فإن سيرة كوون المهنية امتدت على مدى ستة عقود، وهو غالباً يتحرك أبعد من سطح اللوحة الأبيض، بدءاً من أعماله الأولى بالحبر، وصولاً إلى فن البوب النحتي. ويرينا لايليز كيف أن سطح الورقة الفارغ شكّل نقطة انطلاق أولى لكل استكشافات وتحولات كوون الراديكالية في الأسلوب، ومكّنه من تصوير متفرقات من الحياة في كوريا من فترة ما بعد الحرب، وتشكيل ورق حول موضوعات من الحياة اليومية.
في مجال تطوير اللوحة التقليدية يوجد كذلك الفنان تشينغ تشونغبين. وعن قرب رأت المؤرخة الفنية المقيمة في كاليفورنيا تيفاني واي يينغ بيريز تجارب تشينغ بالحبر في مرسمه في خليج سان فرنسيسكو، سواء أضاف الأكريليك، أم رصدها متدفقة بالكاميرا. فمنذ سنواته التكوينية الأولى في مدينة هانغتشو حيث درس في أكاديمية بتشوجيانغ للفنون الجميلة؛ شعر وأقرانه مثل غو ويندا وويانغ جيتشانغ بضرورة تحدي العقائد الأورثوذكسية المؤسسة للرسم الأكاديمي، وفي عام 1988 انتقل إلى سان فرانسيسكو وبدأ ينشّط الرسم، عن طريق جمع عناصر الرسم الحديث والفيديو وفن التركيب.
في عمودنا الخاص داخل مجموعة بيرغر؛ يستخدم القيم والأكاديمي إيرين غليسون المجاز للقطعة الأثرية المجزأة لمنحوتات الإنسان المشوه للخمير القدامى المثيرة للجدل، والتي يرغب بها الجامعون والمتاحف حول العالم؛ كنقطة انطلاق لدراسة أعمال خمسة فنانين غزيري الإنتاج يعملون في كمبوديا اليوم.
بمناسبة العديد من المعارض الفنية التي ستقام في آذار- مارس/ ونيسان – أبريل، من آرت دبي إلى آرت سنترال في هونغ كونغ، ومهرجان الفن الأوربي (TEFAF) في مدينة ماستريخت الهولندية، وأرموري شو في نيويورك؛ يسلط باب (لمحات") الضوء على خمسة مقتنين من منطقة آسيا، يعتبرون مطوري الملكية التايوانية، وهم: جورج وونغ، وزير المالية الأسبق في ماليزيا تون دايم زين الدين المقيم في ملبورن في إندونيسيا، الفنان المحامي كونفير كابو، المصمم آلان تشان من هونغ كونغ، ويان شيجي مطور العقارات والشريك المؤسس لمتحف ريد ريك في بكين.
ويتناول باب (مقالات) مجموعة فناني “السلاڤ والتتار” المهتمة بالبحوث، وأيضاً بازدهار الفلسفة في القرن الـ19 في ألمانيا؛ وكيف مهد ذلك الطريق لظهور أشكال محلية للاستشراق، مثل التهجئة الغريبة في قاموس "دودن"، بما في ذلك "جنكيزخان"، ومنشورات مثل (El Dschihad).
ومن سريلانكا ينظر المحرر المساهم جيوتي دار في كيفية إيجاد ممارسي الفن مكانهم في جافنا، وهي واحدة من مدن الشمال الرئيسة التي ابتليت بحرب أهلية على مدى ست سنوات، وانتهت عام 2009.
في باب آخر في المجلة، اثنان من الفنانين سيأخذان دوراً في بينالي سيدني الذي سيفتتح في آذار/ مارس، ويشاركون بتعليقات مهمة. وفي باب (وجه لوجه) من بريزبن؛ يشارك الفنان والناشط السياسي ريتشارد بيل حبّه لصديقه من السكان الأصليين الفنان غوردون هوكي.
في باب (وجهة نظر) الفنان النيوزيلاندي داين ميتشيل الشهير بأعماله التي تضم الروائح والتعويذات والشامان؛ يشرح كيف يعمل أولئك الموجودين خارج المراكز المهنية لعالم الفن بغض النظر عن الترابط التكنولوجي، مع أنه يرى ضرورة وجوب التغلب على تحدي المسافات البعيدة.
وفي باب (حيث أعمل) يزور المحرر المساهم ميتشيل يونغ مرسم فنان ما بعد ماوتسي تونغ في السبعينيات في بكين؛ هوانغ روي، ويناقش معه معمل صناعة المفروشات في الخمسينيات، وعقود استئجار الأراضي. واستمراراً في العملية يقدّم المحامي الأوسترالي روجر أوك دليلاً للفنانين على استثناء “الاستخدام العادل” لحماية حقوق المؤلف، ثم يعرض محاضرة دراسية مكثفة فيما يجب فعله إن انتهكت حقوق التأليف والنشر. ويطلب أوكْ منّا كقراء أن نتخيل إلهاً يمارس التأليف والنشر على كل صور الطبيعة، وعلى كل إنسان، وحتى على ذاته، ويشير إلى كم يمكن أن تكون الممارسة معقدة وفوضوية ومكلفة، ربما السبب يعود إلى أن (الله هو أشياء عديدة، ولكن ليس له علاقة بالمقاضاة) لو كان ذلك موجوداً، وربما ذلك يدق المسمار الأخير في نعش الرسم كما نعرفه.