P
R
E
V
N
E
X
T

YANG FUDONG, No Snow on the Broken Bridge, 2006, 35 mm film transferred to DVD. Courtesy the artist and ShanghART Gallery, Shanghai, and Marian Goodman, Paris/New York.

لا ثلج فوق الجسر المكسور

يانغ فودونغ

Sherman Contemporary Art Foundation
Australia China
Also available in:  Chinese  English

إن أفضل ما توصف به أفلام “يانغ فودونغ” هو زهدها في التأنق، وتنوع إستراتيجيات القص التي تستخدمها، وقد شكّل (لا ثلج فوق الجسر المكسور) في مؤسسة “شيرمان” للفن المعاصر نظرة ثاقبة ورصينة على زوج من الأعمال الأساسية للفنان الصيني الأربعيني الشهير، حيث زاوج المعرض الذي بدا أخاذاً في اهتمامه بالتصميم وبالحاجات الأساسية للأعمال المعروضة بين (لا ثلج فوق الجسر المكسور)/ 2006، وهو سلسلة مكونة من 8 شاشات موضوعة بشكل نصف دائري في صالة العرض الرئيسة في المؤسسة، وبين ( 7 مثقفين في غابة خيزران)/07-2003 المعروض في شاشة واحدة موجودة في مسرح المؤسسة.

يرفض “فودونغ” أسلوب القص الخطي، وباستفادته من الأدب والفلسفة والفن الصيني التقليدي يخلق كولاجاً من الصور التي تتحرك باتجاهات متعددة في ذات الوقت، أما الخيوط البصرية فتتجول فيما بينها أو بين الشاشات المتعددة، مولدة حلماً خيالياً يتباطأ فيه الزمن والتفاصيل الصغيرة مثل ورقة شجر تنحدر مع المياه، فتكتسب أهمية حين تتحرك الكاميرا من خلال آفاق بعيدة، ويكشف أسلوب “فودونغ” التأملي والمسرف في طبقاته عن تمرسه الأصلي في الرسم، والذي كان طريقه قبل أن يتحول نحو عمل الأفلام في نهاية تسعينيات القرن الماضي، ويمكن للمرء قراءة الاشتباك الحالي مع العولمة في الصين اليوم في جمع الفنان بين التراث والحداثة.

يستلهم عمل (لا ثلج فوق الجسر المكسور) عنوانه من منظر سياحي شهير فوق البحيرة الغربية في “هانغتشو” الذي يشار إليه غالباً بـ"الثلوج العالقة فوق الجبل المكسور"، والمدينة ـ بالنسبة للفنان ـ يغلفها حنين نابع من كونها المكان الذي قضى فيه سنواته التأسيسية طالباً في أكاديمية “جيغيانغ” للفنون ـ أكاديمية الصين للفنون حالياً ـ وذلك بين عامي 1992و1995، ويشير الفنان في كاتالوج المعرض إلى شهرة “هانغتشو” بمنظرها الجبلي الساحر، تلك السمعة التي تتأكد مجدداً في النسخة النهائية من العمل، والفيلم المصور بالأبيض والأسود 35 مم يجمع بين مشاهد وشظايا سردية لا يكاد يربطها رابط، في حين تُرك تأويل العمل للمشاهدين.

في الدقائق الـ11 الأولى من الفيلم يظهر 8 شبان وشابات يمشون بلا هدف، مبدين دهشتهم بالبيئة المحيطة بهم. ومع أن انعدام الأحداث الكبرى في الفيلم قد يغلف الواحد منا بإحباط نظرا لغياب الحلول السردية، فإن ترقب النهاية والحنين إليها هو ما يربط خيوط الفيلم، يشرح الفنان: “المهم هو ما يحدث داخل قلوبهم وعقولهم”، ومع ذوبان الجليد فإن حلول الربيع يصبح كناية عن الآمال المتفتحة ومثاليات أبطال الفيلم، وثمة خاصية رثائية في الفيلم تغلفه بنوع من النوستالجيا  الذي يظهر من خلال ارتداء الممثلين أردية صينية تعود إلى القرن الـ 17، إلى جانب ارتدائهم بدلات حديثة، ومع أن كلا الجنسين ظهرا في الفيلم بمظهر الشخصيات الأنيقة “دانديز” التي تعود إلى عشرينيات القرن الماضي إلا أن الفيلم بشكل عام متجذر تماماً في الوقت الحاضر. وما يلفت الانتباه في (لا ثلج) التشابه بين أبطاله وبين الأجيال الشابة المعاصرة في الصين، إذ ينجرف كلاهما بين الماضي والحاضر بحثاً عن مكان ما في صين تتطور سريعاً.

أما عمل ( 7 مثقفين في غابة خيزران) فيأخذ عنوانه من حكاية فلكلورية اسمها “7 حكماء لبستان الخيزران”، وحسب الحكاية يتجمع في القرن الـ3 بعد الميلاد مجموعة علماء وفنانين وموسيقيين طاويين في بستان خيزران، ويستمتعون بأعمال بعضهم، وذلك في محاولة منهم للهروب من الحياة اليومية، وقد قُدِّم العمل الذي أُنجز في 5 أجزاء على مدى 5 سنوات على شاشة واحدة في مؤسسة "شيرمان"، بحيث يعرض جزء واحد كل أسبوع حتى نهاية المعرض، والفيلم يتبع 7 شخصيات خاب أملها في الحياة المدنيّة وهم يشرعون بتغيير هوياتهم والانتقال إلى قرية ريفية، ثم إلى جزيرة معزولة، ثم يعود المثقفون في الجزء الأخير إلى المدينة، مقتنعين بأنهم ينتمون إليها، وآملين أيضاً بتجاوز خيبة أملهم منها.

يصف “فودونغ” انتهاءه من ( 7 مثقفين في غابة خيزران) بنقطة تحول في مساره، إذ أصبح لدى أعماله اللاحقة أطر مرجعية أكثر صراحة، وقد صور في سنة 2007 فيلماً مثيراً عنوانه ( شرق قرية كوي)، وفيه يتحدث عن كلاب برية جائعة تعيش في مناطق مهجورة شمال الصين، وهو بذلك يسلط الضوء على حاضر بائس عوضاً عن اللجوء إلى ماض مثالي، يقول الفنان: “لم يعد بإمكاني عمل أفلام بذات الشعور الطوباوي، ما يشغلني في أعمالي هو كيفية إعطاء عمق لما أقوم به”، وبمعنى ما فإن مسيرة “فودونغ” الفنية تعكس مسيرة أبطال أفلامه، إذ يجلب لهم نضوجهم عمقاً ووعياً أكثر حدة بالحياة، والتحدي القادم هو أن نحافظ على الشجاعة الحالمة في واقع اجتماعي جديد، وقد شكل المعرض بطاقة مرور مخلصة تنقل “فودونغ” نحو مستقبل كذاك.

Ads
SAM CHRISTIE"S David Zwirner Artspace