P
R
E
V
N
E
X
T

GORDON HOOKEY,Terrarists Colonialhism, 2008, Oil on linen, 350 × 290 cm. Photo by Carl Warner. Courtesy the artist and Milani Gallery, Brisbane. 

Richard Bell on Gordon Hookey

Australia
Also available in:  Chinese  English

غوردن هوكي يصنع فناً عظيماً

أول لقاء يجمعني مع غوردي كان في معرض فني في كوينزلاند أبوريجينال للإبداعات، وذلك في أواخر الثمانينيات، وقبل ذهابه إلى معهد الفنون. كان مشرفاً في حدائق كوينزلاند وحماية الحياة البرية. أتذكره لأنه لم يكن مشرفو الحديقة وقتئذ كثر. منذ ذلك اللقاء أصبحنا صديقين دائمين. بعد سنوات – وتحديداً عام 2004 – كان غوردي أول فنان يدعى للانضمام إلى الجماعة الفنية (الآن) التي تجمع الأعمال الفنية للسكان الأصليين في بريسبان مع جينيفر هيرد، وفيرنون اه كي، وأنا.  

ربما ستكون كتابتي عن غوردون هوكي ناقصة إذا لم أوضح بعض الأمور. قبل أقل من شهرين من موعد افتتاح معرض فني فردي كبير تواصل مع جوش ميلاني التاجر الذي يشتري أعمالنا معاً، وذلك كي يغير موضوعاً برمته من معرضه. أراد رسم لوحات عن رجال شرطة حصلوا على جوائز الشجاعة لوحشيتهم مع السكان الأصليين. لكن المعرض كان بعد خمسة أسابيع فقط. 

التقى غوردي وجوش في مطعم فيتنامي. بدأ الفنان بوضع الفليفلة اللاذعة الطازجة في وعاء النودلز من دون أن ينظر. لفت جوش نظره إلى ذلك؛ فقال الفنان: (أنا الموري من مدينة كلونكري، وأستطيع أكل أكثر الفليفلة لذاعة.. حقيقة، حقيقة كان لقبي في كلونكوري الفليفلة اللاذعة بناء على الكمية الهائلة التي أستطيع أكلها)، وتابع معرباً عن غضبه. أراد بالضبط الانتقام فنياً. حين كان يقوم بإشارات عنيفة وحادة وهو يتحدث عن الانتقام الرمزي والتعويض؛ لاحظ جوش أن وجهه يصبح أحمراً، ثم أكثر احمراراً. لم يعرف جوش إن كانت الفليفلة هي السبب، أم العاطفة. فجأة عطس غوردي، فقد علقت قطعة من الفليفلة خلف جيوبه الأنفية. سأله جوش بقلق: (هل أطلب لك سيارة الإسعاف؟). لم يتمكن غوردي من الإجابة، فأطلق نخيراً عالياً من أنفه، وانطلقت قطعة الفليفلة في القاعة. هذه الأيام، وفي أكثر الأحايين يكرر أعضاء الجماعة الفنية “الآن” عبارة: (حقيقة، حقيقة). 

القصة الثانية: كان لدينا معرض في معهد تاندانيا لثقافة شعب أبوريجينال في أديليد عام 2010. وكان غوردي دائماً يرتدي قميصاً أحمر اللون خلال افتتاح المعارض، وفي ذلك اليوم جلبت معي قميصين، أحمدهما أحمر اللون، والآخر أزرق اللون. سألني ما الذي سأرتديه. استاء عندما أريته القميص الأحمر.  بعدها جاء إلى الافتتاح مرتدياً قميصاً أسود اللون، وكان يبدو حزيناً. ومنذ ذلك اليوم لم يرتدِ غوردي قميصاً أحمراً في افتتاح معارضه أبداً.

فن غوردن هوكي مهم، وهو جريء ومرح. كان غوردي في المشهد الفني في أوستراليا منذ أوائل تسعينيات القرن الماضي، وخلال ذلك الوقت ركز على المقيمين من السكان المحليين والعالميين، مطوراً لغته البصرية، ومالئاً عشرات صفحات المذكرات اليومية بمئات الأفكار، لكن 90% منها لن ينفذها أبداً.   

أعماله الفنية قوية بصرياً ولغويا ومجازياً وثقافياً، والعديد من الشخصيات في أعماله تستند على أشخاص من واقع الحياة، لينخرط معهم في مجتمعات السكان الأصلين وحولهم. الاعتراف بها على نطاق واسع يعود إلى أن العديد من تلك الشخصيات موجودة في هذا المجتمع. وهكذا نتعرف على ذواتنا وعائلاتنا وأصدقائنا وجماعاتنا في أعماله. لكننا أيضاً نتعرف على المستعمر. 

غير أننا ندرك أن انتقاد غوردي للعالم الاستعماري الذي يحيط به متشدد لا هوادة فيه، ومنه قدم لوحات على القماش مباشرة وحيوية، وهي بالتأكيد ليست للضعفاء، ولا لأولئك الذين يفضلون أن يكون الفن خالياً من المحتوى. إن أعماله حزمة من اللكمات، محملة بصرياً، وفي كل قسم منها تقدم أفكاراً وأسئلة ومثلاً علياً. كما أن الفكاهة هي واحدة من أكثر أسلحة غوردي قوة، والتي تتمثل بحرية في جميع أعماله.     

ليست هناك أي بهرجة أو إدعاء في أعمال غوردي، ولا في حياته. وفي معظم الأحايين هو حذر ونبيل في الأوساط الاجتماعية، ويزين أعماله رداءً خارجياً وقناع سوبرمان، ليقدم لوحات مليئة بالحركة، ومشبعة بالتورية، وفاسقة أحياناً، وغالباً هي ضخمة ولا تناسب حجم صالة العرض. وهو في معظم الأحايين يحوّر الكلمات ويلعب بها، مدمراً المعاني التقليدية، ومستعيضاً عنها بإشراك لهجة أبوريجينال بالإنكليزية بشكل جديد ومتين وملهم.       

في أيار/ مايو ستكون أعمال غوردي جزءاً من معرض (حدود التخيلات) الجماعي الذي سيقام بالتعاون بين معهد بريسبان للفن الحديث، ومتحف جامعة كوينزلاند للتكنولوجيا والفنون، وفيه سيتم عرض 100 عمل تصف تاريخ الأبوريجينال في كويزلاند من وجهة نظرهم. آمل أن يرتدي قميصاً أحمر اللون في حفل الافتتاح.