R
E
V N
E
X
T
كثيراً ما أسأل عن الفنان الذي كان أكثر تأثيراً عليّ. وكي أكون صادقاً؛ ربما كان الجواب هو يامانتاكا آي. وأعتقد أن ذلك صحيح بالنسبة للعديد من الفنانين من جيلي، وربما ليس في اليابان فقط.
آي فنان بصري، وموسيقي كان عضواً في عدة فرق موجودة في منطقة كانساي خلال الثمانينيات؛ بما في ذلك الجماعتين الصاخبتين هاناتاراش، وبوردومز، بالإضافة إلى كونه المغني الرئيس في بوردومز. وهو معروف باستخدامه الانفعالي لآلات تجريبية مختلفة، مثل مسجلة شريط البكرة المفتوحة، وغيرها من الآلات الكهربائية. موسيقاه التي يقدمها تتميز بالأغاني التي تبدو كأنها من العالم الخارجي، يرافقها رقص عنيف.
كانت رسومه قبل العصر الرقمي في الفن التصويري المطبوع والنحت مثل أغانيه، فهي إعادة تكوين محير للمعرفة الدنيوية من وجهة نظر من خارج الأرض، وكانت تلك الأعمال من بعض النواحي شديدة الدقة، وفي الوقت ذاته فوضوية مثل توحيد القضية والمعرفة والجسد المادي.
تعاون آي غالباً مع موسيقيين غربيين، مثل جون زورن، وسونيك يوث، ومنذ بدايات التسعينيات،أطلق موسيقاه وقدمها في بلدان مختلفة خارج اليابان، فهو يبدع عملاً فنياً للجميع في كل أعماله الموسيقية تقريباً، بما في ذلك تصميم أغطية أشرطة الكاسيت والأقراص المدمجة والأسطوانات، وقد ظهرت أعماله الفنية في ألبوم (Midnite Vultures) عام 1999، وكان للتصميم تأثير بصري، فكان على قدم المساواة مع غلاف ألبوم سونيك يوث لريموند بيتيبون، فضلاً عن تلك الأغلفة الخاصة بالفنانين مايك كيلي وجيرارد ريختر.
من بين العديدين الذين تعاون معهم آي كان بازل بانكس، والمقطوعة الإبداعية التي ألفها مع الفنان شينرو أوتاكي عام 1995، ومن أعمالهما عام 1996 (Donkedelico)، فجمع مراسلات الفنانين بالفاكس، وصمم غلافاً بشكل كتب المانغا التصويرية اليابانية، باعتماد معنى الانفصال لكل من (المكان، الزمان، النسيج) المتضمن في صلب وسيلة الفاكس في عالم المانغا، والتي تتبع تصوراً فريداً للزمن، وحين يتفكك المعنى والإحساس يخلق مكاناً وزماناً غير موجودين. ولم يكتمل (Donkedelico) إلا باشراف مباشر، وبحساسية ارتجالية من قبل هذين الفنانين معاً.
إن أول ما هزني حول آي كان عمله مع بوردومز بين أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات، وخاصة ألبومه الفني والموسيقى والعروض الحية. لقد كانت غامضة لكنها مألوفة داخلياً على نحو ما، فقد كان فنه أول شيئ يشعرني بجسدي بدلاً من عقلي، وكان تجربة لم أستطع فهمها، وفي ذات الوقت كنت مندهشاً بها، مثل مشاهدة مهرجان أو رياضة من كوكب غير معروف، فكان قوة تدميرية ضد الواقع.
ولأن هذا الأمر حدث قبيل زمن الإنترنت؛ فإن الغموض والأسطورة اللذين أحاطا بعمله استمرا بالنمو في ذهني. صحيح أني لم أشاهد هاناتاراش الفرقة التي كان معها قبل بوردومز أبداً، لكني سمعت إشاعات فظيعة عنه، مثل أنه هدّم صالة للموسيقى الحية بحفارة، أو لوّح بمنشار على خشبة المسرح. فانحفر ذلك في ذهني كسؤال حول ما يجب أن يكون عليه الفن؟ منذ أواخر التسعينيات وحتى عام 2000؛ قدم آي عروضه بنشاط مع فرقة بوردومز، وخلال تلك الفترة كنت طالب جامعة، وحضرت كل عروضهم تقريباً في اليابان.
بعد إصدار ألبومهم عام 1998 (Super Are) بدأوا بالانتقال من أعمالهم الصاخبة ومن جماليات تحاكي الكولاج إلى أعمال أكثر روحانية واحتفالية، وأصبح تشكيل الفرقة أكثر مرونة، فقد قللوا من إصدار الألبومات الموسيقية، وركزوا أكثر على عروضهم ونشاطاتهم. أعتقد أن هذا التغيير في الفرقة عكسه ظهور الإنترنت، فمنذ أواخر عام 2000 وما بعد تميزت فرقة بوردومز بعروضها التجريبية التي يشترك فيها العشرات من قارعي الطبول أو عازفي الغيتار، ومن بين تلك المشاريع الكبيرة كان “بودرم” الذي ظهر فيه أداء 77 طبلاً في بروكلين بريدج بارك في نيويورك في 7 تموز/ يوليو 2007، و88 طبلاً في متحف منطقة لوس أنجلوس للفنون في 8 آب/ أغسطس 2008. وقد كانت هناك عوامل رئيسة مثل النظام والطبيعة والإيقاع والزمن ومختلف الحساسيات العاطفية والجسدية لكل الأفراد المشاركين، فكلها اجتمعت لتبدع اتجاهاً جديداً قوياً.
كان يغير الشكل والنوع بحرية حسب مراحله الزمنية، سواء كان يعمل بمفرده، أم بالتعاون مع الآخرين، أو كجزء من جماعة كبيرة. إن أعمال آي شديدة الصلة بعالم اليوم، والعلاقة بين أعماله وأعمال معاصريه في بقية العالم وتأثيره على أجيال الشباب؛ هي موضوعات يجب أن يعاد النظر فيها على ما أعتقد، وربما ما يثير الاهتمام أيضاً تدريس أعماله في سياق “ما قبل الإنترنت وما بعده”، أو على ضوء علاقته بتاريخ الفن الياباني.
وبداية؛ فإن أمنيتي إقامة معرض في أي متحف كبير في العالم، لأستطيع مشاهدة كل لوحات آي ومنحوتاته وتسجيلات عروضه في مكان واحد.