P
R
E
V
N
E
X
T

BHUPEN KHAKHAR, Interior of a Hindu Temple III, 1975, mixed media (printed paper, paint and silver foil) on board, 116 × 90 cm. Copyright the artist’s estate. Courtesy Museum of Art & Photography, Bangalore.

صناع السِّجل

Also available in:  Chinese  English

في حفل عشاء أقيم مؤخراً كنت أجلس إلى جانب صاحب صالة يعرض لفنانين شباب من هونغ كونغ. وقد صدمني وصفه المتهكم لأحد الفنانين، حيث سمّاه (ناسخ فوتوغرافي بشري). هذا الوصف ذكرني بالفنان الراحل مارتن وونغ الذي يقدّمه هذا العدد من آرت آسيا باسيفيك، إذ كان يصف ذاته بأنه (كاميرا فورية بشرية) عندما كان في أول حياته المهنية يعمل كفنان شارع في شمال كاليفورنيا، يرسم صوراً لأشخاص خلال دقائق معدودة مقابل 7.50 دولار للصورة الواحدة.   

وبينما يُعتقد أن صناعة الفن هي نشاط خاص؛ إلا أنها في الحقيقة غالباً ما تنطوي على بحث مستفيض، وفترات من التركيز الاستثنائي، وعلى تعامل مباشر مع الوقائع التي يتجاهلها الكثيرون. 

في عدد أيار/ حزيران من آرت آسيا باسيفيك نطلع على العديد من الممارسات الفنية التي تكوّن أشكالاً مختلفة من “التسجيل” الذي لا يعتبر مجرد تكرار المظاهر على القماش الأبيض أو الورق، إنما يكشف ويوثق ملاحظات الفنانين حول المجتمع.    

نبدأ باب (ملامح) بمقابلة مع الفنان المقيم في نيويورك ألفريدو جار الذي يناقش اكتشافاته فيما يقارب أربعة عقود في صناعة اللوحة، والانقسامات الاجتماعية السياسية، ويكشف جار لمحرر مكتب أمريكا اللاتينية إنتي جويريرو عن الدافع الكامن وراء أعماله المعقدة والمشحونة عاطفياً، وعن عمله الأقل شهرة (مشروع هونغ كونغ)/ 1990- 1993؛ عن أزمة لاجئي القوارب الفيتناميين، وأحد أطول وأصعب أعماله حتى الآن هو (مشروع رواندا)/ 1994- 2000؛ الذي يروي قصة أحد أكثر أعمال العنف والإبادة الجماعية العرقية في التاريخ الحديث؛ يقول شارحاً: (كان السفر إلى هونغ مونغ وزيارة المعسكرات تأسيساً لطريقتي المتواضعة في التعبير عن تضامني مع لاجئي القوارب الذين تزايد عددهم هناك… وقد اعتبرت دائماً تلك المشاهدات المختلفة إشارات للتضامن مع مناظر المأساة).

في باب(ملامح) أيضاً نسلط الضوء على فنانين اثنين كرسا معظم حياتهما الفنية لتقديم تمثيل لأولئك الذين يعيشون على هامش المجتمع. بيوبين خاخار (1934 – 2003) المحاسب الذي تحول إلى فنان وكاتب؛ كان شخصية محبوبة في الوسط الفني والأدبي في الهند، وأعماله كانت عبارة عن تحليلات بارعة حول الطبقية، والتحولات الحاصلة في البلد الذي حصل على استقلاله حديثاً. وعلى الرغم من أنه كافح كي يكون مثليّ الجنس علناً في مجتمع يسيطر عليه الرجال إلى حد كبير في الستينيات والسبعينيات؛ فقد عُرف خاخار بلوحاته التي هي غالباً سيرة ذاتية نابضة بالحياة، وكذلك بتصويره الصريح للحياة الهندية التقليدية. في حزيران عشية إقامة معرض استيعادي في صالة تيت “مودرن”: يتابع المحرر المساهم في آرت آسيا باسيفيك تأثير خاخار الدائم على معاصريه، وعلى جيل الفنانين الشباب الذين يعملون في جنوب آسيا أيضاً.   

