تأسست الجمعية الثقافية التايوانية على يد المقاومين المعلم لو بينغ – تينغ والمفكر شيانغ وي – شوئي، وقد نشطت الجمعية بين عامي 1921 و1931، أي في الفترة التي كانت خلالها تايوان تحت حكم الاستعمار الياباني (1895 – 1945). خلال ذلك الوقت، وفي عام 1925؛ أطلقت الجمعية بيتاي ثون فريق سفر مكوّن من المختصين بعرض الأفلام ومن رواة الأفلام الصامتة، ونظمت عروضاً في جميع أنحاء البلاد. لم تكن تايوان تمتلك الموارد اللازمة لإنتاج أفلامها الخاصة بها بعد، لذلك كانت العروض لأفلام أجنبية قصيرة، لكنها لم تكن روايات مسلية، أو أفلاماً وثائقية قصيرة كالتي نعرفها اليوم في القرن الـ21، إنما كانت قطعاً بسيطة ومحايدة، مثل التنمية الزراعية في الدانمارك. وعلى الرغم من أن مبادرة بيتاي ثون لم تعمر طويلاً – حيث توقفت أعمالها عام 1927 – إلا أنها أصبحت مصدراً هائلاً للإلهام في أعمالي الإبداعية.
خلال سنوات الاستعمار كان شائعاً أن يحضر رجال الشرطة أو رجال الإطفاء اليابانيون كل الأفلام في دور السينما التي يديرها تايوانيون محليون، فيجلسون في الصف الأخير من صالة العرض، وكان برفقة أولئك الضباط اليابانيون الذين يعرفون بعض أساسيات اللغة الصينية مترجمون؛ ويعملون على مراقبة رواة الأفلام الصامتة ليضمنوا عدم وجود إثارة مشاعر مناهضة للاستعمار من خلال تضمين عبارات معينة في الشرح والرواية. ومع ذلك كان رواة بيتاي ثون يستخدمون في الحبكة التي تبدو مسايرة سياسياً مجموعة تعابير عامية أو مصطلحات باللهجة التايوانية مناهضة للاستعمار، لا يفهم معانيها سوى المشاهدين المحليين. ورداً على التفسيرات الخاصة تلك؛ كان المشاهدون يضحكون ويصفقون ويصفرون ويهتفون كذلك، ومع أن بيتاي ثون استمرت سنتين فقط، إلا أن إرثها أصبح نموذجاً أولياً في وقت مبكر لإستراتيجيات فعالة للاحتجاج الثقافي أو لفن المقاومة.
التفاعلات بين رواة الأفلام الصامتة من بيتاي ثون والمشاهدين كانت تتم من خلال الفيلم، لكن بالنسبة لي أعتقد أن التفاعل امتد إلى أبعد من مجرد صورة متحركة، فقد كان عملياً عرض وأداء.
في إحدى المرات غادر الضباط اليابانيون مقاعدهم في آخر الصالة، مبتعدين عن مواقعهم في المراقبة، ودخلوا بين حشود المشاهدين ورواة الأفلام من أجل فض مشاجرة؛ فأصبح المستعِمرون مُراقَبين من قبل المستعمَرين، وبغض النظر عن نجاح محاولات الشرطة اليابانية في فض النزاع أم فشلها؛ إلا أنهم تولوا دوراً مزدوجاً، دور المستعمر الظالم، ودور المراقب، كما أصبح المكان الذي يُعرض فيه الفيلم الصامت موقعاً لتبادل السلطة دوراً بين الظالم والمظلوم، وأيضا موقعاً تتصادم فيه الأصوات والحوار والمسرح وأشكال أخرى من التعابير الثقافية.
ربما على خلفية تلك الظاهرة انتشرت أفلام ياويان، أي النثر أو الأقوال الناقدة للحكومة التي تدور في المجتمع أو بين عامة الناس حسب التعبير الصيني. وتماماً مثلما صنع المستعمرون دعاية الصورة المتحركة بهدف "تعليم " و"تنوير" المستعمَرين، فقد كانت لدى الناس قدرة على المغالطة في تفسيرها عمداً، وعلى طريقة فريق بيتاي ثون أضافوا القليل من التخيل ببساطة، وعندئذ أتاحوا للشائعات أن تتخمر وتتضخم وتنتشر، وفي النهاية أصبح الفيلم الاستعماري منارة لمقاومة الاستعمار: فيلم ياويان.