أهلاً وسهلاً بكم في ألماناك؛ مجلة آرت آسيا باسيفيك مع خلاصات وافية عن أكثر النشاطات الفنية تميزاً، والتي أقيمت عام 2015، وعما نتطلع لتحقيقه خلال عام 2016. بالإضافة إلى ذلك سنسلط الضوء على 53 بلداً تشكل بصمة نشاطنا، وتطوير عمل ألماناك لتشمل بقية دول العالم أينما كان يعمل الفنانون في آسيا والباسيفيك والشرق الأوسط، وأينما كانت تعرض أعمالهم، أو يتم تداولها ونقدها. ومثلما ينمو تأثير ونشاط أولئك الفنانين؛ فإن ألماناك تنمو أيضاً.
ألماناك هذا العام تميز سنتنا الـ11 في ذاك المسعى الخاص، وترشدنا لدخول العقد الثاني من هذا المشروع الضخم. إن ما بدأنا به كمحاولة لتتبع منهجي لكل النشاطات الفنية في المنطقة، ولرسم خريطة للشبكات الديناميكية بين الجيران القريبين والبعيدين؛ أصبح أداة فعالة لتحديد التغير مع مرور الوقت، ومتابعة الناس والمؤسسات والمنظمات والأعمال التي تؤثر في عالم الفن، وكذلك الإحصاءات المتعلقة بتمويل الفن، والتعليم، وحتى الاقتصاد، وقد أصبحت ألماناك سجلاً لنقد نظم الفن الإيكولوجية في زمن التحول. وعندما نتطلع إلى الوراء، أي إلى عقد من الزمن، مذ كنا نشرع بإصدار العدد الأول عام 2005؛ فلا يمكننا إنكار مدى التغييرات التي طرأت على المشهد الفني في العديد من البلدان، سواء كان نحو الأفضل أم نحو الأسوأ.
سريلانكا، على سبيل المثال؛ تدخل مرحلة جديدة من تاريخها، مع مزيد من الانفتاح على التعبير الشخصي، وتقليص الرقابة التي تبشر الجماعات الفنية هناك بالخير. وعلى الرغم من أن الحرب ما تزال تعصف بسوريا؛ فمن الملاحظ أن عدداً من المؤسسات والفنانين قد استمروا في الحياة، محافظين على أبوابهم مفتوحة، ومحافظين على ممارسة الفن التي تتم بكاملها على الإنترنت، أو حتى تحت الأرض، وأعمال ضئيلة منها تشاهد خارج البلاد. وكما هو الحال مع أكبر دول المنطقة؛ تقدم الصين صورة مختلطة، فهي تشهد ازدياداً في عمليات دهم للنشاطات الاجتماعية والحد من حرية استخدام الإنترنت التي تؤثر بشكل غير مباشر على عالم الفن، وفي حملات محاربة الفساد التي بدورها أثرت على جوانب معينة لسوق الفن.
إن ما يجعل العملية المعقدة لتجميع مواد ألماناك أمراً ممكناً؛ هو تضافر جهود المحررين والمساهمين الذين ينتشرون حول العالم، والذين تواصلوا مع تلك البلدان وعرفوها معرفة نابعة من تجاربهم ومقابلاتهم مع أشخاص مؤثرين ومشاركين نشطاء. إن تقصي الحقائق وجمعها ومعرفة الأشخاص ووجهات النظر التي تعكس بدقة عالم الفن عبر العالم من تركيا إلى تاسمانيا ومن بيونغ يانغ إلى بوندشيري؛ يتطلب صبراً من نوع خاص، وحضوراً وفطنة يمكن شحذها فقط برحلات جريئة إلى صالات العرض، والتمعن في المطبوعات والدراسات، والسعي نحو بحث دقيق على الإنترنت.
تصميم غلاف هذا العدد أبدعته المسؤولة الفنية مارتا غروسي، وتصويرها من قبل مصممتنا جين كووك هو انعكاس لهذه العملية. وفي حين أن العالم صغير؛ فإن هناك العديد منهم، مع مشاهد فنية لا تعد ولا تحصى من وجهات النظر المتنوعة لذوي الجبرة. إن محاولتنا في ألماناك هي أن نجمع كل هؤلاء في مكان واحد.
هناك العديد من المطلعين على عالم الفن تتحول أجواؤهم الداخلية إلى الخارج، فيشاركون برؤاهم الخاصة في نطاق تخصصهم. جوزلينا كروز مديرة وقيّمة متحف الفن المعاصر والتصميم في مانيلّا توزع بطريقة دقيقة المعارض الحالية لفنانين من جنوب آسيا، والتي تكشف النضج المتنامي لهذا المضمار. ويحدد الفنان راشد رانا من لاهور التطور الحاصل في جنوب آسيا، وخاصة المبادرات الأخيرة لإنشاء مهرجانات ثقافية محلية، والمعرض المتميز المشترك للهند وباكستان في بينالي البندقية حيث عرض مع شيلبا غوبتا.
في السنة التي شهدت توقيع الاتفاق التاريخي حول برنامج إيران النووي بين الحكومة الإيرانية والقوى العظمى في العالم؛ تروي من طهران نازيلا نويباشاري المقتنية والقيّمة والمتخصصة بالعرض كيف أثر انفتاح إيران على العالم على المشهد الفني هناك، حيث زاد عدد صالات العرض والمعارض والتعاون العالمي بين الفنانين والمؤسسات الفنية، والفضل يعود إلى تقليص الرقابة، والرفع التدريجي للعقوبات على التجارة.
كوسمين كوستيناس المدير التنفيذي والقيّم في بارا سايت الطليعية وغير الربحية في هونغ كونغ؛ يتحدث عن العام المحوري للمؤسسة بانتقالها إلى أماكن العمل التي تليق بمكانتها، وبما يتيح لها إقامة معارض من نوع جديد. وفي أكثر اللحظات مكاشفة مع الذات يكتب فنان مونو- ها الياباني كيشيو سوغا: (أنا أستوحي من كل أنواع الأشياء، الأشجار، الحجارة، الصخور، وعندما أنظر إليها أفكر في المساحات المتداخلة بينها، وفي حالاتها، وفي طبيعة وجودها). هذه الكتابة يمكن أن تكون ببساطة شعار ألماناك في الماضي والحاضر والمستقبل. ويستمر قائلاً: (إن تحقيق صدى مع وجهات نظر الآخرين وأفكارهم؛ أمر صعب للغاية، لكن إذا لم يفعل المرء ذلك فإنه لا يستطيع توسيع نظرته للعالم).
ترديداً لمعتقدات سوغا؛ فإن محرري آرت آسيا باسيفيك يعتقدون أن ألماناك ستخدم الفنانين والقيمين وأصحاب صالات العرض والنقاد والأكاديميين ورعاة الفن والمقتنينن، وليس فقط الآن، إنما في المستقبل البعيد أيضاً، وستعمل على اكتشاف الفن، وإعادة اكتشافه في هذا الجزء من العالم.