وبالمثل ركز الفنان الأمريكي من أصل صيني مارتن وونغ على حياة المهمشين (1946 – 1999)، فقد كان في الثمانينيات لاعباً أساسياً في المشهد الفني في منطقة جنوب شرق منهاتن من نيويورك، ومؤرخاً إخبارياً في وقت ومكان محددين. جمع وونغ بين فن الكتابة على الجدران “الغرافيتي” واللوحات التي تختبر تجربة فورة الإبداع في نيويورك مع أنها تعاني من الجريمة والمخدرات ووباء الإيدز المدمر. يكتب المحرر المساهم في آرت آسيا باسيفيك إنغريد ديوديك عن ذلك: (يبدو وونغ كفنان، وأيضاً كجامع نشيط؛ أنه يمتلك بصيرة نبوية تنفذ إلى داخل البنية المادية والعاطفية – الإنسانية الأساسية – للمجتمعات الأكثر ضعفا في مدينة نيويورك).   

وفي باب (ملامح) يقدم قيّم متحف الفن المعاصر الأسترالي آن لوكسلي تقييماً شاملاً لخمسة عقود مهنية لسيدني بول في التجريب اللوني التجريدي، بما في ذلك استكشافه غير المعروف جيداً لشبه التشكيل في الثمانينيات والتسعينيات.

وأخيراً، في عرضنا الخاص من داخل مجموعة بيرغر؛ يتأمل القيم المساعد لمتحف موري للفنون ريكو تسوباكي أعمال النحات 

المقيم في طوكيو موتوهيكو جي. أوداني، واكتشافاته للجسد الإنساني.

في باب (لمحات)؛ يزور المحرر الرئيس في آرت آسيا باسيفيك دون جي. كوهن؛ الفنانة ميكا تاجيما في مرسمها في بروكلين، ليلقي نظرة عن كثب على لوحاتها التي تترجم مادياً الأصوات إلى ألوان، اللوحات المزخرفة. بينما يقابل المحرر المساهم في بكين مايكل يونغ الفنانة الصاعدة ما كويشا المعروفة بأدائها في فيديوات مؤثرة، وكذلك بأعمال الكولاج المستوحاة من فن العمارة. فيما يرتشف سيمون فرانك الشاي في هونغ كونغ مع الفنان المتجول النيبالي التيبتي تينزينغ ريغدول، ويناقش وإياه عمله الأخير، ويبحث معه الشتات التيبتي الذي يسعى للجوء إلى الهند. وفي الختام، من دبي؛ يقابل محرر المكتب كيفين جونز القيّمة والجامعة والمحسِنة دانا فاروقي.   

في باب (مقالات) المحرر العام في آرت آسيا باسيفيك إتش جي ماسترز يكتب عن تركيا الحديثة والموضوع الأكثر قدماً بين الموضوعات التصويرية، العري. بينما يتأمل الفنان والناقد الفني أنتوني ليونغ في عينة من فن هونغ كونغ الذي قدمته دار سوذبي للمزادات في شباط/ فبراير. 

باب (مراسلات) يأخذنا إلى الدوحة، حيث تصف لنا ليسلي آن غراي مشهداً فنياً ما يزال صغيراً، لكن طموحه عالٍ، ينمو ضمن شروطه الخاصة. كما يتساءل الفنان السنغافوري هيمان تشونغ عما يمكن أن يفعله معظم الفنانين مع السياسات الثقافية السخية للبلاد التي غمرت جيله من الفنانين المحليين والقيمين والكتاب خلال العقدين الماضيين. 

في باب (وجه لوجه) المخرج السينمائي التيبيتي وفنان الفيديو شين شيان – جين يتأمل في جمعية بيتاي ثون التي لم تعمر طويلاً؛ حيث نشطت ب عامي 1921 و1931 كشكل من أشكال المقاومة القائمة على الفن في التاريخ التايواني الاستعماري.

وفي باب (حيث أعمل) وقبل أن يكتمل العدد؛ تسافر آرت آسيا باسيفيك إلى سفوح جبال حجر في السواحل الشرقية للإمارات العربية المتحدة، لتزور مرسم فنان الأرض الرائد محمد أحمد إبراهيم. بين الصخور والأخشاب والمخلفات التي جمعها في محيط منزله وساحة عمله، مع ما أبدعه من لوحات تبحث في عصور ما قبل التاريخ ومنحوتات؛ يرى إبراهيم – مثل العديد من الفنانين الذين سلط عليهم الضوء في هذا العدد – أن دوره كفنان (أن يفرز، ويعرض، ويشير إلى ما هو موجود بالفعل).